تعيش سهام محمد يومياً خمس ساعات من القلق والتوتر، تبدأ فور خروج ابنتها مريم (ثماني سنوات)، من البيت، متوجهة إلى المدرسة، ولا تنتهي إلا بعودتها. وتبادر الأم بعد دقائق من خروج ابنتها إلى الاتصال بالمدرسة، التي لا تبعد عن منزلهم سوى مئتي متر، للاطمئنان على وصول ابنتها. فيما تبقى في انتظارها على الباب في الوقت المتوقع لوصولها من المدرسة. وعلى غرار سهام، يوجد مئات الأمهات والآباء، الذين يخشون تعرض أبنائهم لحوادث مرورية، وبخاصة الدهس، أثناء ذهابهم أو عودتهم من المدارس، مع ارتفاع هذه النوعية من الحوادث، التي باتت تقض مضاجع الأسر وإدارات المرور، التي نشرت أخيراً إحصاءات، أظهرت ارتفاعاً في الحوادث التي يتعرض لها الأطفال. وإذا كان الطلاب استوعبوا في المراحل الدراسية الأولى، توجيهات السلامة في قطع الشوارع، والصادرة من الأمهات صباحاً، والمعلمين في المدرسة قبل الظهر، وإعلانات التلفزيون في قنوات الأطفال عصراً، وصراخ سائقي السيارات قبل أن ينوى الطفل قطع الشارع. وعلى رغم استيعاب التوجيه اليومي، إلا أن الطلاب لم يجدوا خطوط مشاة أمام مدارسهم، أو جسوراً ليقطعوا الطرق عليها بأمان، قبل أن يتحولوا إلى رقم في ال260 ألف طفل، الذين يفارقون الحياة في كل عام، بسبب حوادث السير. وتصدرت حوادث الطرق المؤدية إلى موت الأطفال، القائمة في دراسة «صحة الطفل العربي»، بنسبة بلغت 70 في المئة. فيما لم تضع أمانة المنطقة الشرقية ضمن مشروعها الجديد «تركيب إشارات مرورية مخصصة للمشاة بهدف حمايتهم»، أي إشارة بالقرب من مدرسة. إذ توزعت الإشارات على سبع طرق في الدمام والخبر، وستبادر إلى وضع إشارات «في حال ثبتت حاجة الطرق الواقعة فيها المدارس إلى إشارات مرورية للمشاة»، الناطق الإعلامي في الأمانة حسين البلوشي، الذي أكد أن هذا الأمر «خضع لدراسة أجراها أحد الاستشاريين، وتم اختيار الأماكن بعناية شديدة، مراعين فيها الكثافة السكانية وحركة السير الكثيفة، وتنفذ بالتعاون مع الإدارة العامة للمرور»، مضيفاً أن «نجاحها سيدفعنا إلى تعميم التجربة على شوارع أخرى»، موجهاً دعوة إلى المعنيين ب»التقدم باقتراحات، ستدرس، والعمل على تلبيتها إذا ثبتت الحاجة للإشارات». وابتدعت البلديات في مختلف المحافظات بعض الحلول، وتمثلت في وضع مطبات اصطناعية أمام المدارس، وبخاصة الواقعة على شوارع رئيسة، يرتادها السائقون بكثافة، وإن «أدت المطبات واجبها في الحد من سرعة السائقين، إلا أن البعض لا يعيرونها انتباهاً، وينطلقون بسرعة، معتمدين فيها على قوة السيارة، أو عدم الحاجة إلى التمهل لقدمها».ولم تعتد المدارس على خروج معلم أو إداري مع الطلاب، «ليكون عوناً لهم في قطع الشارع»، كما يطالب بذلك علي التركي، معتبراً المطبات «غير نافعة في الحد من الحوادث». وكشف تقرير صادر عن الأممالمتحدة، وأعده «صندوق الطفولة» ومنظمة «الصحة العالمية»، أن «أكثر من 800 ألف طفل يموتون في العالم سنوياً». وذكر من الأسباب «حوادث السيارات التي تقتل 260 ألف طفل كل عام، وتخلف 10 ملايين إصاب.