قدم رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور ناصر آل تويم استقالته من رئاسة الجمعية إلى المجلس التنفيذي للجمعية احتجاجاً على ما وصفه بالموقف المنحاز لوزارة التجارة والصناعة مع الغرف التجارية ضد الجمعية، وأعلن أنه لن يرشح نفسه في أي انتخابات مقبلة للجمعية في حال إقرار المشروع الجديد الذي سيحول الجمعية إلى إدارة بيروقراطية تحت وصاية وزارة التجارة - على حد تعبيره -، واصفاً جهود وزارة التجارة في مجال حماية المستهلك ب«الخجولة». وقال آل تويم ل«الحياة» إن تقديمه لاستقالته من رئاسة الجمعية جاء بعد «تصرفات وممارسات وزارة التجارة والصناعة ضد الجمعية وبرامجها ومشاريعها طوال مدة المجلس الحالي، إذ آثرت الجمعية الصمت طوال فترة المجلس الحالي أملاً في تعاون الوزارة الذي لم يتحقق، بل ووصل إلى حرمان الجمعية من حقوقها المالية، ومحاولة الوزارة فرض وصايتها على الجمعية وهدر ركن استقلاليتها المالية والإدارية». وكانت وزارة التجارة التي بذلت جهوداً كبيرة خلال الأعوام القليلة الماضية التزمت الصمت حيال تصريحات آل تويم التي نشرتها «الحياة» في شهر تموز (يوليو) الماضي، واتهمها في تلك التصريحات بالتواطؤ ضد الجمعية، وبحسب مصادر «الحياة» فإن استقالة آل تويم أتت بعد تأزم الموقف مع «التجارة»، إذ ترفض هيكلة الجمعية وآلية تحصيل الموارد مباشرة من مجالس الغرف مباشرة للجمعية، إضافة إلى عدم وجود أمين عام للجمعية، وتعيين مراقب مالي مستقل تحدده الوزارة لمراقبة حسابات الجمعية التي تغرق في ديون تتجاوز ملايين عدة من الريال، كمستحقات لموظفين ورواتب وإيجارات. وناشد رئيس الجمعية المقام السامي واللجنة العامة بمجلس الوزراء ورئيس هيئة الخبراء بالتدخل لوقف محاولة الوزارة تمرير مشروع قرار للتعديل على تنظيم الجمعية يضع الجمعية تحت وصاية وزارة التجارة والصناعة، ويفقد الجمعية استقلاليتها ويجفف مواردها المالية، وذلك من خلال التأثير في عمل اللجنة المشكلة بهيئة الخبراء المعنية بدرس مشروع تنظيم جمعية حماية المستهلك، واصفاً تشكيل اللجنة بأنه غير مكتمل من حيث النصاب والتمثيل، إذ تم وضع تنظيم الجمعية من خلال 13 جهة شاركت في إعداد تنظيم الجمعية الحالي، أما اللجنة الحالية فهي مشكلة من ستة أعضاء، مستغرباً عدم تمثيل هيئة الغذاء والدواء، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة العدل، ومجلس المنافسة، والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس، والهيئة العامة للسياحة الآثار والهيئة العامة للطيران المدني، ومصلحة الجمارك وبقية الجهات ذات العلاقة بحماية المستهلك، كما أنه كان يجب استبعاد الغرف التجارية من المشاركة في هذه اللجنة باعتبارها خصماً قضائياً للجمعية وصاحبة مصلحة شخصية، ولم تكن ممثلة في دراسة التنظيم الحالي، مضيفاً: «هل يعقل بأن يتم استبعاد جمعية حماية المستهلك المعنية أصلاً بمشروع القرار موضوع اللجنة من التصويت، وأن يكون رأيها فقط على سبيل الاستئناس». وأوضح رئيس الجمعية «المستقيل» بأن وزارة التجارة قدمت للجنة ثلاثة مشاريع