أفادت مصادر في الجزائر امس، بأنها قد تجدد اقتراح تشكيل قوات شبيهة ب «مجالس الصحوات» في العراق، لمواجهة الإسلاميين في شمال مالي، وذلك خلال جولة محادثات جديدة مع منشقين عن حركة «أنصار الدين» الإسلامية وممثلين لحركة «تحرير أزواد» الطوارقية اللتين تتمركزان في شمال مالي. في غضون ذلك، أعلنت مصادر متطابقة في باماكو عاصمة مالي، أن الجنود الماليين والفرنسيين استعادوا ليل الخميس - الجمعة، بلدة هومبوري، على الطريق المؤدية إلى غاو كبرى مدن شمال مالي التي يسيطر عليها إسلاميون. وأفاد مصدر في الجزائر بأن السلطات قد تسعى إلى إقناع المنشقين عن «حركة أنصار الدين» بفكرة «الدفاع الذاتي» الذي اعتمدته الجزائر في التسعينات. وعاد المسؤولون الجزائريون إلى درس اقتراح تشكيل «صحوات» تعمل بإمرة الجيش المالي، مخافة ألا يؤدي التدخل العسكري الفرنسي إلى «حسم سريع» للأزمة. وأبلغ مصدر جزائري بارز «الحياة» أن «أنصار الدين» و»حركة تحرير أزواد»، تلقتا عبر وفديهما اللذين زارا الجزائر عشية التدخل الفرنسي، اقتراحات حول كيفية «تأمين كبرى المدن» في شمال مالي، على أن تؤول المهمة إلى فرق تتبع التنظيمين وتشبه «مجالس الصحوات» في العراق. وأضاف المصدر أن «الفريقين وافقا مبدئياً على الفكرة لكن تنظيم أنصار الدين أبدى تحفظاً عن عدم قدرته على فرض الخيار على عدد من مقاتليه». ولا يبتعد خطاب «أنصار الدين» كثيراً عن إيديولوجيا تنظيم «القاعدة»، لكن الحكومة الجزائرية لم تنعته ب «الإرهاب». وهي ناقشت الفكرة مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، فتحفظت بسبب شكوك في «ولاء» حركة «أنصار الدين»، ورأت أن «من الضروري تقدير حجم المسافة الحقيقية بين الحركة وتنظيم القاعدة». ولاحظ أمنيون جزائريون هوة بين قادة الحركة ومقاتليها، ما جعلها غير قادرة على فرض خيار السلم من جهة، والدخول في حرب ضد «القاعدة» من جهة أخرى. وتأسست «أنصار الدين» بقيادة الزعيم القبلي التاريخي إياد أغ غالي الذي استقطب المقاتلين الطوارق في «القاعدة»، لكن معظمهم لم يطلّق ارتباطه الأيديولوجي بأفكار التنظيم «الجهادية». ويرى مراقبون أن هذه الأسباب وراء الانشقاق داخل «أنصار الدين»، بعد نحو أسبوعين على التدخل الفرنسي في مالي، إذ أعلنت «حركة أزواد الإسلامية» انشقاقها عن حركة «أنصار الدين» التي تسيطر على شمال مالي، واستعدادها للتفاوض مع السلطات المالية وقبول «حل سلمي». وأكدت الحركة الجديدة أنها «تنأى بالكامل عن أي مجموعة إرهابية وتدين كل أشكال التطرف والإرهاب وتتعهد مكافحتها»، مشيرة إلى أنها تتشكل حصراً من وطنيين ماليين، ومؤكدة سيطرتها على كيدال، أقرب المدن المالية إلى الحدود الجزائرية. وفي نيسان (أبريل) الماضي، لاحظت «الحياة» في زيارة لمدينة كيدال أنها تخضع لسيطرة القائد القبلي العباس أغ انتلا الذي عيّن آنذاك الحسن أغ فاغاغا مساعداً له، والأخير من أشهر القادة السابقين في التمرد الذي قاده تحالف «23 مايو» في العام 2006، وهو قائد عسكري سابق في الجيش المالي برتبة عقيد. من جهة أخرى، رأى الوزير الجزائري المنتدب للشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، أن «التدخل العسكري» في شمال مالي، يجب أن يتم بكل مسؤولية في ظل «إدارة واضحة من خلال ضمان التحضير الجيد وانسجام قيادة القوات المشاركة والتجنيد الفعلي للإمكانات الضرورية والتحديد الدقيق للأهداف المتمثلة في (محاربة) الجماعات الإرهابية وتلك الناشطة في الجريمة المنظمة العابرة للأوطان، والتي تشكل تهديداً جدياً في مالي والمنطقة». وقال الوزير في كلمة أمام القمة الإفريقية في أديس أبابا أن بلاده دعت إلى حوار بين الماليين لتقديم حل «مناسب» للمطالب المشروعة لسكان شمال مالي.