بدأت عائلات أميركية تشعر بقلق، إثر سماح إحدى الكنائس الأميركية بزواج المثليين نهاية الشهر الماضي. وتأتي هذه الخطوة في وقت تؤكد استطلاعات رأي، وأحدها أجرته محطة «سي أن أن»، أن نسبة كبيرة من الأميركيين تعارض إقرار قانون لهذا الزواج. ووفقاً لموقع محطة «سي أن أن» على شبكة الإنترنت فإن «الكنيسة الأسقفية، إحدى كبريات الكنائس البروتستانتية الأميركية، أعلنت تيسير زواج المثليين، وعينت مطارنة من الجنسين ينتمون إلى هذه الفئة». وأضافت المحطة في تقريرها أن لجنة مختصة في الكنيسة، صوتت بالغالبية على بدء وضع أدعية وتبريكات كي تُقرأ أثناء زواج المثليين، في وقت صوت مجلس المطارنة في الكنيسة، بأرجحية كبيرة، على السماح بتعيين مطارنة، من النساء والرجال المثليين». وأثار تسليط وسائل إعلامية أميركية الضوء على هذا الحدث، جدلاً كبيراً لدى شريحة واسعة من الأميركيين الذين يشير استطلاع ل «سي أن أن»، أجري في نيسان (أبريل) الماضي، إلى أن 44 في المئة منهم يرون أنه ينبغي إقرار قانون للزواج المثلي. معلوم أن هناك ثلاث ولايات فقط أقرت قانوناً للزواج المثلي، هي ماساشوستس وأيوا وكنيكتكت، وينتظر أن تنضم إليها ولاية فيرمونت، بعد إصدارها قانوناً يسمح بهذا النوع من الارتباط بحلول شهر أيلول (سبتمبر) المقبل. وكان مجلس مدينة واشنطن دي سي صوت مطلع شهر مايو (آيار) الماضي بأغلبية 12 صوتاً مقابل صوت فقط، على الاعتراف قانونياً بهذا النوع من الزواج، إذا ما جاء من ولايات تسمح به في شكل شرعي. حينذاك، صرّح رئيس بلدية واشنطن، إدريان فينتي، بأنه سيوقّع على هذا «الإجراء القانوني»، ملقياً الكرة في ملعب الكونغرس الذي إن لم يصدر قراراً يمنع هذا القانون، فإنه سيصبح نافذاً. ويقول أرت، وهو أميركي ولديه ابن في الحادية عشرة: «الزواج المثلي يخالف الطبيعة الإنسانية، وإذا انتشر فإنه لا شك سيدمر الروابط الأسرية». ويضيف: «لم أستطع أن أرد على طفلي، عندما سأل عن مشهد بثته إحدى المحطات لرجلين يتبادلان القبل، إثر إعلان زواجهما». ولا يدعو أرت، من خلال معارضته هذا الأمر، إلى اضطهاد المثليين، «لكن ما أود قوله إنه يجب أن لا يُعترف بزواجهم قانونياً»، كما أوضح. ويبدو أن الخشية من الزواج المثلي، دفعت أميركيين كثراً إلى «الحنين إلى رئيس بمواصفات جورج بوش الذي كان يعارض بقوة الزواج المثلي»، إذ يؤكد أرثر (37 سنة) أنه غير محسوب على الحزبين الديموقراطي أو الجمهوري، ولكنه لا يُحرج من الإعلان أنه لم يمنح صوته للرئيس باراك أوباما «لأنه لا يعارض صراحة الزواج المثلي أو الإجهاض»، كما يقول. ويوضح: «نعم بوش أوقع أميركا في أزمات اقتصادية، لكني أظن أن معارضته زواج المثليين، كحال غالبية المحسوبين على الحزب الجمهوري، أمر يدفع كثيرين إلى تجاوز مساوئه». ويرى أرثر أنه يجب على العقلاء من النخب السياسية في أميركا، أن تحارب إقرار قانون زواج المثليين. جينفر (35 سنة) تصرّح بأن أحد شقيقيها لديه ميول مثلية، وتقول: «هذا الأمر سبب خلافات مع زوجي الذي يوصف بأنه محافظ. لكننا مع الوقت تداركنا الأمر، بعدما اتفقنا على ألا يحتك طفلنا بخاله أبداً، لئلا يسير على خطاه». وتضيف: «مثلية أخي لا تجد قبولاً لدى والدي، وأهلنا يعتبرون أنه ألحق العار بعائلتنا، إلاّ أن الأمر لم يدفعهم إلى قطع الصلة به». ولا يمانع جون (26 سنة) إقرار قانون للزواج المثلي. وهو يعتقد أنه سيأتي اليوم الذي تعترف به جميع الولايات الأميركية. ويلاحظ «أن الزواج المثلي لقي في البداية معارضة في أوروبا، ولكن مع مرور الوقت تقبله كثير من الناس هناك». ومن نافل القول إن باراك أوباما الذي أسر غالبية الأميركيين، ما دفعهم إلى تنصيبه رئيساً، سيفقد الكثير من مؤيديه كلما جدد عدم ممانعته إقرار قانون للزواج المثلي، إذ أن أميركيين كثراً يعتبرون ان هذا النوع من الزواج، إذا وجد الدعم الحكومي سينتشر، ما يعني «تدمير القيم التي تنشأ عليها العائلات الأميركية»، كما يرى كثيرون.