كشفت التفجيرات الإرهابية المتتالية في سيناء، التي راح ضحية إحداها عدد من الجنود والضباط المصريين، مدى الإهمال الذي تعانيه سيناء، ما جعلها مرتعاً للمتطرفين. وبدل أن تكون سيناء قاطرة لنهضة التعدين والصناعة في مصر، تحوّلت مصدر تهديد للأمن القومي. ومع شبه خروج لسيناء عن سيطرة الحكومة المركزية، تحفّزت الأخيرة لوضع تنمية سيناء كأولوية استراتيجية، وطرحت مشاريع للاستفادة من هذه الصحراء الخيّرة. وفي هذا السياق، نظّم «المركز القومي المصري للبحوث» أخيراً، بمشاركة «جامعة قناة السويس»، مؤتمراً عن التنمية الزراعية في سيناء، وضع 30 توصية، أبرزها المطالبة بإنشاء وزارة مستقلة لعمليات التنمية الشاملة في سيناء. العلم حلاً للتنمية و...الإرهاب وأوضحت الدكتورة نادية زخاري وزيرة البحث العلمي في المؤتمر، أن المعرفة والبحث هما أساس تعمير سيناء. وشدّد الدكتور صلاح عبد المؤمن وزير الزراعة على أهمية البحث العلمي في تحديد المشكلات التي تواجه عمليات التنمية في سيناء، وإيجاد حلول لها باستخدام التكنولوجيا الحديثة. وأشار إلى بروتوكول موقّع مع «هيئة المعونة اليابانية» عن إنشاء مركز متطوّر للزراعة بكلفة 10 ملايين ين، إضافة إلى مشاريع عن مزارع السمك وتنمية الثروة الحيوانية. ونبّه اللواء محمد رشوان رئيس جهاز تنمية سيناء إلى ضرورة تسريع وتيرة التنمية الشاملة عبر تنمية زراعية لا تنهك الإمكانات، مع مراعاة تخفيض استهلاك المياه وإيجاد كثافة سكانية تتناسب مع مساحة سيناء التي توازي خُمس مساحة مصر. وأوضَحَت الدكتورة وفاء حجّاج رئيسة شعبة البحوث الزراعية والبيولوجية في «المركز القومي المصري للبحوث» أن نقاشات المؤتمر أظهرت أن استراتيجية تنمية الزراعة في سيناء يجب أن تكون جزءاً من مخطط شامل للتنمية، ما يجعل سيناء قادرة على النهوض بدور الرافعة للنظام الاقتصادي المصري في مواجهة التطورات السياسية والاقتصادية في المنطقة. وطالبت حجّاج التي ترأّست المؤتمر، بتخصيص وزارة مستقلة للتنمية الشاملة في سيناء بوصفها صمّام الأمن القومي لمصر تاريخياً. وأوصى المؤتمر باستخدام التكنولوجيا الحديثة في تحسين إنتاجية المحاصيل الزراعية في سيناء، كالزيتون والنخيل والخوخ والتين والقمح والأعلاف، إضافة إلى الإستفادة من النباتات الطبية فيها، والعمل على إدخال محاصيل جديدة إليها، ونشر مزارع على الآبار في وسط سيناء، وإنشاء مجمّعات لتصنيع الغذاء، إضافة إلى استخدام التكنولوجيا الآمنة في الزراعة لإنتاج غذاء آمن وصحي، وحظر نقل الشتلات من وادي النيل إلى سيناء. كما طالب المؤتمِرون بإجراء تقويم كميّ لحسّاسية البيئة في مجال تدهور الأراضي، وإنجاز خرائط المناطق الحسّاسة بيئياً في المناطق الزراعية في سيناء. وحثّوا على دراسة آثار ارتفاع مياه البحر على سواحل المنطقة، كما أوصوا بالاهتمام بالتنوّع البيولوجي الكبير، والحفاظ على الأصول الوراثية للأنواع الزراعيّة والحيوانيّة مع تحصينها حيال كوارث الطبيعة كتغيّرات المناخ والأمراض الوبائية، أو الكوارث الاصطناعية كالحروب. ولفتوا أيضاً إلى أهمية تنمية الثروة الحيوانية والعمل على زيادة الإنتاج السمكي في شمال المنطقة (مع دعمه بأسعار تصدير مرتفعة)، وتشجيع مشاريع منخفضة التكاليف كإنتاج الطحالب البحريّة، خصوصاً قرب الشريط الساحلي. وشدّدوا على أهمية إجراء تحاليل مستمرة لمياه «ترعة السلام»، ومراقبة المياه كي لا تُصبح مصدراً للتلوث، وتشجيع البحوث عن خفض كلفة تحلية مياه البحر، خصوصاً تلك التي تستخدم تقنيات النانوتكنولوجي وغيرها.