أكد رئيس جمعية حقوق الإنسان السعودية الدكتور مفلح القحطاني أن وضع حقوق الإنسان في المملكة في العام الهجري الماضي كان فيه تقدم ملحوظ، وأن هناك إشكالات من ناحية تطبيق وممارسة حقوق الإنسان، لأنها تقترن دائماً بالعنصر البشري، وهذا العنصر يصعب كثيراً السيطرة على سلوكياته ومواقفه مع الأنظمة، سواء أكان في مرحلة تطبيق الأنظمة أم تنفيذها، مشيراً إلى أن الجمعية تنتظر أنظمة أخرى كما هي الحال في نظام لحماية حقوق المستهلك، والجمعية رفعت مشروع نظام في هذا الشأن، وصدرت موافقة سامية بإحالته إلى الدرس. وقال القحطاني في حديث مع «الحياة»: «أنا لا أفضل مصطلح التعقيب لشرح آلية عمل الجمعية، وفئة البدون تعاني من تبعات كثيرة لعدم انتهاء قضيتهم، حتى أنهم ربما لا يستطيعون دفن موتاهم، كما أن الجمعية نظرت إلى أكثر من 40 ألف قضية منذ إنشائها، ونسبة التنفيذ تراوح بين ال70 إلى ال80 في المئة». إلى نص الحوار: كيف ترى وضع حقوق الإنسان في المملكة في العام الماضي؟ - وضع حقوق الإنسان في المملكة فيه تقدم ملحوظ، فهناك ظهور لبعض الأنظمة والقوانين التي تسهم في حماية هذه الحقوق، وهناك بعض المؤسسات التي بدأت تتكون، لتعمل في مثل هذا المجال، أو لتعمل بجوانب أخرى تتعلق بحقوق الإنسان كهيئة مكافحة الفساد والهيئات الرقابية الأخرى. هذا من الناحية النظرية، فكيف من الناحية التطبيقية؟ - نعم هناك إشكالات من ناحية تطبيق وممارسة حقوق الإنسان، لأنها تقترن دائماً بالعنصر البشري، وهذا العُنصر يصعب كثيراً السيطرة على سلوكياته ومواقفه مع الأنظمة، سواء في مرحلة تطبيق الأنظمة أم تنفيذها، فهذه الإشكالية تحتاج إلى جهد لاختيار الأشخاص الذين يجمعون بين الكفاءة والعنصر الإنساني في قيادة الأجهزة المختلفة، كما يحتاج إلى وجود جهات حقوقية داخل الوزارات، إضافة إلى الجهات الرقابية، وفتح آليات للتأكد من جودة الأداء. وهل سعيتم مع الجهات الحكومية الضبطية والقضائية إلى أن تكون هناك آليات ملزمة لأفرادها لتطبيق حقوق الإنسان؟ - الجمعية شاركت في تدريب الأشخاص المكلفين بتطبيق الأنظمة والقوانين، ولديها أكثر من 30 مطبوعة تتعلق بنشر الثقافة الحقوقية، ومنها سلسلة اعرف حقوقك، وتُرشد العاملين في الأجهزة. الجمهور العام قد لا يدرك أن للإنسان حقوقاً في حال القبض عليه أو محاكمته أو حتى مثوله أمام القاضي.. ماذا فعلتم لتوسعة معرفة الجمهور بحقوق الإنسان؟ - لا أخفيك أن من الصعوبات التي لا نزال نواجهها هي نشر الثقافة الحقوقية بين المواطن والمسؤول، فهناك نقص لدى المواطن والمقيم، ونقص مماثل لدى المسؤول في فهم الثقافة الحقوقية، والاعتقاد أنه في حال وجود الإهمال والنقص فإن النقصان في الكفاءة، والحقيقة عكس ذلك، فمثل هذا الأمر يساعد على الوفاء بمتطلبات أداء المهنة أو إبراء الذمة. هناك الكثير من الأنظمة الجديدة التي صدرت مثل نظام التنفيذ، هل أُخذ رأيكم قبل إقرارها؟ - الجمعية شاركت في صياغة بعض هذه الأنظمة، وحضرت بعض المناقشات سواء أكان في هيئة الخبراء أم مجلس الشورى، وقدمت مقترحات بشأن بعض هذه الأنظمة، ووجود مثل هذه الأنظمة يساعد في حماية الحقوق، ولكن لا يمنع أننا ننتظر أنظمة أخرى كما هي الحال في نظامٍ لحماية حقوق المستهلك، والجمعية رفعت مشروع نظام في هذا الشأن، وصدرت موافقة سامية بإحالته إلى الدرس، ونأمل من الجهات ذات العلاقة الإسراع في إقراره، وأحيلت من هيئة الخبراء إلى وزارة التجارة ونأمل صدوره، لأن الحاجة تدعو إلى حماية حقوق المستهلكين، خصوصاً في ظل الظروف الحالية، إذ نرى أن المستهلك هو الحلقة الأضعف من ناحية الأوضاع الاقتصادية. الكثير من المواطنين يتوقعون أن الجمعية هي جهة تعقيب، تنهي لهم بعض معاملاتهم المتعثرة في أروقة الجهات الحكومية.. هل هذا فهم ناقص لآلية عمل الجمعية؟ - الجمعية تعمل على إيجاد مشاريع قوانين في المجالات التي ليست فيها أنظمة أو قوانين، ويكون فيها نوع من انتهاك أو انتقاص من الحقوق، وأنا لا أفضل مصطلح التعقيب، لأنه عندما يتقدم صاحب الشكوى إلى الجمعية، فنجد بعد الدرس أن له حقاً يستند إلى نظام أو قاعدة شرعية أو نظامية، فتقوم حينها الجمعية بمخاطبة الوزارة أو الجهة المعنية لإعطائه حقه، وهي التي تتابع هذه المخاطبة، فإن لم ترد فترفع المعاملة إلى جهات أعلى من أجل الضغط على الجهة الأدنى للوفاء بحق هذا المواطن، أيعتبر هذا تعقيباً أم هي متابعة للوصول إلى حق المتضرر! ما أبرز القضايا التي تم التركيز عليها العام الماضي في الجمعية؟ - لعل قضايا السجناء الأمنيين هي من القضايا الأولى التي حازت على متابعة الجمعية العام الماضي، باعتبار أن الجمعية مرت على سجون المباحث، والتقت بالسجناء وأعطت تقريراً مفصلاً عن هذا الموضوع، وتم رفعه لل جهات المسؤولة، والحمد لله رأينا الكثير من الإنجاز في ما يتعلق بهذا الموضوع، وأصبح هناك إفراج لما يقارب نصف السجناء الأمنيين في الفترة الماضية، تأتي في المرتبة الثانية قضايا (البدون)، وهذه ما زالت من القضايا التي لم يحدث فيها انفراج حتى الآن، ونأمل أن يتم انفراجها قريباً، خصوصاً أن أعداد المتضررين ليست قليلة في المملكة، وهذا يترتب عليه حرمانهم من معظم حقوقهم، من ناحية العمل والصحة والعلاج والتنقل والزواج وحتى دفن موتاهم، وفي المرتبة الثالثة مواضيع كثيرة تتوزع بين قضايا الأحوال الشخصية مثل العنف الأسري، والقضايا العمالية وما يكون بين أرباب العمل ومَنْ يعملون معهم. كم عدد القضايا التي نظرتها الجمعية الفترة الماضية، وكم التي نفذ منها؟ - نظرت الجمعية إلى أكثر من 40 ألف قضية منذ إنشائها، ونسبة الإنجاز تراوح بين ال70 إلى ال80 في المئة، على رغم أن بعض القضايا قد تأخذ وقتاً أطول لحلها. وما آخر الإنجازات التي نفذت العام الماضي؟ - طبعاً خلال السنة الماضية تم إيجاد مكاتب لجمعية حقوق الإنسان في سجون المباحث، وهذه من الإنجازات التي تحققت للجمعية ولوزارة الداخلية التي فتحت هذه السجون للجمعيات الحقوقية، وهذا دليل على أن هناك شفافية لدى وزارة الداخلية، وليس هناك ما يُخفى ليمنع الجمعيات الحقوقية من الوصول إليه، وأصبحت هناك مكاتب للجمعية في سجون المباحث الخمسة بتوجيه من وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف.