لا يقتصر حسّ العدالة على البشر الذين قد يطبقونه بمعايير تختلف في ما بينهم، بل تتمتّع قردة الشمبانزي أيضاً بهذا الحسّ النبيل. وأظهرت دراسة نشرت في دورية «بروسيدنغ أوف ناشونال أكاديمي أوف ساينس» أن البشر والشمبانزي ربما يتشاركون حساً مطوراً من العدالة، وهو الشائع لدى أجناس الحيوانات الاجتماعية. وقالت الباحثة داربي بروكتور من جامعة «إيموري»: «إن كنت مشاركاً في عمل تعاوني أو جماعي، فستحرص على أن تشارك في أمر مفيد لك، وستقارن مكافآتك بما يحصل عليه الآخرون». وأجرى الباحثون تجربة تشبه ما يُجرى عادة على البشر. فيُعطى شخص 100 دولار ويطلب منه تقاسم المبلغ كما يريد مع شخص غريب لن يراه مجدداً في حياته، ويتعين على الآخر أن يقبل العرض وإلا لن يحصل الاثنان على شيء. وعلى رغم أن المبدأ الاقتصادي يقوم على إعطاء الآخر أقل مبلغ ممكن، فإنه عادة ما يقدّم البشر مبلغاً قريباً من النصف، لأن الآخر قد لا يقبل بصفقة غير عادلة. وقالت بروكتور إن الشمبانزي دُرّب على لعبة مماثلة، باستخدام نموذجين ملونين يمثل كلّ منهما مكافأة: «إذا أخذ النموذج الأبيض، سيتمكن القرد من تَشاطر الطعام بشكل متساو مع الآخر، أما إذا أخذ النموذج الأزرق فذلك يعني أن القرد الأول سيحصل على طعام أكثر من شريكه»، وإذا قبل الشريك النموذج سيحصل الاثنان على الطعام، وإن لم يقبله لن يحصلا على شيء. وشاركت ثلاثة أزواج من الشمبانزي في التجربة، وتبين أن القردة أكثر ميلاً إلى المشاركة بشكل متساو. وأجريت الدراسة عينها على أطفال، بين الثانية والسابعة من العمر، وظهر أن رد فعلهم كان مشابهاً لردود فعل البالغين. ويتوقع أن تفتح هذه الدراسة الطريق أمام فهم أفضل لتطور حسّ العدالة عند البشر.