مقترحة للتعديل على تنظيم الجمعية الحالي كل واحد منها مختلف عن الآخر، وأن الأخير تم فيه استبعاد نسبة ال10 في المئة وهي حق أصيل يعتبر أهم موارد الجمعية من دون إيجاد بديل، مناشداً المقام السامي بالتدخل لإيقاف اللجنة واستمرار التنظيم الحالي للجمعية لمتانته، ولأنه يعتبر وبشهادة المختصين من أقوى التنظيمات الخاصة بجمعيات المستهلك على مستوى دول الخليج والدول العربية، معتبراً أن مشكلة عزل الرئيس السابق يجب ألا تكون سبباً في تعديل التنظيم أو على الأقل إعادة تشكيل هذه اللجنة على نحو محايد بمشاركة جميع الجهات ذات العلاقة بحماية المستهلك، واستبعاد الجهات التي لها علاقة وتستفيد من تعديل تنظيم الجمعية، ومنها الغرف التجارية ومجلس الغرف لعدم الحياد، إضافة إلى غرابة وعدم نضج الاقتراح المقدم بخصوص إنشاء جمعيات متخصصة في التمويل والنقل والصحة والاتصالات يتم الترخيص لها من وزارة التجارة، ويكون للوزير صلاحيات حل مجلس إدارة أية جمعية أو عزل الرئيس أو أي عضو أو الأمين العام من دون سابق إنذار. وأكد آل تويم بأن استمراره في منصبه لم يعد ذا جدوى في ظل الندرة المالية التي تشهدها الجمعية نتيجة إحجام الغرف التجارية عن تنفيذ مضمون قرار مجلس الوزراء في ما يتعلق بمستحقات الجمعية والمطل في تنفيذه حتى مع صدور الحكم القضائي لمصلحة الجمعية، مؤكداً أن الجمعية لم ولن تستطيع القيام بدورها في ظل هذا التجاهل والتعنت من الغرف التجارية التي تستمد قوتها من وزارة التجارة والصناعة في رفض الانصياع لقرار مجلس الوزراء، والحكم القضائي الذي بدا واضحاً في المشروع المقدم من وزارة التجارة. واعتبر أن مشروع قرار تنظيم الجمعية المقترح من وزارة التجارة يعد بحق انتكاسة لأهمية ودور واستقلالية مؤسسات المجتمع المدني التي تلعب دوراً مكملاً لدور الدولة، مضيفاً: «تعتبر الجمعيات مؤسسات مدنية وذراع استشارية وتوعوية وحقوقية مساندة للأجهزة الحكومية، وتسهم في تعظيم فاعلية وكفاءة الأجهزة ذات العلاقة»، معتبراً أن هناك قصوراً في النضج المؤسسي لدى الوزارة، «فهل يعقل بأن يخول وزير التجارة سلطة تعيين ثلث أعضاء المجلس التنفيذي للجمعية ووضع شروط ترشح الثلثين الباقيين، وهل يعقل أن يكون للجمعية أمين عام له صلاحيات أكبر من رئيس المجلس التنفيذي، بل ويشارك المجلس التنفيذي في صلاحيته الخاصة باعتماد السياسات والتقارير المالية والخطط الاستراتيجية والبرامج والمشاريع، وعلى رغم أنه معين وليس منتخباً من الجمعية العمومية، ولماذا ترغب الوزارة في سحب صلاحية الجمعية العمومية في انتخاب رئيس المجلس التنفيذي ونائبه، مع أنه في الأصل وفي معظم دول العالم فإن جمعيات حماية المستهلك لا ترتبط بوزارات التجارة، عملاً بمقتضيات عدم تضارب المصالح والتعارض الهدفي والمؤسساتي بين تلك الجهتين». واتهم آل تويم «التجارة» بتجاهل الجمعية وتعطيل مواردها، مؤكداً بأن المجلس التنفيذي للجمعية اضطر من بين أسباب أخرى إلى تأجيل اجتماع الجمعية العمومية، وانتخاب المجلس التنفيذي بمن فيهم الرئيس ونائب الرئيس، نتيجة عدم رد وزارة