بريجيت باردو تسعى إلى الحصول على الجنسية الروسية! خبر غريب انتشر بسرعة في وسائل إعلام روسية لم تكن استفاقت بعد من نشوة «ضربة المعلم» التي وجهها سيد الكرملين فلاديمير بوتين إلى ساكن الإليزيه الرئيس فرانسوا هولاند. والضجة التي أثيرت عندما وقف بوتين مزهواً أمام الكاميرات وهو يسلّم النجم الفرنسي جيرار دوبارديو بطاقة الهوية الروسية، وظِّفت في شكل جيد جداً. ها هم مشاهير أوروبا ونجومها «يلجؤون» إلى روسيا التي يتهمها الغرب بأنها غير رحيمة عندما يتعلق الموضوع بحقوق الإنسان. وهي تفتح ذراعيها ويستقبل رئيسها شخصياً أولئك المشاهير، وليس مهماً كثيراً تجاوُز القوانين بعض الشيء. فالجنسية الروسية التي لا تُمنح قانوناً إلا بإبرام عقد زواج من مواطنة أو مواطن روسي، بعد مرور ثلاث سنوات على هذا الزواج، منحت للنجم الفرنسي على الهواء مباشرة. هكذا...بكلمتين فقط. قال بوتين في مؤتمره الصحافي السنوي نهاية العام الماضي إن دوبارديو أعلن رغبته في الحصول على الجنسية الروسية و «أقول له إن روسيا ستمنحه» هذا الشرف. بعد أيام قليلة، طار الممثل إلى سوتشي والتقى بوتين، وابتسما أمام الكاميرات بعدما تفقدا وثائق الجنسية الممنوحة. قال دوبارديو إنه فخور بالإنجاز وأضاف: «أعشق بلدكم روسيا، وشعبكم وتاريخكم وأدباءكم .... أعشق ثقافتكم وأسلوب تفكيركم. والدي كان شيوعياً، وكان يستمع إلى راديو صوت موسكو، وهذا جزء من ثقافتي». لكن الأكيد أن الدفاع عن مصالح البروليتاريا لم يكن الهمّ الأساس للنجم الثري الذي تجاهل بذكاء أن بوتين ليس شيوعياً، وأن روسيا لم تعد تعيش أصلاً منذ سنوات طويلة في عهود ديكتاتورية الطبقة العاملة. ولا يمكن القول أيضاً، إن دوبارديو وباردو من بعده، لجآ إلى روسيا لأنها واحة ديموقراطية، على رغم أن الأول تعمّد قبل زيارة موسكو أن يلتقي هولاند ويخبره، أن روسيا «بلد الديموقراطية العظيمة، ليست ذلك البلد حيث يمكن رئيس الوزراء أن ينعت مواطنه بشخص بائس». الأقرب إلى الحقيقة أن دوبارديو غاضب، لأن ضريبة الدخل الجديدة التي يريدها هولاند تصل إلى 75 في المئة على من تتجاوز مداخيلهم مليون يورو، بينما بلاد «الديموقراطية العظيمة» تبدو شديدة الرأفة بالأغنياء. فهي لا تفرض ضريبة تصاعدية على المداخيل، وجميع مواطنيها، المعدمون منهم و»حيتان المال» يدفعون 13 في المئة على قدم المساواة. هذا يعني أن الجنسية الروسية قد تغدو طوق نجاة لكثيرين من أغنياء أوروبا. وليس مهماً هنا، أن مصلحة الضرائب «أوضحت» أنها لن تجني أموالاً من كثيرين من المواطنين الجدد لأن دوبارديو مثلاً، سيدفع للخزينة الروسية ضرائب عن الدخل الذي يجنيه في روسيا فقط، أما الملايين التي يكسبها في هوليوود فلن تُحسب. الأهم هو تلك الفقرة التي أشار إليها النجم الفرنسي في شأن الديموقراطية، وتداولتها وسائل الإعلام الروسية كثيراً. كل الأطراف إذاً، خرجت سعيدة وحققت الإنجازات التي تسعى إليها! ولكي يكتمل المشهد، كان لا بد أن تظهر بريجيت باردو. والمسألة هنا لا تتعلق بالحريات أو الديموقراطية فحسب، بل تصل إلى أبرز اهتمامات النجمة الكبيرة. قالت باردو إنها قد تسعى إلى نيل الجنسية الروسية لأن بوتين فعل من أجل حماية الحيوانات «ما لم يفعله كل رؤساء فرنسا مجتمعين»! وهددت حكومتها بأنها «لن تتراجع» عن قرار تغيير جنسيتها «في حال لم تتخلَّ السلطات الفرنسية عن فكرة قتل فيلين في سيرك مدينة ليون، لإصابتهما بالسل الرئوي». مرة أخرى، أطلقت وسائل إعلام حكومية في موسكو حملات صاخبة: المشاهير يلجأون إلى روسيا... وفيها يحققون أحلامهم. أما المعارضون الروس ففوجئوا قليلاً، وكتب أحدهم في حسابه على «تويتر» تغريدة فيها كثير من المرارة: «أرأف لحال الفيلين، وحال كل الحيوانات لكنني أنصح السيدة باردو بمراجعة ملف حقوق الإنسان في روسيا».