أطلبُ السلامَ للقادرينَ على إعطائه كأنّه ملكيَّتُهُم الخاصّة، شيءٌ من أشيائهم السلام الذي ليس هو حمامة، ولا هو تِرغَلَّة فاتنة وإنّما أثر بسيط من قلب مألوف كلمات متبادَلَة يمكن أن يتقاسَمَها البشر لقَولِ الجوعِ والعطش، الخبزِ والشِّعر المطرِ في نظرة من يَتبادلون الحُبّ. الحِقدُ. الحقد. أسيادُ السلامِ هم أيضاً أسيادُ الحقد. أسيادٌ صغارٌ، أسيادٌ كبارٌ، حِقدٌ شاسعٌ دائماً. الفولاذُ هنا، المَعدِنُ الرماديُّ – الأزرَق الذَّرَّةُ هنا ومنها نصنعُ ما هو أفضل من مُرَبَّياتِ الفطورِ التي نأكلُها مع الزُّبْدَةِ والكرواسّان. أسيادُ الحربِ والسّلمِ يسكنونَ فوقَ الغيومِ في حَمَلايا أبراجِ المصارف أحياناً يرَوننا، لكنّ حِقدَهُم هو الذي يرى، في أغلبِ الأحيان: ولِحِقدِهم نظّاراتٌ سوداء نعرفُها ماذا يريدون؟ أن يتركوا أسماءهم في التاريخ إلى جانب من هم من سلالةِ الإسكندر ونابليون هتلر ليس غريباً عنهم مهما قالوا: على أيّ حال، صُنِعَ البشرُ لكي يموتوا أو، عِوَضاً عن ذلك، لكي يُقتَلوا وهم، على طريقتِهِم الفُضلى، يخدمونَ نظاماً ما الفوضى من مهمَّةِ الكلاب – أما البشر فهذا يعني التمدُّن إذاً على وَقعِ الجِزَمِ، وقصفِ المدافعِ والقنابل لِيَسودَ النظامُ حيثُ كادتِ الحياةُ، بفعلِ ضرباتِ أزهار المارغاريت، أن تُعَطِّلَه بفعلِ ضَرَباتِ المارغاريت والأصابع المتشابكَة، ونكهةِ الضوء، هذا الصمتُ الطويلُ الذي يستقرُّ فوقَ الأشياءِ، فوق كلِّ أثَرٍ، على الشفاهِ وجِلدِها السعيد، حين يبدو كلُّ شيءٍ وكأنهُ يسيلُ من نبعٍ كنَهْر في عالمٍ ليس جامداً، عالمٍ ثمِلٍ قليلاً، يذهب ويجيء، ويتنفَّس... أيّها العالمُ... يا أنتَ مع جمالِ بحارِكَ، مع أقاليمِكَ، خطوطِ الطولِ، القارّات، رجالِكَ السودِ، رجالِكَ البيضِ، رجالِكَ الحُمرِ، رجالِكَ الصُّفرِ، رجالِكَ الزُّرق، ومع بهاءِ نسائكَ وسطوعهنّ وقد امتلأنَ بعيونٍ وأثداء، بظلالٍ شَهِيَّةٍ وسيقان أيّها العالمُ، ومعكَ الثلجُ فوق القمم والكثيرِ من الثمار في وديانكَ وسهولِك الكثير من القمح، من الأرزّ الثمين، لو فقط أردنا أن نتركَ «غايا» الكريمة تُنجِبُ الكثيرَ من الأطفال، الكثيرَ من الأطفال، وللملايين منهم، الكثيرَ من الذُّباب أيّها العالم، لو فقط كنتَ تريد أن تُفَلّي الجمجمةَ الصلعاء من القَملِ، هذه الكائناتُ الجراد وتُسِرّ لها، كإملاء اليَعسوبِ، شيئاً من حكمتكَ الأبديّة أطلبُ السلامَ لجميعِ القادرينَ على إعطائه وهم قِلّة، على أيِّ حال، رجالُ العُنفِ والبرد قد تَكونُ لهم أيضاً، على الرغم من المظاهر، ذكرياتُ طفولةٍ، أمٌّ مَحبوبَة أسطوانةٌ قديمةٌ طالما استمعوا إليها، في الماضي آه، لترجِعَ إليهم لحظاتُ الذاكرةِ هذه مع باقةٍ من البَنَفسَج! عندئذٍ سيتذكّرونَ صباحاتِ الندى رائحةَ الماءِ ودخانَ الفجرِ على سطحِ القمر * ألقيت هذه القصيدة في الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية في اليونيسكو، وترجمها الشاعر عيسى مخلوف.