لا تزال ماريا كالاس «لا ديفينا» تحتفظ بهالة كبيرة دفعت شركة الإنتاج «وارنر كلاسيكس» إلى إعادة إصدار كل تسجيلاتها بالرجوع إلى الأشرطة الأصلية التي يهددها الزمن بالتلف. المجموعة الهائلة التي تضم 69 أسطوانة «سي دي»، تباع ابتداء من اليوم في الأسواق، وهي ثمرة 18 شهراً من الأبحاث والعمل على الوثائق والأشرطة الأصلية العائدة إلى تلك الفترة. ويعزّز التقدم التقني في معالجة الصوت، وخطر تلف بعض الأشرطة الأصلية الهشة العائدة إلى خمسينات القرن الماضي، هذا التوجه إلى ترميم التسجيلات القديمة، كما يفيد آلن رامسي المسؤول عن فريق من أربعة أشخاص عملوا في استديوات «آي رود» الشهيرة في لندن. وللوقوف على الفرق بين النسخ القديمة والتسجيلات الجديدة المرممة، يقارن رامسي هذه التقنية مع آلة التصوير الرقمية، موضحاً أنه «إذا أخذنا آلة تصوير بميغابيكسل واحد نحصل على صور جميلة، لكن مع 12 ميغابيكسل سيكون الوضوح أكبر بكثير. ومع الصوت الأمر سيان إذا انتقلنا من 16 بيتس في الثمانينات إلى 24 بيتس اليوم». وسبق أن أعيد إصدار المجموعة الشاملة لماريا كالاس مرتين، الأولى عند الانتقال من الأسطوانات العادية إلى ال «سي دي» في الثمانينات، والثانية في عام 1997، لكن من دون الرجوع إلى الأشرطة الأصلية. ويقول رامسي: «تمكنا بذلك من حل مشاكل تقنية تعود إلى الأساس مثل هدير الدراجات النارية الصغيرة حول دار سكالا» للأوبرا في ميلانو. ويضيف: «تقنيو تلك الفترة كانوا تركوا ملاحظات ذكروا فيها ضجيج حركة السير وطلبوا بذل المستطاع لتخفيفها». وسمحت التكنولوجيا الرقمية التي تظهر التردّدات على شاشة، برصد هذه الأصوات وإزالتها من دون المساس بالموسيقى. واستعان التقنيون بالأشرطة الأصلية التماثلية لكل التسجيلات باستثناء «ميديا» (1957) لأنها فقدت. وتضم المجموعة عروض الأوبرا الستة والعشرين الكاملة، والحفلات الثلاث عشرة التي سجلتها كالاس على أسطوانات. وكانت التسجيلات الأولى في عام 1949 (لحساب شركة الإنتاج الإيطالية «سيترا ريكوردز» في تورينو) على أسطوانات 78 دورة قبل وصول الكاسيت وأسطوانات الفينيل «أل بي» (33 دورة). وتعود آخر التسجيلات إلى عام 1969. وكانت كالاس معروفة بطواعية وقوة صوت لا مثيل لهما بين مغني الأوبرا حتى الآن. وهي وضعت بصمات لا تمحى عن بعض الأدوار الأوبرالية مثل «نورما» لبيليني الذي أدته ما لا يقل عن 89 مرة بين عامي 1948 و1969. وكانت بداياتها الرائعة في لندنونيويوركوباريس مع هذا الدور. أما آخر ظهور لها في عرض أوبرالي، فكان أيضاً مع «نورما» من إخراج فرانكو زيفيريللي في باريس عامي 1964 و1965. وكان صوتها بلغ يومها مستوى راقياً جداً من التهذيب، إلا أن الدور كان يتطلب منها الكثير من التحضير الذي لم يكن متاحاً لها في تلك الفترة. فمنذ عام 1959 تراجعت حياتها الفنية لتطغى عليها حياتها الاجتماعية مع علاقتها بأريستوس أوناسيس. وبعد انفصالها عن أوناسيس الذي تزوج جاكي كينيدي في عام 1968، حاولت إحياء مسيرتها الفنية مع سلسلة من الحفلات مع شريكها الأسطوري في الغناء التينور جوسيبي دي ستيفانو، إلا أنها لم تكن على قدر الآمال، ولم تصدر في أسطوانات أبداً. ويقول رامسي: «الرائع في إعادة إصدار المجموعة كاملة هو الوقوف على رحلة الصوت على مدى عشرين عاماً بين عامي 1949 و1969. فحتى في النهاية عندما كانت تعاني مشكلات في صوتها كانت تتحلى بمزاج موسيقي رائع وكل عقد من هذه العقود كان ساحراً». وولدت ماريا كالاس واسم عائلتها الأصلي كالوغيروبولوس، في نيويورك في كنف أسرة من أصل يوناني، وتوفيت عن 53 سنة في 1977 جراء أزمة قلبية على الأرجح عندما كانت تعيش منعزلة في شقتها الباريسية.