أيدت محكمة التمييز البحرينية امس أحكام السجن الصادرة بحق 13 قيادياً من المعارضة بينهم سبعة محكومين بالسجن المؤبد، وذلك على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها المملكة في 2011. وصرح المحامي العام الأول عبد الرحمن السيد، أن «محكمة التمييز أصدرت حكمها في الطعون المرفوعة إليها من المحكوم عليهم في القضية المعروفة بالمؤامرة، وبذلك أصبحت أحكام الإدانة الصادرة ضدهم باتة، بعد أن استنفدت طرق الطعن كافة، وأتيح للمتهمين ومحاميهم خلال مراحل المحاكمة الفرصة الكاملة لإبداء دفاعهم ودفوعهم التي ناقشتها المحاكم على مختلف درجاتها وردت عليها في أسباب أحكامها». وكان المتهمون أحيلوا إلى المحاكمة الجنائية بتهم «تأسيس جماعة على خلاف أحكام القانون والانضمام إليها، الغرض منها قلب وتغيير النظام السياسي في الدولة بالقوة، وكان الإرهاب من وسائلها في تحقيق أغراضها، وكذلك التخابر مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبية بقصد ارتكاب عمليات عدائية ضد مملكة البحرين، ومحاولة قلب وتغيير دستور الدولة ونظامها الملكي بالقوة، والترويج لتغيير النظام السياسي في الدولة بالقوة، فضلاً عن جريمة إهانة الجيش علانية، والتحريض على بغض طائفة من الناس، والدعوة إلى مسيرات غير مرخصة والاشتراك فيها». وقضت محكمة السلامة الوطنية (أول درجة) بمعاقبة 14 متهماً حضورياً، وحضورياً اعتبارياً بالنسبة إلى سبعة متهمين بالحبس والسجن لمدد تتراوح ما بين سنتين وخمس عشرة سنة والمؤبد، وبمصادرة جميع المضبوطات، فأستأنف محامو المتهمين الحكم، فقضت محكمة السلامة الوطنية الاستئنافية برفض الطعن وتأييد حكم محكمة أول درجة. ثم طعن أربعة عشر متهماً على ذلك الحكم بالتمييز، ونظرت المحكمة الدعوى وأصدرت حكمها بجلسة 30 نيسان (أبريل) 2012 بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة القضية إلى محكمة الاستئناف العليا، فتداولت القضية أمام المحكمة الاستئنافية بحضور محامي المتهمين الطاعنين، وأدلوا بمرافعاتهم أمام المحكمة التي حققت دفاعهم وقضت في جلسة عقدت في 4 أيلول (سبتمبر) 2012 ببراءة عدد من المتهمين من بعض الاتهامات المسندة إليهم ورفض الاستئنافات في ما عدا ذلك. وطعن محامو 13 متهماً على الحكم أمام محكمة التمييز والتي قضت في جلسة الأمس بقبول الطعون شكلاً وبرفضها موضوعاً وبتأييد الحكم المطعون فيه. والمحكومون بالسجن المؤبد هم عبد الوهاب حسين زعيم حركة «وفا» الشيعية، وحسن علي مشيمع (رئيس حركة حق) ومحمد حبيب المقداد وعبد الجليل المقداد وعبد الجليل السنكيس (حق) وسعيد ميرزا احمد النوري والناشط الحقوقي عبدالهادي الخواجة الذي يحمل أيضاً الجنسية الدنماركية. والمحكومون بالسجن أيضاً هم عبدالهادي عبدالله مهدي حسن المخوضر (15 سنة) وعبدالله عيسى (ميرزا) المحروس (15 سنة) وصلاح عبدالله حبيل الخواجة (خمس سنوات) وإبراهيم شريف (خمس سنوات)، ومحمد حسن محمد جواد (15 سنة) ومحمد علي رضي إسماعيل (15 سنة). ويضاف إلى هؤلاء الحر يوسف محمد الصميخ، الذي سبق أن أُفرج عنه بعد أن حكم بالسجن سنتين وخفضت المدة إلى ستة أشهر. وتظاهر عدد من قيادات المعارضة، على رأسهم الأمين العام ل «جمعية الوفاق» علي سلمان قبالة مبنى المحكمة، ورددوا شعارات تطالب بالإفراج عن السجناء. وأكدت «الوفاق» في بيان أن محكمة التمييز أيدت «أحكاماً سياسية انتقامية»، ورأت في ذلك دليلاً على «غياب تام لاستقلالية القضاء واستحكامه في قبضة الصراع السياسي وتوظيفه في يد النظام لمعاقبة المعارضين لسياساته الاستبدادية». من جهة ثانية، أعرب المجلس الأعلى للقضاء عن استيائه الشديد لما تردد في الآونه الأخيرة، من تعريض بمكانة القضاة وأعضاء النيابة العامة والتطاول على السلطة القضائية في البلاد. واكد المجلس في بيان امس، أن «استقلالية السلطة القضائية إدارياً ومالياً قد تأكدت بصدور المرسوم بقانون الرقم 44 للسنة 2012»، وأن القضاة وأعضاء النيابة العامة هم أداة العدالة في المملكة وهم حماة الحقوق والحريات، تشهد على حياديتهم وتجردهم أحكامهم وتصرفاتهم القضائية في المنازعات كافة أياً كان موضوعها، وما ذلك إلا لإيمانهم بأن استقلالهم الحق يكمن في ضمائرهم ووجدانهم لا يقايضونه بأجر أو مال، وبأن السلطة القضائية بمملكة البحرين تقع بمنأى عن معترك العمل السياسي، فلم تكُ يوماً أداة يُتوسل بها لتحقيق المآرب السياسية». وقال البيان إن «المجلس الأعلى للقضاء يهيب بكل الممارسين للعمل العام إثبات وطنيتهم وصدقيتهم وحرصهم على سلامة بلادهم، بإعلاء شأن السلطة القضائية والترفع بها عن مثالب المجادلة والتنظير، وعدم الخوض باسمها أو بشؤونها في ممارساتهم».