تَشْرَحُ مثل هذه القصص كيف نكون أضحوكة للبعيد والقريب، نخطط «بالكلام» من أجل مستقبل آمن وخالٍ من المآسي والمحاكم والطلاق واليتم وبطولات الفحولة المزعومة، ونحن نستيقظ بين حين وآخر في ظل انتشار دكاكين بيع الكلام على مشاريع فحولة مخجلة، وتسليم فتيات للتو يبصرن الحياة إلى من لا يعرف الحكم الشرعي «يجوز» إلا عندما تكون الشهوة هي المتحدث الرسمي باسم الجسد. افتتح تسعيني في محافظة الحرث بمنطقة جازان عِقْدَه التاسع بالزواج من طفلة عمرها «15 عاماً»، وبزاوية رؤية أخرى فالفحل التسعيني تزوج طفلة تدرس المرحلة الثالثة المتوسطة بقياسنا الحالي، ولكم أن تلمحوا الحياة بعين طفلة في سن كهذه! وما طموحاتها التي لن تتجاوز حُلُمَ المبيت في «حضن أمها»، أما أبوها فلا مرور عليه بسؤال ولا احترام طالما أنه دَفع بالمسكينة لكهل متصابٍ، وكان المهر في عينيه كافياً لدهس «إنسانية». ستكون «الفياغرا» بطلة المشهد لبضعة أشهر، وبعدها أعدكم أن نفتح ملفاً جديداً لمأساة قادمة مكونة من أم أخِذَتْ غِيْلَة وطفل أو طفلة، ستُقَدَّم العروسة المفجوعة - في ظل صمت مخزٍ - على طبق شهي لزوج سيظل من أحلامي أن يعاقب قبل أي أحد، صحيح أنه لا عقاب منتظراً في ظل انعدام قانون يحكم هذه المسرحيات الهزلية الهزيلة، ومع استمرار التردد في العلاج الجاد، وكون التأجيل يحسم المواقف التي تجمع من نطمح منهم أن يضعوا حلاً إنسانياً يلامس الواقع، وسنعذرهم من مهمة اختراع الحلول، لكننا سنسألهم دوماً عن التاريخ المتوقع لتوقف قصص بيع الفتيات العلني ومآسي اغتيال الإنسانية. الجهل وتحجيم المرأة والتعامل معها كسلعة متداولة أو متبادلة هي ما يمهد الأرضية الخصبة لولادة مثل هذه الحكايات الكوارثية، بينما الصمت والتخاذل وغض النظر وتقديس الشهوة، هي ما يترك الدماء تنزف بثمن بخس، وما يعجّل بعودة جاهلية وأد البنات، لكن مع اختلاف الطريقة والتوقيت ليس إلا، وبعد أن نشبع أجسادنا ببضعة ليالٍ معهن حين يقدم لالتهامهن «الطُعْم / المال»، وإلا ما الفائدة التي سيحققها زواج كهل ب «طفلة مغصوبة»؟! ليقول لي المحللون والمشرعون والمجيزون لهذه الكوارث والفضائح لماذا لا يتكرمون بتزويج فتاة من فتياتهن اللاتي لم يبلغن ال15 لثمانيني أو تسعيني؟ إن كان الاستناد الوحيد لتغليب الإباحة والجواز على أي شيء آخر هو زواج الرسول من عائشة فليأتوا لنا بمثل خلق الرسول حتى نقنع ونقتنع بزيجات يحفظها التاريخ، لا تلك التي تفتح جروحاً عميقة لا يعالجها إلا الموت. أثق في أمير «جازان» أنه لن يترك هذه القضية تنمو أكثر من نموها الحالي، وسيساعد «الطفلة» على أن تبقى شيخة جدران منزل أمها لا سجينة ولعبة بيت زوجها التسعيني، سأظل أنادي إمارة جازان، وهيئة حقوق الإنسان، وعقلاء المكان، ومن لضميره حياه وفي يده قوة «أنقذوها... أنقذوها.. أنقذوها»، هي تذهب إلى الجحيم لطغيان عادات رديئة، وبفعل فاعل وإغراء مال! [email protected] alialqassmi@