يسيطر المتمردون الحوثيون الثلثاء، بشكل شبه كامل على العاصمة اليمنية صنعاء وسط غياب تام تقريباً للقوات الحكومية، فيما ندّد الرئيس عبدربه منصور هادي بوجود "مؤامرة" شاركت فيها جهات داخلية وخارجية على حد قوله. وبالرغم من توقيعهم إتفاقاً للسلام برعاية الأممالمتحدة مساء الأحد، يستمر الحوثيون بالإنتشار بأسلحتهم في صنعاء وسط ذهول السكان والمراقبين من سرعة حسمهم الوضع لمصلحتهم والضمور التام للسلطة. ويتوجه زعيم المتمردين عبد الملك الحوثي في وقت لاحق اليوم الثلثاء، بكلمة حول التطورات في اليمن، بينما أشار المبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن جمال بن عمر الى "إنهيار" الجيش. وينتشر مئات الحوثيين المدججين بالسلاح في جميع أنحاء صنعاء ويستمرون بالسيطرة على مقار الحكومة والوزارات والمؤسسات الرسمية فيما قوى الأمن والجيش بعيدة عن المشهد بحسب مراسلي "وكالة فرانس برس". وبعد يومين من توقيعهم إتفاق سلام برعاية الأممالمتحدة، يتحكم المتمردون الحوثيون مداخل العاصمة وشوارعها الرئيسية، حتى أنهم ينظمون حركة السير في بعض الشوارع. وأكّد شهود عيان ل"وكالة فرانس برس" أن الأجهزة الأمنية والجيش لا تواجه الحوثيين وعناصرها لا يخرجون من مقارهم فيما معظم المقار الرسمية التي تسلمها الحوثيون حصلوا عليها في ظل تسليم من السلطات القيمة عليها. وقال أحد سكان صنعاء "في الشوارع لا يوجد إلا الحوثيين وبعض عناصر شرطة المرور". ومن جانبه، قال الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إن ما تتعرض له صنعاء هو عبارة عن "مؤامرة" محذراً من جر البلد الى حرب أهلية. وقال هادي الذي فقد الكثير من قوته على الأرض في اليمن "في هذه اللحظة نشعر بأن هناك مؤامرة تجاوزت حدود الوطن وتحالفت فيها قوى عديدة من أصحاب المصالح". وبحسب هادي، فإن الأزمة التي انطلقت في 18 آب (أغسطس) مع بدء الحوثيين حركة إحتجاجية تصعيدية مطالبة بإسقاط الحكومة والتراجع عن قرار رفع أسعار الوقود، هي أزمة "تكالبت فيها قوى داخلية وخارجية ولتأجيجها وإسقاط تجربة اليمن" في إشارة الى تنفيذ إتفاق اإنتقال السلمي للسلطة. وأكد هادي "صنعاء لن تسقط ولن تكون حكراً على أحد" مشدداً على أنه سيتحمل مسؤوليته إزاء الوضع وسيعمل على إستعادة هيبة الدولة. وأقام المسلحون الحوثيون نقاطاً أمنية في صنعاء حيث يفتشون السيارات. ووضعت نقاط التفتيش الرئيسية على طريق المطار في شمال صنعاء وشارع الزبيري الذي يقسم المدينة الى شطرين غربي وشرقي، إضافية الى شارعي حتا والزارعة. وجاب المسلحون الحوثيون المدججون بالسلاح شوارع المدينة على متن مركبات رباعية الدفع بينها مركبات عسكرية فيما انتشرت مجموعات من المتمردين أمام مؤسسات الدولة برفقة مجموعات صغيرة من الشرطة العسكرية. وسيطر المتمردون الزيديون الأحد، بشكل مفاجئ على مقر الحكومة والإذاعة والمقار العسكرية والوزارات المهمة في صنعاء في مشهد أظهر تراجعاً كبيراً للسلطة. وبعد ساعات تقدمهم الصاعق في صنعاء، وقّع الحوثيون إتفاقاً للسلام برعاية الأممالمتحدة نص على تشكيل حكومة جديدة وخفض أسعار الوقود. إلا أن الحوثيين تابعوا فرض سيطرتهم على صنعاء بعد التوقيع على الإتفاق فيما نددت مصادر سياسية باتفاق "تحت ضغط السلاح". وسيطر التمردون الإثنين، على عشرات المدرعات من مقر عدوهم الرئيسي اللواء علي محسن الأحمر، كما اقتحموا مبنى "قناة سهيل" التلفزيونية التابعة للقيادي في "التجمع اليمني للإصلاح" (حزب إسلامي معادي للحوثيين) حميد الأحمر. كما احتفل أنصار الحوثيين ليل الإثنين ب"انتصار الثورة" عبر إطلاق المفرقعات في صنعاء. وكان الحوثيون رفضوا بحسب مصادر سياسية متطابقة توقيع ملحق باتفاق السلام ينص على تسليم جميع المقار الرسمية للدولة. ومن جانبه، قال مبعوث الأممالمتحدة الى اليمن جمال بن عمر، إن ما حصل في صنعاء الأحد هو "إنهيار واضح للجيش اليمني". وأضاف في مقابلة مع قناة "العربية" أن "معظم الأطراف لم تتوقع أن يحصل ما حصل بهذه الطريقة". واليمن غارق في أزمات متتالية منذ بدء الإحتجاجات ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح مطلع 2011. ويواجه البلد الأفقر في شبه الجزيرة العربية أيضاً تمرداً إنفصالياً في الجنوب وأعمال عنف يقف وراءها تنظيم "القاعدة".