ربطت أحزاب المعارضة السودانية الرئيسة بين مشاركتها في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة العام المقبل، وتسوية أزمة دارفور وإلغاء القوانين المقيدة للحريات. وأمهلت الحكومة حتى منتصف تشرين الأول (أكتوبر) المقبل لتحقيق هذه المطالب، وإلا فإنها ستقاطع الاستحقاقين.وعقد زعماء أحزاب «الأمة» الصادق المهدي، و «المؤتمر الشعبي» الدكتور حسن الترابي، و«الشيوعي» محمد إبراهيم نقد، وقادة أحزاب معارضة أخرى، اجتماعاً أمس حضره رؤساء تحريرالصحف. وناقشوا أوضاع الحريات والانتخابات المقبلة. ودعوا إلى عدم اعتماد نتائج التعداد السكاني أساساً لتقسيم الدوائر الانتخابية. وطالب الرئيس الدوري لتحالف المعارضة صديق يوسف، ب «حل مشكلة دارفور وإلغاء القوانين المقيدة للحريات قبل منتصف تشرين الأول حتى يتسنى لنا خوض الانتخابات العامة»، موضحاً أن أعضاء التحالف سيطلعون «الحركة الشعبية لتحرير السودان» الشريك الثاني في السلطة، و «الحزب الاتحادي الديموقراطي» برئاسة محمد عثمان الميرغني على موقفهم، كما سيبعثون رسالة إلى مؤسسة الرئاسة لمناقشة القضايا المقيدة للحريات وأزمة دارفور مع قادة الأحزاب السياسية والتوصل إلى حلول في شأنها. ودعا رئيس حزب «المؤتمر السوداني» إبراهيم الشيخ الذي استضاف اجتماع المعارضة في مقر حزبه في أم درمان إلى تطبيق اتفاق السلام والدستور الانتقالي، معتبراً أن التوافق بين شريكي الحكم «يجلب مصلحة عامة»، لكنه أشار إلى أن المرحلة التي تمر بها البلاد «تقود إلى الفرقة والانفصال». واتهم «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم بوضع عراقيل أمام تنفيذ الاتفاق. وبعث التحالف المعارض بمذكرة إلى المفوضية القومية للانتخابات ورئيس مجلس الأحزاب والمدير العام لقوات الشرطة، تطالب بإصدار مرسوم يجمد القوانين المقيدة للحريات، وإيجاد آلية عادلة، بمشاركة المفوضية والقوى السياسية، لحل مشكلة التعداد السكاني الذي تشكك فيه معظم القوى السياسية في البلاد. إلى ذلك، اتهم مستشار الرئيس مصطفى عثمان إسماعيل إسرائيل بالعمل على زعزعة الاستقرار في أقليم دارفور. وأكد أن أزمة الإقليم «صُنعت بأصابع إسرائيلية... وهذه الأصابع مازالت تعمل علي نسف الاستقرار في المنطقة». وتوقع خلال مخاطبته مؤتمراً في الخرطوم أمس، التوصل إلى تسوية سياسية لأزمة دارفور قبل نهاية العام الحالي. وكشف أن خطة حكومته تسير عبر ثلاثة محاور، سياسي، وإنساني، وأمني، مشيراً إلى أن الخرطوم تسعى بكل ما تستطيع إلى معالجة القضية. وشن هجوماً عنيفاً على وسائل الإعلام الغربية، وقال إنها تعمل على رسم صورة مشوّهة عن الوضع في السودان. وسخر من حديث الإعلام الغربي الذي صوّر قضية دارفور على أنها أسوأ كارثة إنسانية في العالم. وقال إنه يغض الطرف عن المجازر التي تحدث في كثير من البلدان. ورأى أن الدول الغربية حاولت إسقاط نظام حكم الرئيس عمر البشير عبر محاولات عدة، لكنها كانت فاشلة. وأوضح أن «الغرب بدأ بالعمل العسكري عن طريق ضرب مصنع الشفاء للأدوية في الخرطوم في عام 1998، ثم صنع أزمة دارفور، وبعد فشل محاولاته، لجأ إلى المحكمة الجنائية الدولية العنصرية التي تقاضي الأفارقة وتغض الطرف عن الإسرائليين». من جهة أخرى، أكد رئيس «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور خليل إبراهيم تمسكه بخيار السلام. وعزا تعثر عملية السلام والحوار إلى تعنت الحكومة وعدم توافر الإرادة السياسية لدخول المفاوضات. ونفى خليل أمس في تصريح من العاصمة الليبية طرابلس التي يزورها، ضعف حركته، وقال إنها «شهدت انتظاماً من كل القوى في دارفور واقليم كردفان المجاور وأقاليم السودان الأخرى»، معتبراً أن الحديث عن ضعفه «يردّده أفراد ليس لهم وجود فعلي إلاّ عبر هواتف نقالة وبيانات على الإنترنت». وأضاف أن حركته «نفذت برامج غاية في الأهمية تجاه المصالحات بين القبائل المختلفة في دارفور وكردفان، فضلاً عن اندماج أكثر من 19 مجموعة في صفوفها»، مشيراً إلى أن الوفد الذي يرافقه إلى طرابلس يضم أكثر من 85 شخصاً يمثلون اتجاهات مختلفة في دارفور وكردفان. وأكد أن جولة المفاوضات المرتقبة مع الحكومة «ستبدأ من نقطة متقدمة إذا توافرت إرادة لدى الطرف الآخر»، مبيناً أن «ليبيا وقطر تبذلان جهوداً مقدرة لتحريك جمود عملية السلام»، لكنه هدد بأن لدى حركته «خيارات أخرى لتحقيق السلام إذا ما تعنت النظام الحاكم في الخرطوم». وأعلن استعداد حركته للتعاون مع كل الحركات والفصائل الأخرى من أجل إنجاح مساعي ليبيا لتسريع عملية السلام في إقليم دارفور. ودعا الحركات الدارفورية كافة إلى «التعاون والتوحد وجعل موقفها التفاوضي موحداً». وقال: «تم الاتفاق على أن تعمل كل الأطراف ما يلزم في شكل جاد، بمساعدة ليبيا، خصوصاً في ما يتعلق بتوحيد الحركات واتخاذها لموقف واحد في التفاوض مع الحكومة السودانية». يُشار إلى أن طرابلس رعت خلال الأسابيع الماضية سلسلة من الاجتماعات بين أطراف الأزمة في دارفور في محاولة للتوصل إلى حل سريع للأزمة.