طلبت بريطانيا وهولندا والمانيا أمس الخميس من رعاياها مغادرة بنغازي شرق ليبيا على الفور بعد تلقي معلومات عن «تهديدات محددة ووشيكة ضد الغربيين» في المدينة. وسارعت طرابلس إلى الرد معتبرة أن «لا مبرر» لهذه التحذيرات. وجاء الطلب البريطاني بعد تحذير رئيس الوزراء ديفيد كامرون من أن الهجوم الدموي في الجزائر الأسبوع الماضي ليس سوى جزء في ما سيكون «صراعاً طويلاً ضد الإرهابيين القتلة». وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان «نحن على علم الآن بتهديد محدد ووشيك ضد الغربيين في بنغازي ونطلب من البريطانيين الموجودين هناك خلافاً لتوصياتنا، أن يغادروا على الفور». وأضاف البيان «لا يمكننا أن نعلّق أكثر على طبيعة التهديد حالياً». وتابع أن «السفارة البريطانية في طرابلس على اتصال مع الرعايا البريطانيين الذين لديها أرقامهم» لكي تطلب منهم مغادرة بنغازي. وفي طرابلس، اعتبر وكيل وزارة الداخلية الليبية عبدالله مسعود الخميس أن التحذير البريطاني «لا مبرر له». وقال العميد مسعود وكيل وزارة الداخلية للمنطقة الشرقية لوكالة «فرانس برس»: «هناك علامات استفهام على هذا البيان الذي نرى أن لا مبرر له»، مضيفاً: «نحن نستغرب هذا البيان وليس هناك معطيات تبيّن هذه الشكوك». وأردف المسؤول الليبي «هذا بيان قوي جداً. لا أحد ينكر أن هناك مشاكل أمنية في بنغازي لكن هذا الأمر ليس بجديد، وبالعكس بدأنا نبسط نفوذنا على كل أرجاء ليبيا». وأوضح أن «هناك تحسناً كبيراً في الوضع الأمني في الشرق وفي ليبيا عموماً». وفي هولندا، أصدرت وزارة الخارجية الهولندية بياناً مماثلاً للبيان البريطاني حذّرت فيه من هجمات وشيكة ضد الغربيين في بنغازي، ودعت الهولنديين في المدينة إلى المغادرة فوراً. كما صدر تحذير مماثل في برلين عن الخارجية الألمانية. ويأتي التحذير البريطاني والهولندي والالماني غداة إدلاء وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بإفادتها أمام الكونغرس حول الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي في 11 أيلول (سبتمبر) الماضي الذي أدى إلى مقتل السفير الأميركي لدى ليبيا كريس ستيفنز مع ثلاثة أميركيين آخرين. وقالت كلينتون إن الثورات العربية «دمّرت قوات الأمن في أنحاء المنطقة». ومنذ أيلول 2012 تنصح لندن الرعايا البريطانيين بعدم التوجه إلى ليبيا لا سيما بنغازي، باستثناء العاصمة طرابلس وبعض المدن الأخرى. وفي وقت سابق هذه الشهر أغلقت إيطاليا موقتاً قنصليتها في بنغازي وسحبت موظفيها من ليبيا بعد هجوم مسلح فاشل على القنصل. وبعد أزمة الرهائن الدموية في الجزائر الأسبوع الماضي، تعهد كامرون وضع مسألة الإرهاب في رأس أولويات جدول أعمال قمة الثماني التي يستضيفها في إرلندا الشمالية في حزيران (يونيو) المقبل. وقتل عشرات الأجانب عندما هاجم مسلحون إسلاميون مجمع غاز في عين أمناس في الصحراء الجزائرية النائية. ومن بين القتلى ثلاثة بريطانيين على الأقل، فيما لا يزال ثلاثة آخرون ومقيم في بريطانيا، مفقودون ويعتقد أنهم قتلوا. وقُتل 37 رهينة أجنبياً بينهم غربيون وآسيويون، وفق حصيلة موقتة. وذكرت تقارير أن المهاجمين قدموا من ليبيا واستخدموا أسلحة متبقية من ترسانة العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، على رغم نفي رئيس الوزراء الليبي علي زيدان ذلك. وفي كلمة أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس حذر كامرون من أن التصدي لتهديد الإرهاب يحتاج إلى وقت طويل. وقال «إننا في وسط صراع طويل ضد الإرهابيين القتلة والأيديولوجية السامة الداعمة لهم». وزاد: «بينما مارسنا بنجاح الضغط على القاعدة في أفغانستان وباكستان، كانت فروع القاعدة تنمو لسنوات في اليمن والصومال وأجزاء من شمال أفريقيا - أمكنة عانت في شكل فظيع احتجاز الرهائن والإرهاب والجريمة». وتابع «لدحر هذا التهديد علينا أن نتحلى بالحزم والذكاء والصبر - هذا نقاشي في قمة الثماني». وقال كامرون إنه في بعض الحالات كان التحرك العسكري هو الخيار الصحيح، مشيداً بالتدخل الفرنسي ضد الإسلاميين في مالي الذي تشارك فيه بريطانيا بتقديم الدعم اللوجيستي وعمليات المراقبة. لكنه أضاف «علينا أن نتصدى للادعاءات السامة التي تغذي هؤلاء الإرهابيين، ونغلق الفضاء غير الخاضع للسيطرة الذي ينمون فيه والتعامل مع المظالم التي يستخدمونها لجمع التأييد».