أدى الوزراء الجدد في حكومة هشام قنديل اليمين القانونية أمام الرئيس محمد مرسي قبل أن يترأس الأخير اجتماعاً لمجلس الوزراء بتشكيلته الجديدة، فرض التحدي الاقتصادي نفسه على أجندته، إذ تواجه الحكومة ملفات اقتصادية شائكة، مع هبوط قيمة الجنيه إلى تراجع الاحتياطي من العملات الأجنبية وارتفاع عجز الموازنة وزيادة معدلات البطالة وصولاً إلى تراجع عائدات السياحة وغلاء الأسعار. وتستأنف مصر اليوم مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي في شأن قرض طلبته بقيمة 4.8 بليون دولار، بعد توقفها بسبب إرجاء زيادات في الضرائب والأسعار ضمن خطة القرض. وأعلن قنديل في مؤتمر صحافي أمس أن حكومته ستشرح لوفد صندوق النقد اليوم «أسباب تأجيل طلب القرض، إلى جانب طمأنة الوفد على الوضع الاقتصادي في مصر وسلامة توجهات الحكومة وقدرة الاقتصاد على التعافي». وتعهد «التركيز خلال الفترة المقبلة على تشجيع الاستثمار»، مشيراً إلى زيارة وفد مصري لبريطانيا نهاية الشهر «للترويج لبعض المشاريع التي يمكن أن يساهم فيها القطاع الخاص»، مشيراً إلى أن «لندن يوجد فيها ثاني أكبر مركز اقتصادي عالمي وبيوت الخبرة الاقتصادية وصناديق الاستثمار التي تستثمر فيها بعض الدول العربية». وأضاف أن «العالم يراقب ما يحدث في مصر، والبلد الذي أبهر العالم بالثورة سيبهره بنجاحاته وإنجازاته على الأرض». وأكد وزير المال الجديد المرسي السيد حجازي إنه مستعد لاستكمال المحادثات مع صندوق النقد. وكان أعلن مساء أول من أمس تعديل وزاري شمل إطاحة وزير الداخلية أحمد جمال الدين ليحل محله مدير مصلحة السجون اللواء محمد إبراهيم، كما تم تعيين أستاذ الاقتصاد الإسلامي المرسي السيد حجازي وزيراً للمال بدل ممتاز السعيد، إضافة إلى توزير ثلاث قيادات في جماعه «الإخوان» هم محافظ المنوفية عضو مكتب الإرشاد محمد علي بشر الذي شغل حقيبة التنمية المحلية، وأستاذ هندسة الطرق حاتم عبد اللطيف لحقيبة النقل، والمسؤول عن ملف التنمية المحلية في «حزب الحرية والعدالة» باسم كمال عودة لحقيبة التموين والتجارة الداخلية. وتم تعيين أستاذ القانون في جامعة القاهرة عمر سالم وزير دولة لشؤون المجالس النيابية وأحمد إمام وزيراً للكهرباء والطاقة ووائل أمين المعداوي وزيراً للطيران المدني، وأستاذ اقتصاديات البيئة خالد فهمي عبدالعال وزير دولة لشؤون البيئة، إضافة إلى رئيس غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عاطف حلمي وزيراً للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وحدد قنديل الأجندة التشريعية لحكومته، مشيراً إلى أن «من أولويات مشاريع القوانين التي ستحيلها الحكومة على مجلس الشورى مشروع قانون تنظيم انتخابات البرلمان بعدما انتهت الحكومة من مناقشته، وسيتم عرض مشروع القانون على المحكمة الدستورية العليا للتأكد من توافق مواده وبنوده مع الدستور الجديد». ورفض انتقادات المعارضة للقانون الجديد، معتبراً أنه «حرص على إعمال الشفافية كما التزم بمراجعة مبدأ تكافؤ الفرص». وشدد على أن «التحديات التي تواجه مصر تتطلب تعاوناً وتكاتفاً من الجميع من أجل تخطي هذه المرحلة الحرجة»، مشيراً إلى أن «الحكومة عازمة على التواصل مع الأطراف كافة واستكمال المؤسسات الديموقراطية والدستورية». وسارع رئيس حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان»، سعد الكتاتني إلى إعلان دعم الحكومة المعدلة، داعياً إياها إلى «عدم الانفراد بصناعة القرار». وقال في بيان أمس: «سنساند الحكومة الجديدة ونطالبها بعدم الانفراد بالقرار، وأدعو كل القوى الوطنية والأحزاب إلى دعم الحكومة ومساندتها بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع تشكيلها، فالظرف السياسي والتحديات الاقتصادية تتطلب تضافر الجهود». ودعا القوى السياسية إلى «تجاوز خلافاتها والتعامل مع الحكومة الجديدة من منطلق واحد فقط ألا وهو عبور الأزمة الاقتصادية بسلام، كما أطالب الخبراء داخل مصر وخارجها بتقديم المعونة والمشاركة الفعالة في مساندة الوزارة الجديدة». وعلق الناطق باسم حزب «النور» السلفي نادر بكار على التعديل الوزاري قائلاً إن «الأهم هو رسم خريطة زمنية محددة المعالم والأهداف، للإنجاز السريع يمكن محاسبة الوزراء بناء عليها». وأضاف عبر حسابه الشخصي على موقع «تويتر» أن «الأمر الآخر المهم هو معرفة الدوافع وراء تغيير وزراء بأعينهم لم تكن أسماؤهم مطروحة في أي نقاش... على أي معيار تم الاستغناء عنهم؟». في المقابل أعلنت قوى معارضة رفضها التعديل الوزاري. وقال الناطق باسم «حركة 6 أبريل» محمد عادل إن «سياسات حكومة قنديل مرفوضة كلياً، ولا يمكن أن تتناسب مع تطلعات الثورة ومطالبها في العدالة الاجتماعية». ورأى أن «غالبية قرارات الحكومة ستأخذ البلاد نحو الهاوية الاقتصادية»، مشيراً إلى أن نصيب حزب «الحرية والعدالة» في التشكيل الجديد ارتفع إلى ثماني وزارات، وهو ما يجعل «الإخوان» في موضع المسؤولية والمساءلة في شكل مباشر. وأكد أن «حكومة قنديل الجديدة شكلت بعيداً عن أي توافق أو حوار وطني وحتى بعيداً من الإسلاميين الذين أيدوا الإخوان ومرسي خلال الفترة الماضية».