التجارة والصناعة على خطاب الجمعية بإرسال مندوب لحضور فعاليات الجمعية العمومية ومراقبة العملية الانتخابية، معرباً عن أسفه للنهج الذي تنتهجه وزارة التجارة حيال الجمعية، مضيفاً: «سبق وأن تعمدت الوزارة تأجيل صرف الإعانة السنوية المقررة لمصلحة الجمعية من الدولة لأشهر عدة بهدف إحراج الموقف المالي للجمعية وتسريح أكبر عدد ممكن من فريق العمل التنفيذي بالجمعية، على رغم أن الجمعية قدمت إفصاحاً مالياً لموقف الجمعية للوزارة وعلى رغم أن الوزارة ليست لها علاقة بالجمعية». كما سبق للوزارة أن رفضت طلب الجمعية بتوقيع مذكرة تفاهم والدخول في شراكة استراتيجية وطلب مقابلة وزير التجارة والصناعة مرات عدة، وطلب الجمعية الحصول على ترخيص لإنشاء مختبرات للجودة النوعية أسوة بجمعيات حماية المستهلك في العالم المتقدم، على رغم أن الجمعية قامت بإعداد دراسة فنية متخصصة ووفرت التمويل اللازم لتنفيذها، وكذلك رفضت الوزارة التعاون مع الجمعية بإمدادها بأية معلومات في ما يتعلق بالمشروع الذي تعده الجمعية عن أدلة السلع المغشوشة والمقلدة، وعلى رغم أن عدداً من الأجهزة الحكومية الأخرى تعاونت مع الجمعية في ذلك وهناك الكثير الذي لا يسع المجال للإفادة حوله. جهود خجولة لحماية المستهلك وصف «الرئيس المستقيل» لجمعية حماية المستهلك الدكتور ناصر آل تويم جهود وزارة التجارة في مجال حماية المستهلك ب«الخجولة»، مضيفاً: «لهم جهود خجولة يشكرون عليها بعد أعوام من إهمال المستهلك، لكن أنصح الوزارة بالتركيز على إحداث تغيرات هيكلية كالمساهمة في سد الفراغات التنظيمية وتقوية القائم، والمساهمة في إصلاح الغياب المؤسسي، ومن ذلك الإفراج عن نظام حماية المستهلك الذي اقترحته جمعية حقوق الإنسان، ودرس من جانب هيئة الخبراء، لكن عطل من الوزارة، كما أن على الوزارة أن تعالج وتركز على ما يوليه ولاة الأمر من أهمية، كظاهرة الغش والتقليد والمنتشرة بشكل ملاحظ في الأسواق، إذ تعد السوق السعودية من أكبر الأسواق التي تعج بالسلع الرديئة والمقلدة والمغشوشة وارتفاع الأسعار وشيوع عقود الإذعان في معظم أنواع البيوع، وهيمنة الطبقة الاحتكارية من التجار على معظم الأنشطة التجارية الرئيسة في المملكة». وزاد آل تويم بقوله: «تظل المطالبة بإنشاء هيئة عامة مستقلة لحماية المستهلك وفصل التجارة والصناعة عن حماية المستهلك هو المطلب الرئيس الذي تنادي به الجمعية، وهو التوجه العالمي لوجود تعارض بين العناية بحماية المستهلك وبين العناية بالتجار والصناع، كما أطالب باستبعاد الجهات التنفيذية عن الوصاية على جمعية حماية المستهلك أسوة بمؤسسات المجتمع المدني». وأكد في ختام تصريحه أن الحيثيات التي تدرس على ضوئها المعاملة لدى هيئة الخبراء لا تستند إلى وقائع أو حقائق ثابتة أو أحكام قضائية، وإنما مجرد تهم يجب التحقق منها بشكل قاطع قبل اتخاذ أي قرار يؤدي لإحراج الدولة لبنائه على معلومات مضللة لا تمت للواقع بصلة، وفيها تجريح وإهانة ومساس بكرامة عدد كبير من المواطنين الفضلاء المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة.