توفي في إسلام آباد أمس، قاضي حسين أحمد الزعيم التاريخي ل «الجماعة الإسلامية» في باكستان، بعد معاناة مع المرض استمرت سنوات. ونقل جثمان الزعيم الأصولي الذي توفي عن 74 سنة إلى مدينة بيشاور حيث صلي عليه ثم ووري الثرى في منطقة نوشهرة حيث مسقط رأسه. وكان قاضي حسين أحمد تخرج من قسم الجغرافيا في جامعة بيشاور ليصبح خلال سنوات قليلة الأمين العام ل «الجماعة» في الإقليم ما مكنه من لعب دور بارز خلال الغزو السوفياتي لأفغانستان، خصوصاً مع استضافة بيشاور جماعات المجاهدين الأفغان، وتحول المنطقة مركزاً لمنظمات الإغاثة العربية والعالمية، واستضافتها مستشفيات ومراكز رعاية ودور للأيتام ومدارس لأبناء اللاجئين الأفغان. وتولى قاضي حسين أحمد زعامة «الجماعة الإسلامية» في باكستان عام 1987 بعد خلافات حادة مع زعيمها السابق ميان طفيل محمد واتهامات لقاضي حسين أحمد بالعلاقة مع المؤسسة العسكرية الباكستانية، خصوصاً أنه دخل الانتخابات ضمن لائحة «التحالف الديموقراطي الإسلامي» بزعامة نواز شريف والتي قيل إن الاستخبارات العسكرية الباكستانية بقيادة الجنرال حميد غل كانت وراء تأسيسها لإطاحة حكومة بينظير بوتو الأولى عام 1990. وفي ظل زعامة قاضي حسين أحمد، حظيت «الجماعة» الباكستانية بعلاقات قوية مع التيارات الإسلامية في الدول العربية ودول الخليج، لكنها واجهت أزمة حادة بعد الغزو العراقي للكويت. كما أن افتراق الجماعة عن حكومة نواز شريف واتخاذها سياسة مستقلة ومقاطعتها الانتخابات واتهامها بدعم قلب الدين حكمتيار في أفغانستان، كلها عوامل أدت إلى انحسار شعبيتها. وعرف عن قاضي حسين أحمد قدرته على حشد الشارع الباكستاني في تظاهرات مليونية، فهو قاد بنفسه التظاهرات ضد حكومة بوتو الثانية في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1996، الأمر الذي كان سبباً رئيسياً في سقوطها. لكن هذا التأييد الشعبي للزعيم الأصولي لم يترجم أصواتاً انتخابية في صناديق الاقتراع. وقدم قاضي حسين استقالته من رئاسة «الجماعة» عام 2009 ليفسح في المجال أمام تولي جيل جديد من الشباب قيادتها، وانتخب منور حسن زعيماً لها. وتفرغ قاضي حسين أحمد منذ إلى إقامة ندوات ولقاءات مع شتى الشخصيات من مختلف الأطياف. وعلى رغم أن «الجماعة» الباكستانية تعتبر امتداداً فكرياً لجماعة «الإخوان المسلمين» في الدول العربية، فان قاضي حسين اختلف مع «الإخوان» في النظرة إلى الربيع العربي، ورأى فيه مؤامرة لإعادة صياغة التواجد الأميركي وتمرير التحالف مع الولاياتالمتحدة.