أبرزت أحداث الربيع العربي والأزمات الدولية في العامين الماضيين اختلافات بين القوى العظمى، وأظهرت تباينات سياسية في أحزاب الدولة الواحدة، في الوقت الذي كانت تعاني بعض دول الخليج من أزمات داخلية وطائفية، إلا أنها كانت أكثر وضوحاً في الرؤية المشتركة والمواقف السياسية الموحدة والتي أُعلنت في القمة الخليجية السابقة ال32، ومازال وزراء الخارجية الخليجيون يؤكدون مواقف دولهم الثابتة في كل أزمة دولية. وأظهر تقرير مفصّل لإنجازات مجلس التعاون الخليجي حصلت «الحياة» على نسخة منه، اتفاق السياسة الخارجية لدول المجلس في بعض القضايا الدولية، ولأن القضية السورية شغلت المجتمع الدولي بعد استمرار نظام بشار الأسد في اقتراف المجازر الدموية ضد شعبه، كانت الحكومات الخليجية سبّاقة ورائدة للجامعة العربية منذ بدء الثورة حتى تم تبني موقف موحد بالاعتراف بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في دوحة قطر أخيراً، ومع هذا الاعتراف يستمر قادة المجلس ووزراء خارجيته في التنديد المستمر بكافة المحافل الدولية بجرائم النظام، ومناشدة المجتمع الدولي والمنظمات العالمية، فيما كانت التبرعات للاجئين السوريين تتم بمبادرات فردية لبعض دول الخليج. وفي ظل الأزمة السورية أظهرت إيران كحليف لنظام الأسد مخاوف الخليجيين مجدداً بعد أن بدأت بتصريحات من مسؤولين إيرانيين ضد حكومات الخليج، وانتقلت لتهديد العالم بعد أزمة العقوبات النفطية بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره ثلث إنتاج العالم من البترول، وصاحب ذلك كله اتهامات التدخل المستمر في الشؤون الداخلية لدول المجلس بدءاً من البحرين، وانتهاء بظهور شبكات تجسس إيرانية في اليمن، والدعم غير المعلن للحوثيين في الحرب مع الحكومتين السعودية واليمنية، لتزيد تلك الأزمات من اتحاد الخليجيين قادة وشعباً ضد الخطر الإيراني، إلا أن الموقف الرسمي مازال يطالب ويؤكد على حسن الجوار، وفي نفس السياق شارك الخليجيون المجتمع الدولي في الإعراب عن قلقهم من استمرار البرنامج النووي الذي يهدد السلام العالمي قبل دولهم. ولا تزال الجُزر الإماراتيةالمحتلة من إيران موضوع القمم الخليجية الثابت المطالب بسيادة الإمارات لها. وفي الشأن الفلسطيني لم يكن حال «التعاون» أفضل من مطالب العرب التي تنادي بالانسحاب الكامل إلى حدود 1967، وإقامة دولة فلسطينية، وعودة الجولان المحتل، مع شجب واستنكار لبناء المستوطنات. فيما حظي الشأن اليمني بأنجح مبادرات المجلس بعد أن أوقف حمام الدم اليمني وأقنع علي عبد الله صالح بالتنحي عن الحكم في ظل حصانة دبلوماسية لتنتهي الثورة، وتبدأ بعد ذلك انتخابات شعبية حرة للمرة الأولى بعد 30 عاماً، وبتوافق لمعظم القوى اليمنية نجح خلالها الرئيس المنتخب عبد ربه هادي منصور في فرض شبه استقرار أمني إلى حد كبير على اليمن، ونجح بعد ذلك مجلس التعاون في مبادرة مؤتمر المانحين الذي عُقد في الرياض في سبتمبر الماضي إلى جلب أكثر من ستة بلايين دولار من المنظمات الدولية ودول مانحة لإعادة إعمار اليمن لتحل بذلك مؤقتاً الوضع المأساوي للإنسان اليمني وكانت دول الخليج الداعم الأكبر في ذلك المؤتمر. وكان الشأن العراقي الأقل نشاطاً سياسياً لدى دول المجلس إذ اكتفوا بالتأكيد على سيادة العراق وفتح ملف الأسرى الكويتيين، فيما كانت السعودية تسعى بشكل فردي لتفعيل اتفاقية تبادل السجناء إلا أن خلافات في العراق عطلت ذلك حتى الآن.