من يحكم بريطانيا حالياً، وحتى نهاية آب (اغسطس) الجاري؟ خصوصاً في غياب رئيس الحكومة غوردون براون الذي بدأ اجازته في الثاني والعشرين من الشهر الماضي استعداداً لموسم حار في ايلول (سبتمبر) حين ينعقد المؤتمر السنوي للحزب الحاكم، وهو الاخير قبل الانتخابات العامة المتوقعة في ايار (مايو) المقبل. وقبل براون هذه الاجازة الطويلة بالحاح من زوجته سارة ومعاونيه في «10 داوننغ ستريت» الذين لاحظوا الارهاق عليه وضيقه بما يجري من مؤامرات ضده، وحتى قضم اظافره في مجلس الوزراء وامام الكاميرات في جلسات مجلس العموم. وتولت نائب زعيم الحزب هارييت هارمن المسؤولية في الفترة الاولى من «داوننغ ستريت»، وهي اثارت زوبعة في تصريحاتها عن «الرجال الذين لا يعرفون ادارة الامور من دون تعاون مع المرأة التي هي نصف المجتمع». ما دفع بالمسؤولين في مقر الحكومة على الايضاح فوراً «ان براون لا يزال يُشرف حتى اثناء الاجازة على ادارة شؤون البلاد». ومنذ سفر هارمن في اجازة ايطالية تسلم ادارة دفة البلاد لورد ماندلسون، الوزير الاول في حكومة براون على رغم انه كان يمضي اجازة في جزيرة كورفو، ومن ضمنها الابحار على يخت صديقه لورد روتشيلد. وابلغ ماندلسون صحف الاحد انه يدير شؤون بريطانيا عبر «البلاكبيري» وهو عاد الى لندن الاثنين وسيستمر في السلطة حتى نهاية الاسبوع. واعتباراً من الاثنين المقبل سيتسلم «الحكم» وزير الخزانة الاستير دارلينغ من دهاليز وزارة الخزانة، وسط تعليقات صحافية تحذر من ادارة البلاد كما ادار الاقتصاد في ازمة الائتمان التي كلفت دافعي الضرائب ديونأً سيتحملونها على مدى اجيال، وقد يضطرون الى تضمينها في الارث الذي يتركونه لابنائهم! وفي الاسبوع الاخير سيحكم وزير العدل جاك سترو، الذي كان مدير الحملة الانتخابية لتولي براون الحكم بعد توني بلير، وسيسلم الامانة لزعيمه «سالمة» كما اعترف للصحافة التي استجوبته عما اذا كان سيشعر بان المنصب من حقه بعد الانتخابات العامة المقبلة. يُشار الى ان بريطانيا، التي تكره التغيير، ستشهد تغييرات واسعة جداً في السلطة مع انتخابات 2010 التي قد تحمل حزب المحافظين، اكبر احزاب المعارضة الى الحكم للمرة الاولى منذ 1997 عندما تسلم بلير السلطة بعد 19 عاماً من حكم السيدة مرغريت ثاتشر وورثتها. ووفق حسابات المحللين قد يتغير ما يصل الى 300 عضو في مجلس العموم الذي يصل عدد اعضائه الى 646 نائباً. وابدى حتى الآن 63 نائباً عمالياً و26 نائباً محافظاً و6 نواب من الليبيرليين الاحرار رغبتهم في عدم خوض المعركة الانتخابية المقبلة. ويمكن ان يرتفع العدد الى ضعفيه قبيل انتخابات ايار. كما قد يخسر نحو 100 نائب حالي، غالبيتهم من العمال، ثقة الناخبين ما يعني عدم عودة اكثر من نصف النواب الحاليين الى مبنى مجلس العموم وهي حالة لم تشهدها بريطانيا على الاطلاق. واكثر ما تخشاه بريطانيا مجلس عموم «غير مجرب» او غير عالي الكفاءة بعد فضيحة سرقة اموال الضرائب عبر تسجيل نفقات العمل النيابي المبالغ فيها. وتستعد بريطانيا لحكم حزب المحافظين ثانية مع رئيس وزراء لم يتسلم على الاطلاق منصباً وزارياً الذي قد يُشكل حكومة نصفها من الشباب من ذوي التعليم العالي لكن لا يملكون تجارب حكومية.