تنتظر الطالبة ساعات طويلة بين المحاضرة الدراسية، تجلس بلا هدف ولا عمل، فالخروج ممنوع في الوقت الذي يحوي جدولها فراغات بين المحاضرات، لتتقلص خيارات قضاء الوقت في «الكافتيريا» بين الأطعمة والمشروبات الساخنة والباردة، لتكون النتيجة زيادة في السمنة وآثار صحية سلبية على الجسم والنشاط. من أجل هذا، طالبت مجموعة من الطالبات بمنحهن الفرصة لممارسة الرياضة، ولِمَ لا؟ «فالعقل السليم في الجسم السليم»، فكثيرات هن اللاتي كنّ يحلمن منذ الصغر بممارسة نشاط رياضي داخل المدارس ومن بعدها الجامعات. وانتقدت طالبات، التقت بهن «الحياة»، عدم وجود أي نشاط رياضي داخل الجامعات الحكومية في ظل وجود ظروف مكانية وزمانية تسمح بذلك، في وقت تولي الجامعات الأهلية النشاط الرياضي النسائي دوراً مهماً، ففي كل فصل دراسي تختار الطالبة نوعاً من أنواع الرياضة المحددة في الجدول، وتسجل لها كمادة مثل بقية المواد لها درجات واختبارات. بعد أعوام عدة، تطمح الطالبة روان اليوسف من كلية الآداب في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بتمثيل المملكة في الأولمبياد، تقول: «نطالب بأن يكون لنا نادٍ رياضي نذهب إليه بعد الدوام الجامعي أو في وقت الفراغ، يحوي حصصاً رياضية مثل اليوغا، آيروبكس، كرة سلة، سباحة...». واقترحت أن يكون لكل طالبة جامعية بطاقة عضوية، مشيرة إلى أنه «لا مانع أن يكون هناك مبلغ رمزي لتجديد بطاقة العضوية في كل فصل دراسي أو كل شهر». وزادت: «لا أحد يعلم بعد أعوام من منا نحن الطالبات ستمثل المملكة في الأولمبياد». من جهته، يرى الدكتور جمال الفارس المسؤول عن الأنشطة الرياضية في السنة التحضيرية في جامعة الملك سعود، أن من الأهمية وجود أنشطة رياضية في الجامعات والكليات النسائية، لأن تركها له آثار سيئة بدنية ونفسية، «كما أن للطالبات الحق في ممارستها كما يمارس الطلاب الرياضة». وقال ل«الحياة»: «ترك الرياضة للمرأة له جانب سلبي كبير بلا شك، إن قوام المرأة وجمالها أمر يحتاج إلى بذل الجهد، حتى لا ندخل في السمنة وأضرارها، فهي باتت مرضاً، وليس عرضاً، والحديث عن تأثير الرياضة على المرأة أمر يطول شرحه، فلا يقتصر على النواحي البدنية، إذ إن له أبعاداً نفسية كبيرة وخطرة». واعتبر أن للمرأة حقاً في ممارسة الرياضة في الجامعات، وفقاً للضوابط الشرعية، ويجب أن يخصص لها نوادٍ في الجامعات، حتى تتم ممارسة الرياضة، وأعتقد أن هذا الأمر ليس صعباً، فهذا حق شرعي و مشروع. ويؤيد فكرة الأندية الرياضية النسائية في الجامعات الحكومية عبدالله الجهني (ولي أمر إحدى طالبات الجامعة)، عندما يطالب بتفعيل الرياضة للطالبات «فنسبة السمنة تزداد يومياً، وبدلاً من أن تنتظر الطالبات ساعات طويلة بلا طائل، من الممكن أن يمارسن الرياضة». ويلفت الجهني النظر إلى زاوية أخرى بقوله: «نحن أولياء الأمور نستأذن من أعمالنا في الأسبوع ساعات عدة، لنخرج بناتنا أو أخواتنا، فإنشاء نادٍ رياضي لممارسة الرياضة داخل الجامعات سيعتبر متنفساً جيداً لهن». صحياً، يؤكد الطبيب ريان كركدان مدرب الصحة ومؤسس مجموعة «ميزان» لدعم الصحة ل«الحياة»: «بطبيعة الحال، الشخص العادي يجب أن يمارس الحركة أو الرياضة مدة نصف ساعة يومياً على مدار خمسة أيام في الأسبوع في ظل وجود كل هذه العوامل من حولنا، التي تؤدي إلى السمنة وتدني الصحة العامة عموماً». ويحبذ كركدان إنشاء نوادٍ رياضية نسائية في الجامعات، فبحسب رأيه، «يصعب على الطالبة ممارسة الرياضة مساء بحكم الدوام الطويل والإرهاق، الذي تتعرض له في ساعات الدراسة الطويلة، لا سيما أن العمل لا ينتهي برجوعهم إلى البيت، فهناك الواجبات المنزلية والعائلية والدراسية، لذلك من الممكن أن تكون الحلول صباحية بممارسة الرياضة داخل الجامعة»، واصفاً الفكرة ب«الممتازة». وأضاف: «التعدي على عاداتنا ليس حلاً، وكذلك تجاهل الموضوع ليس حلاً، و بما أن الأمراض المزمنة «غير سارية»، وصلت إلى معدلات باتت تهدد صحة البلد ومستقبل الشباب، الذين هم ثروة هذا الوطن الحقيقية، فالتفكير في حلّ يناسب حياتنا أصبح أكثر من مجرد كماليات، أتمنى أن أرى أخواتنا يصلون إلى حل مرضٍ في القريب العاجل».