رفض البرلمان الليبي المنعقد في طبرق أمس، تشكيلة حكومية قدمها رئيس الوزراء المكلف عبد الله الثني تتألف من 16 وزيراً، أبرزهم الناشطة الحقوقية فريدة العلاقي التي رشحها لحقيبة الخارجية. وعزت مصادر سياسية في طبرق الرفض إلى صراع يتمحور حول «المحاصصة» في توزيع الحقائب بين القوى المهيمنة على البرلمان وخصوصاً «الفيديراليين» وأنصار اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي تخوض قواته معارك عنيفة ضد «الثوار الإسلاميين» في بنغازي (راجع ص 6). وأبلغت المصادر «الحياة» أن الكتل النيابية، تذرعت بمجموعة من الأسباب في رفضها تشكيلة الثني، ومن بينها إصراره على تولي حقيبة الدفاع في حكومته والتي يرى أنصار حفتر أنها يجب أن تكون من نصيبهم. كذلك دخلت قوى أخرى في برلمان طبرق على الخط، مبدية اعتراضها على تكليف العلاقي ملف الخارجية بعد رفض وزير الخارجية الحالي محمد عبد العزيز الاستمرار في منصبه. وطالب المعترضون بتكليف «ديبلوماسي مخضرم» بالوزارة، نظراً إلى «المرحلة الصعبة» التي تمر بها البلاد كما قالت المصادر. وأبدى «الفيديراليون» اعتراضهم على ترشيح الحقوقي عبد الحفيظ غوقة لتولي منصب وزير العدل، بعد تقديم الوزير صلاح المرغني استقالته وعزوفه عن تولي منصب حكومي. كما اعترضوا على تسمية عاشور شوايل وزيراً للداخلية ونائباً لرئيس الحكومة في آن، مؤكدين رفضهم «تعدد المناصب» لعضو في الحكومة. وأشارت مصادر أخرى إلى أن الخلافات احتدمت في البرلمان منذ افتتاح جلساته، وتحديداً بعد انتخاب عقيلة صالح رئيساً له أوائل آب (أغسطس) الماضي، ما أثار سخط «الفيديراليين» الذين كانوا يأملون بتولي النائب أبو بكر بعيرة المنصب. وحمل الفيديراليون في حينه على زعيم «تحالف القوى الوطنية» محمود جبريل، واعتبروه وراء استبعاد مرشحهم لرئاسة البرلمان. وعلمت «الحياة» أن الخلاف على التشكيلة الحكومية قد يصل إلى درجة اعتذار الثني عن الاستمرار في منصبه، فيما بدأت أوساط بتداول أسماء شخصيات مرشحة لخلافته، من بينها النائب عن طرابلس علي التكبالي الذي أظهر قدراً كبيراً من التشدد حيال الحوار مع النواب المؤيدين لعملية «فجر ليبيا» والمقاطعين لجلسات البرلمان بعد قرار نقله إلى طبرق، ما حدا بمتظاهرين في طرابلس يوم الجمعة الماضي إلى «شنق» دمية تمثل التكبالي في ميدان الحرية، خلال تظاهرة مناهضة للبرلمان الجديد. وأبلغت مصادر قريبة من الثني «الحياة» أنه يتمسك برفضه المحاصصة ويرغب في تشكيل حكومة وحدة وطنية. وأشارت إلى تحفظه عن فرض وزراء عليه، وعن الضغوطات التي قد تؤدي إلى رفع عدد الأعضاء في حكومته العتيدة إلى أكثر من 20 وزيراً بدل 16 كما ورد في تشكيلته الأساسية. وتردد أن التكتلات داخل البرلمان اشترطت على الثني أن تسمي هي وزراءها، على أن تبقى له بعض الحرية في اختيار عدد من أعضاء حكومته. في المقابل، بررت مصادر قريبة من «الفيديراليين» معارضتهم التشكيلة باشتراطهم «تحديد أهداف الحكومة وبرنامجها قبل اختيار الوزراء». في الوقت ذاته، أخذ خصوم «الفيديراليين» عليهم تصريحات أدلى بها بعيرة أول من أمس، واعتبرت خارج صلاحياته، بقوله إن «الجيش (حفتر) هو الذي أمر بتحويل اتجاه السفن من بنغازي إلى طبرق وأن رئاسة الأركان لا علاقة لها بالأمر»، ما أثار تساؤلات حول «حق النائب الفيديرالي في الحديث بالنيابة عن الجيش ورئاسة الأركان».