المعركة على ترشيحات باراك أوباما للمناصب العليا في ولايته الثانية ستجعلنا نرى هل نحن مع أوباما - 2 جديد، أو أوباما - 1 القديم المهادن المتردد مرة ثانية. ترشيح الرئيس جون كيري لوزارة الخارجية وتشك هاغل للدفاع وجون برينان رئيساً لوكالة الاستخبارات المركزية استقبل بعاصفة من اليمين الأميركي، خصوصاً دعاة الحرب من الحزب الجمهوري، ومعهم المحافظون الجدد أنصار إسرائيل، ولوبي إسرائيل أو اللوبي اليهودي كما وصفه هاغل يوماً. لا أعتقد أن دعاة الحرب يستطيعون وقف ترشيح جون كيري فهو عضو في مجلس الشيوخ منذ 1985، وقبل ذلك أحد أبطال حرب فيتنام حيث منح وسام القلب القرمزي ثلاث مرات. غير أن أنصار إسرائيل قادرون على الوقاحة المتناهية وقلب الحقائق رأساً على عقب. وثمة أعضاء في الإدارة الأولى عائدون ولا أتوقع مشكلة تواجه تثبيتهم من جديد. شخصياً، وأكتب كصحافي عربي، لا أؤيد ترشيح برينان لرئاسة سي آي أيه ولا أعارضه، وعندي ضده أنه أيد وسائل التحقيق العنيف مع المتهمين بالإرهاب في معتقل غوانتانامو، وأنه عنصر أساسي في حرب الطائرات من دون طيار، في باكستان واليمن، وهذه الطائرات قتلت إرهابيين إلا أنها قتلت أيضاً مدنيين كثيرين. يفترض أن خلفية برينان هذه تكفي ليؤيده اليمين، غير أن أنصار إسرائيل يأخذون عليه إنكاره وجود إرهاب إسلامي ودفاعه عن الإسلام والمسلمين. أقول إن هناك إرهابيين أصوليين متطرفين وأزيد أن إسرائيل مسؤولة عن وجودهم فلولا الإرهاب الإسرائيلي المستمر منذ عقود لما قام أي إرهاب مضاد. لا أعتقد أن أوباما سيجد صعوبة كبرى في انتزاع تأييد مجلس الشيوخ اختياره كيري وبرينان، إلا أن تشك هاغل سيكون اختباراً حقيقياً للرئيس فهل نحن سنرى في البيت الأبيض رجلاً حراً من الضغوط ومستعداً للدفاع عن مبادئه، أو الرجل نفسه الذي قال شيئاً في ولايته الأولى وفعل غيره، وحاول مهادنة أعدائه وهم يهينونه كل يوم ويشتمون ويحرضون ويكذبون. هاغل جمهوري من أنصار رونالد ريغان ثم يعارضه يمين الحزب الجمهوري الذي يضم دعاة حروب وأنصار إسرائيل. ما جريمته؟ هو متهم بأنه ضد مثليي الجنس، مع أنه اعتذر عن موقفه القديم منهم وسحب انتقاده لهم. هو متهم أيضاً بأنه كتب وحاضر مؤيداً الحوار على المواجهة، وهذا يشمل إيران وبرنامجها النووي. التهمة الأهم هي أنه تحدث يوماً عن لوبي يهودي يبتز الكونغرس، بدل لوبي إسرائيل، وقال إنه سناتور أميركي لا سناتور إسرائيلي. وهو اتهم باللاسامية وأنكر ذلك بشدة. هذا الرجل عاد من فيتنام وهو يحمل وسام القلب القرمزي (مرتين) وشظايا في صدره وهو إن عارض الحرب فلأنه ذاق ويلاتها، ويستطيع الرجوع عن الخطأ، فقد أيد الحرب على العراق ثم أصبح من أبرز معارضيها. ولكن أنصار إسرائيل في الولاياتالمتحدة مستعدون دائماً للتضحية بشباب أميركا على مذبح مصالح إسرائيل. رموز المحافظين الجدد عارضوا ترشيح هاغل، وكان بينهم بيل كريستول ومجلته "ويكلي ستاندارد" التي نشرت أربعة تعليقات في يوم واحد ضد هاغل، والمهاجر إلى الولاياتالمتحدة المتطرف ريول مارك غيرشت انتقد أن يكون هاغل ضد هيمنة أميركية على العالم، والليكودي الميول ايليوت ابرامز، ومثله جوناه غولدبرغ، شاركا في الحملة الإسرائيلية الأهداف ضد مرشح الرئيس. والمسؤول في عملية السلام ارون ديفيد-ميلر نسف في مقال له في "واشنطن بوست" دفاعاً عن هاغل كل الكذب الذي نشره في الجريدة نفسها الليكودي تشارلز كراوتهامر. أما نيكولاس كريستوف، وهو أحد أبرز الصحافيين الأميركيين، فقد كتب في "نيويورك تايمز" تعليقاً بعنوان "دفاعاً عن هاغل لمنصب الدفاع" أجده فصل المقال، فهو دان معارضي ترشيحه وفضحهم وكشف كذبهم ومبالغتهم بشكل قاطع حازم. وبقي أن نرى باراك أوباما-1 أو باراك أوباما-2 في الأسابيع المقبلة.