رد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على دعوة رئيس الجمهورية ميشال سليمان من بكركي قبل يومين، اقطاب الحوار الى استئنافه في السابع من كانون الثاني (يناير) المقبل او اقتراح البديل منه، بتأكيده «التزامنا التام بحوار وطني حقيقي لا الانخراط في عملية تكاذب سياسي ليست سوى ملهاة لكم ولنا وللبنانيين، وعملية التقاط صور او أنفاس، تمهيداً لجولة أخرى من الترهيب والقتل وانتزاع أنفس الأبرياء»، مشدداً على ان البديل «استقالة الحكومة ثم التقيّد بالإجراءات الدستورية التي ستُفضي حكماً الى تشكيل حكومة جديدة تُشرف على الانتخابات النيابية». وتلا جعجع في مؤتمر صحافي امس، رسالة مفتوحة الى سليمان، تمنى في مستهلها لو «ان الظروف الأمنية المحيطة بقيادات قوى 14 آذار مختلفة هذه السنة عن سابقاتها، كي نتشرّف بزيارتكم في قصر بعبدا لتهنئتكم بالأعياد المجيدة، والتباحث معكم في شؤون الساعة، إلاّ أن آلة القتل والاغتيال المُتمادية، أبت إلاّ ان تمنعنا من التلاقي الدوري والمباشر»، املاً في ان تكون السنة المقبلة «سنة سلامٍ واستقرارٍ وحوارٍ حقيقي وأخوي بين اللبنانيين، بعيداً من لغة القتل والاغتيالات». وأكد ان «ما يمنعنا من تلبية الدعوة الى الحوار الطرف الذي تدعونا فخامتكم للجلوس معه تحديداً، والذي يعمد، لا الى تقويض الحوار الوطني وإفراغ مقرراته من مضمونها فحسب، وإنما الى إفراغ طاولة الحوار من محاوريها ايضاً. فبعد 25 اغتيالاً ومحاولة اغتيال وتفجير، كادت طاولة الحوار ان تفرغ من ممثلّي قوى 14 آذار عليها. فمن سيتحاور مع من يا ترى؟». وشدد جعجع على ان «ما طالبت به قوى 14 آذار على الدوام، حوارٌ جدّي وبنّاء، ينطلق ممّا اتفق عليه سابقاً، فلا تلغي نقاشات الجلسة فيه مقررات الجلسات التي سبقتها. حوارٌ يلتئم من دون ان يكون المسدّس موجهاً الى رأس قوى 14 آذار، بخلاف ما هو حاصلٌ اليوم، ورفضنا منطق الحوار هذا يستهدف حصراً الجهة التي تحاول التلطّي خلف طاولة الحوار، لممارسة الارهاب والابتزاز الأمني والسياسي، وفرض معادلة إمّا السلاح غير الشرعي او الفوضى، وبالتالي تحصيل مكاسب سياسية، عن طريق طاولة الحوار، عجزت عن تحقيقها تحت وطأة الترهيب والاغتيال». ولفت الى «ان 19 جلسة حوار عُقدت ما بين عامي 2006 و2007 لم تحل جميعها دون وقوع حوادث 7 ايار التي اسفرت عن 70 قتيلاً ونيّف ومئات الجرحى وكثير من الخراب. ولم يكن الحوار الذي انعقد، سواء في الدوحة، ام بين العامين 2008 و2010 هو الذي وفّر استقراراً مقبولاً للبنان، وإنما حصول فريق 8 آذار بفعل استعمال السلاح في 7 ايار على الثلث المعطّل الذي كان يصبو اليه مرحلياً حينها. والمعادلة الحقيقية عند الفريق الآخر هي إمّا أن تعطوني ما أريد وتحصلون على الاستقرار، أو لا استقرار. أمّا الحوار بالنسبة اليه فهو فقط لتغطية هذه المعادلة». وقال: «إعلان بعبدا الذي اعتبرتموه إنجازاً مهماً للحوار، ترجمةٌ لما نؤمن به، نحن كفريق 14 آذار، وإيّاكم، من دون سوانا من الجالسين على طاولة الحوار، ونراه يتعرض يومياً للطعنة تلو الطعنة من قبل الفريق الآخر الذي كان كلّه على الطاولة، بدءاً بمحاولة اغتيال النائب بطرس حرب، مروراً بإطلاق طائرة ايوب ومن ثم اغتيال اللواء وسام الحسن، وصولاً حتى الى نفي وجود إعلان كهذا من أساسه، مثلما جاء على لسان العماد ميشال عون في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012». وعن موضوع «الاستراتيجية الدفاعية»، ذكر جعجع ب «انه وبعد انعقاد 42 جلسة حوار، وبعد انقضاء 150 ساعةً من النقاشات، وبعدما تقدّم جميع الأطراف الرئيسيين بتصوّرهم المكتوب للاستراتيجية الدفاعية، ما زال الطرف المعني مباشرةً بجدول اعمال طاولة الحوار، اي حزب الله، يتمنّع عن وضع تصوّره الخطّي لهذه الاستراتيجية على طاولة الحوار، ويستعيض عن ذلك بوضع مسدّسه على تلك الطاولة، ويجاهر على لسان مسؤوليه يوميّاً، بأنّ سلاحه ليس مطروحاً للنقاش أصلاً». وسأل: «أوليس من المعيب ان تستمر حفلة الغش والرياء والتلاعب بعواطف الرأي العام من خلال إيهامه بجدوى عقد اجتماعاتٍ عبثية، يقتل في ظلّها الطرف الآخر؟». ورأى ان تشبيه سليمان «موقفنا المبدئي من طاولة الحوار اليوم، بموقف الفريق الآخر منها، خلال مرحلة ما سُمّي بشهود الزور، فيه الكثير من الإجحاف بحق المئات من شهود الحقّ الأبرياء الذين سقطوا منذ محاولة اغتيال النائب مروان حماده، وحتى اغتيال اللواء وسام الحسن بالأمس القريب». وقال: «المقاطعة الأولى كانت ترفع شعار زورٍ لتعطيل الحياة السياسية والانقضاض على حقٍّ سياسي وشرعي ودستوري، أمّا نحن فنرفع شعار حقٍّ، مُذيّلاً بدماء مئات الأبرياء، في محاولةٍ منّا لوقف آلة القتل والإجرام والإرهاب». واعتبر ان «واقع الاغتيالات الذي يطاول فريق 14 آذار حصراً، امرٌ فعلي وملموس على عكس موضوع شهود الزور كما بيّنته الأحداث لاحقاً، وبالتالي لا يمكن تجاهله في معرض مقاربتكم لموقف قوى 14 آذار من طاولة الحوار». وعن تمني سليمان على «فرقاء الحوار المجيء في كانون الثاني (يناير)، وإذا لم يأتوا فليعطوا البدائل»، قال جعجع: «انه كلامٌ يضع الضحية والجلاّد في كفّةٍ واحدة، لأن البديل الفعلي يجب ان يكون الدستور والقوانين والإجراءات الشرعية، وليس مزيداً من التغطية لعمليات الفوضى والقتل وزعزعة الاستقرار التي يُهدد بها الفريق الآخر، في محاولةٍ منه لجلبنا مكبّلين، صاغرين، راضخين، الى حوارٍ قسري اراد تفصيله وفق مقاس أجندته السياسية، وارتباطاته الإقليمية»، مشدداً على ان البدائل «ان يهبّ جميع اللبنانيين، وأنتم فخامة الرئيس على رأسهم، لنصرة الحق وفضح الباطل، والعمل على استعادة المؤسسات الشرعية حضورها وهيبتها، بغية التصدّي لآلة القتل، وإيقافها عند حدّها. وهل يجوز ان نجلس الى طاولة الحوار فيما المُتهمون والمشتبه بهم أقله في تنفيذ هذه الاغتيالات ينتمون الى الطرف المقابل على الطاولة، من دون ان يجرؤ احدٌ من مؤسسات الدولة الشرعية على توقيفهم او مُجرّد مُساءلتهم؟». ورأى «أن التهويل بالفراغ (بعد استقالة الحكومة الحالية) من ابتداع الفريق الآخر، فالآليات الدستورية واضحة في هذا المجال، ولا تحتمل اي لبس او اجتهاد». وقال: «الحوار شبه الوحيد الذي يتمتّع بالصدقية، هو الذي يقوم بين قوى 14 آذار وباقي المخلصين والأحرار في البلد، وبين فخامتكم تحديداً، وهو تحصيل حاصل اصلاً، لأن ما يجمعنا من ثوابت وأخلاقيات واحترامٍ لكلمتنا، هو اكبر بكثير ممّا يُفرّقنا». وعن تغيير قانون الانتخابات، قال جعجع: «لطالما المجلس النيابي سيد نفسه، فليتفضّل الى مناقشة هذا القانون وإجراء التعديلات التي يريدها. وهو موقفٌ محمودٌ، يُعبّر عن نظرة قوى 14 آذار تحديداً»، لافتاً الى ان «اصرارنا على إجراء الانتخابات في مواعيدها الدستورية، يوازيه سعينا الدؤوب لاستبدال قانون الستين، بمشروع قانونٍ انتخابي يكون اكثر إنصافاً وعدالةً للبنانيين. لذلك لم نتردد في خرق مقاطعتنا، في ما يتعلق بهذا الشقّ تحديداً، ووافقنا على اجتماع اللجنة الفرعية المكلفة مناقشة قانونٍ جديد للانتخابات، بعدما كنّا السبّاقين الى طرح مشروعٍ بديل عن قانون الستين، هو مشروع الدوائر الصغرى. ونعلن عن استعدادنا التام لخرق مقاطعتنا مرّة أخرى، والتوجه الى المجلس النيابي حين يدعو رئيس المجلس الهيئة العامة الى جلسة مخصصة لإقرار مشروع جديد للانتخابات يؤمّن صحّةً التمثيل التي نعمل وإيّاكم، لتحقيقها».