مثلما تفعل السيدات عادة، ارتدت مجلة «ذا ليدي» (السيدة) الأسبوعية البريطانية، حلة زاهية قشيبة تحاكي العصر وتواكب متطلبات قرّائها وغالبيتهم من الجنس الناعم. والمجلة المتخصصة بعالم المرأة وقضاياها، كما يدل اسمها، تعتبر إحدى أقدم المجلات البريطانية، إذ يعرفها سكان المملكة المتحدة منذ 124 سنة. لئلا تشيخ ويصيبها الشيب، قررت «ذا ليدي»، التي تأسست عام 1885 إجراء عمليات تجميل «جراحية» كي تجذب مزيداً من القراء إلى صفحاتها التي تعنى عادة بوصفات الطعام وقواعد التصرف، إضافة إلى إعلانات مبوبة عن وظائف للطباخين والخدم... والمربين. ولم يقتصر التغيير على شكل المجلة، بل تعداه إلى المضمون الذي أصبح أكثر تلبية لحاجات المرأة العصرية. وشكلت القفزة الأخيرة جزءاً من الخطط الطموحة التي يعتمدها الناشر الجديد للمجلة بن بادوورث، وهو ابن حفيد مؤسس المجلة. وكان بادوورث (44 سنة) تسلّم إدارة مجلة «ذا ليدي» في العام الماضي، بعدما كان مدرباً لقادة الطائرات المروحية في فلوريدا. وفور تسلمّه مهامه الجديدة، انكب على وضع تصوّر جديد من شأنه ان يوسّع من شريحة قراء المجلة التي كان يغلب عليها الطابع الكلاسيكي الهادئ، انطلاقاً من «حرصنا على ألّا أن نكون المكان الذي يتمّ فيه الإعلان عن وظائف خاصة بالخدم وبعمال الحدائق فحسب»، بحسب تعبيره. ويقول: «يجب أن نكون مسلّين ولافتين في المواقع التي اعتُبرنا فيها غير مجدين وغريبين». وتعتبر مجلة «ذا ليدي» البريطانية معروفةً في أوساط البريطانيين، على رغم أنها لم تعد مقروءة على نطاق واسع. ومعروف أن العائلة الملكية كانت تنشر فيها الإعلانات للبحث عن فريق خدم. أما مكاتبها التي أصبحت معلماً من معالم مدينة لندن، فتقع في مبنى مطلي بلون فاتح في حديقة «كوفنت». والأعداد السابقة ل «ذا ليدي»، والمعروضة على نافذة المبنى، تظهر مدى الرتابة التي كانت تطغى على المجلة. فما من فارق كبير بين العدد الصادر عام 1939، والذي يُظهر عارضة أزياء ترتدي ثوباً مطبّعاً، والعدد الصادر عام 1978 بالأسود والأبيض والذي يضمّ موضوعاً متعلقاً بجمال المرأة وآخر عن شارلز داروين. ويضم مبنى المجلة متاهة من الأروقة وسلالم تؤدي إلى طابق أرضي يحتوي على حزم من أرشيف المجلة. وفي الطابق الأعلى، ثمة غرفة مريحة لفريق العمل يُسمح فيها بالتدخين، على رغم أن قوانين المملكة المتحدة تحظر التدخين في مكان العمل، فضلاً عن غرفة اجتماعات تضمّ صورة مؤسس المجلة توماس جيبسون بولز، وهو سياسي وصحافي أطلق النسخة البريطانية من مجلة «فانيتي فير». ولفت أدريان مونك، وهو رئيس البرنامج الصحافي في جامعة «سيتي» في لندن، إلى ان المجلة «تعيدنا بالذاكرة إلى قرن آخر»، معتبراً «بقاءها حتى الآن بمثابة معجزة». وعلى رغم أن «ذا ليدي»، صمدت طوال السنوات ال 124 الماضية، فإنها لم تحقق نجاحاً باهراً خلال العقدين الأخيرين. إذ توزع 30 ألف نسخة أسبوعياً، أي أقل من نصف الأعداد التي وزّعت في أوج ذروتها. ويعتبر بادوورث أن، بخطته الجديدة، قادر على مضاعفة مبيعاتها خلال عام على رغم الأزمة الاقتصادية، لأنها «تملك إمكانات هائلة لم تُستثمر بعد». قد يكون بادوورث محقاً في ذلك، إذ تشكل النساء اللواتي تخطّين عتبة ال 45 من العمر هدفه لكونهنّ أصبحن سوقاً ناشئةً بالنسبة إليه، وذلك مع عودة الأنشطة التقليدية بدءاً من الطهو وصولاً إلى الخياطة، بفضل أزمة الائتمان التي أجبرت البعض على العودة إلى الأمور الأساسية والتقليدية. وكي يعلو بمجلته إلى مركز أعلى في سلم المجلات النسائية، ضم بادوورث إلى أسرة تحرير «ذا ليدي»، أسماء صحافية بارزة في هذا الميدان، مثل سارة كيندي التي عملت سابقاً في مجلتي «ماري كلير» و «كوزموبوليتان» الشهيرتين. وأجرى بادوورث المتعطش إلى جذب «الجمهور المستقر والثري والمهتم بالسفر وبأعمال الحديقة والكتب»، استطلاعاً حول المجلة، فاكتشف أن متوسط عمر قرّائها يبلغ 78 سنة. وتنشر المجلة مقالات تتناول مواضيع خاصة برياضة المشي وركوب الدراجات الهوائية والاستجمام وأعمال الحديقة و «سنوات الفراغ» بالنسبة إلى النساء اللواتي تخطين سن الخمسين. ويؤكد بادوورث انه «على رغم إجراء تغييرات واسعة في المجلة، فإن بعض الأمور لن تتغير بلا شك». وتعهد بأن «ذا ليدي»، لن تتناول أي موضوع يتعلق بالجنس والمشاهير و «القيل والقال»، بالقول: « لن أستخدم يوماً موضوع الجنس كي أبيع المجلة، لأن «ذا ليدي»، أكبر من ذلك بكثير».