في كتابه الأول «الطريق إلى سينما 25 يناير»، الذي صدر ضمن سلسلة آفاق السينما – الهيئة العامة لقصور الثقافة، يتناول الكاتب محمد بدر الدين بالنقد والتحليل التجارب السينمائية التي تعدّ الإرهاصات الفنية لثورة 25 يناير في محاولة للربط بين علاقة السينما ونبض الشارع والجماهير. يتكون الكتاب من أربعة أبواب حيث أولها يتناول حديث الثورة في السينما المصرية حتى مشارف سينما 25 يناير -30 يونيو وبداياتها، فيرى أن «الثورة هي أعلى مراحل التغيير»، و «كل مرحلة ذروة في التغيير السياسي والاجتماعي لمجتمع ما تعني ثورة»، وهذه المرحلة (الذروة –الثورة) «تشمل بالضرورة تغييراً جذرياً مماثلاً ثورياً في الثقافة والفنون». ويقول: «ارتبطت ثورة 1919 بنهضة شاملة على صعيد الثقافة والإبداع، أما الافلام السينمائية التي عالجت تلك الفترة فقد رأيناها في افلام سينما الخمسينات والستينات من القرن الماضي التي استندت إلى الأدب وخصوصاً أدب نجيب محفوظ الذي كتب في فترة الأربعينات، أي قبل ثورة 23 تموز (يوليو) 1952 حيث جرى تناول مجتمع ثورة 1919 في روايات «القاهرة الجديدة» و«بداية ونهاية» و«خان الخليلي» و«زقاق المدق» واختتم ذلك بالثلاثية («بين القصرين» – «قصر الشوق» - «السكرية»). كما قدمت السينما المصرية أفلاماً أخرى مثل «يوميات نائب في الأرياف» لتوفيق الحكيم و«البوسطجي» ليحيى حقي و«الحرام» و «لا وقت للحب» ليوسف ادريس و«في بيتنا رجل» و«أنا حرة» لإحسان عبدالقدوس وكذلك «رد قلبي» ليوسف السباعي. ويقسم بدر الدين تلك المرحلة إلى ثلاث مجموعات رئيسة، هي: أولاً: سينما عن مصر ما بين الثورتين 1919-1952 والتي أُنتج معظم افلامها خلال الفترة من 1952 وحتى 1970. ثانياً: سينما ثورة يوليو والتي تناقش مرحلتها وأشهر أفلامها («رد قلبي» - «الله معنا» - «بورسعيد» - «لا تطفئ الشمس») وأخيراً «ناصر 56». ثالثاً: سينما ما بعد ثورة يوليو 1952 وحتى قيام ثورة 25 يناير 2011، أي السينما التي قدمت في الفترة من 1974 وحتى 2011 (فترة حكم مبارك) ومنها أفلام «البداية» لصلاح أبو سيف و «عودة الابن الضال» و «هي فوضى؟» ليوسف شاهين و«على من نطلق الرصاص» لكمال الشيخ و«اهل القمة» و«الجوع» لعلي بدرخان، وصولاً الى «عمارة يعقوبيان» لمروان حامد و«قص ولزق» لهالة خليل و«ليلة سقوط بغداد» و«بنتين من مصر» لمحمد امين و«عين شمس» لإبراهيم البطوط وعشرات من الأفلام غيرها. وفي الباب الثاني، يلقي بدر الدين الضوء على ما يسميه «أبعاداً سينمائية في قضية الثورة» سواء كانت سينما روائية أو سينما تسجيلية. أما في الباب الثالث فيقدم المؤلف أفلام 25 يناير الروائية والتسجيلية ونماذج منها مثل فيلم «اسمي ميدان التحرير» - تسجيلي مدته 46 دقيقة - للمخرج الشاب علي الجهيني ومن إنتاج قناة النيل للأخبار، وأيضاً الفيلم التسجيلي «جمعة الرحيل» للمخرجة منى عراقي. أما على صعيد السينما الروائية فنجد فيلم «بعد الموقعة» للمخرج يسري نصر الله الذي يعد اول فيلم روائي طويل عن ثورة 25 يناير 2011. بينما قدم المخرج إبراهيم البطوط ثاني فيلم روائي طويل «الشتا اللي فات» في العام 2013. ويرى بدر الدين أن هناك فرقاً بين الفيلمين، فيلم «الشتا اللي فات» من الواضح أن مبدعيه كانوا في خضّم الثورة، بينما فيلم «بعد الموقعة» كان صناعه مع أو إلى جانب الثورة والفرق واضح بين «في» و «مع»، وفق رأيه. وأخيراً، في الباب الرابع يقدم المؤلف تعليقات على أفلام روائية مثلت إشارات و «أحياناً بشارات» تصل إلى درجة التوقع أو الاستشراف لقيام الثورة أو على الطريق إلى قيام ثورة 25 يناير -30 يونيو مثل «عودة الابن الضال» ليوسف شاهين ويراه «فيلماً متجدد النبوءات» كما يقول. كما يكشف الصراع على مصر في فيلم «طيور الظلام» للمخرج شريف عرفة بخاصة المشهد الأخير من الفيلم حين تصبح الكرة بين أقدام طرفي الصراع (الحكومة والجماعات الإسلامية) عبر السؤال الذي يطرحه: من منهما سيسيطر على البلاد والكرة وقواعد اللعبة في نهاية المطاف؟ ولا يفوت المؤلف أن يكتب عن فيلم «هي فوضى؟» ونبوءة يوسف شاهين بقيام الثورة ضد الظلم والاستبداد وكأنه يقول إن لكل عصر ودولة وثورة أسماء ورموزاً وعناوين في كل مجال.