في حلب التي دمرتها اشهر من المعارك، تحول عدد كبير من المدارس إلى انقاض لكن حفنة من المدرسين الشجعان استأنفوا التدريس في صفوف اعدت على عجل لمساعدة الاطفال على نسيان خوفهم اليومي. وقال مدرس في التاسعة والعشرين من العمر عرف عن نفسه بأنه ابو سالم مصطفى وفتح مدرسة في البلدة القديمة في حلب إن «ذوي التلاميذ قلقون من فكرة ارسال ابنائهم الى المدرسة. نحن قرب خط الجبهة. لكن يجب ان نستأنف حياتنا الطبيعية حتى لا نسمح للخوف بالسيطرة علينا». وقال استاذ الديانة السابق الذي اصبح مدير معهد سري فتح قبل اسبوع ان «الجيش السوري الحر استخدم المدارس قواعد لمقاتليه فقام النظام بقصفها... ولم تعد آمنة للاطفال». ويعمل المدرس مع تلاميذه في قصر عثماني مقفر. وقال: «قررنا ان نفعل شيئاً ما حتى لا يمضوا ايامهم في الشوارع»، ملمحاً بذلك الى آلاف الاطفال الذين لم يعودوا يتوجهون الى المدارس منذ اسابيع. وأكد ابو احمد (23 عاماً) الذي كان طالباً جامعياً يدرس الكيمياء: «انه مكان آمن جداً. في الطبقة الاولى لدينا ملجأ في حال حدوث قصف». وحول باحة هذه التحفة المعمارية تستقبل بعض القاعات التي وضعت فيها مقاعد مدرسية وألواح حوالى مئة تلميذ كل يوم من الساعة الثامنة حتى الظهر، باستثناء الجمعة يوم العطلة الاسبوعي. وقال المدير ان «خط الجبهة يبعد شارعين عن هذا المكان. لكن المبنى مرتفع جداً وجدرانه سميكة جداً ما يحمي الاطفال من القذائف». وأخيراً قتل ثلاثة اشخاص في قصف في المنطقة. وقال ان «ثلاث مدارس سرية اغلقت ابوابها على الفور لأن الاهالي لم يعودوا يرسلون ابناءهم اليها». وفي الباحة، يسمع دوي انفجارات. ويلقي التلاميذ نظرة من النافذة قبل ان يتابعوا مجدداً درس الاستاذ. وقال ابو سلام مصطفى ان «احد اهدافنا هو محاولة مساعدتهم على تجاوز ما عاشوه في الاشهر الاخيرة. عدد كبير منهم فقدوا اقرباء ورأوا امواتاً. كثيرون منهم يعانون من مشاكل نفسية ويجهشون فجأة بالبكاء». لكن بعضهم لا يدركون الخطر ويصعدون الى السطح لتحية المروحيات التي تمر، على حد قوله. وأوضح احمد سمان (13 عاماً) ان «اهلي يشجعونني على القدوم كل يوم» الى المدرسة. وأضاف «انهم يشعرون بالخوف، لكن يمكن ان يحدث لي مكروه في المنزل ايضاً». اما محمد اسون (16 عاماً) فيريد العودة الى «حياة طبيعية يزول الخوف منها» ويمكنه ان يحقق خلالها حلمه بأن يصبح مهندساً معمارياً. وقال الاستاذ: «لا يمكننا ان نترك الحرب تدمر مستقبل هؤلاء الاطفال».