طالبت «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تضم قوى المعارضة الرئيسة في مصر بوقف الاستفتاء على مشروع الدستور الذي تجرى مرحلته الثانية السبت المقبل، ونظمت تظاهرات حاشدة للتنديد بما رصدته منظمات المجتمع المدني من عمليات «تزوير» في المرحلة الأولى التي جرت السبت الماضي، فيما أعلنت وزارة العدل انتداب قضاة للتحقيق في الانتهاكات. وبدا أن الأمين العام للجنة القضائية المشرفة على الاستفتاء زغلول البلشي، وهو أحد رموز «تيار استقلال القضاء»، اختار النأي بنفسه عن الجولة الثانية، بعدما زادت الشكوك في تزوير الاقتراع، إذ غاب عن لقاء مقرر مع الصحافة أمس. وبررت اللجنة غيابه بخضوعه لجراحة في العين، ما يعني أنه قد لا يتمكن من مواصلة عمله، لكن من دون إعلان استقالته أو اعتذاره. واحتشد أمس عشرات الآلاف في ميدان التحرير في وسط القاهرة وأمام قصر الاتحادية الرئاسي في حي مصر الجديدة وأيضاً أمام مقر اللجنة القضائية المشرفة على الاستفتاء القريب من القصر، لرفض مشروع الدستور الجديد الذي وصفوه بأنه «دستور الإخوان»، في إشارة إلى سيطرة جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفائها على الجمعية التأسيسية التي صاغت المشروع. وانتقد المتظاهرون الانتهاكات التي شهدتها المرحلة الأولى من الاستفتاء والتي أكدت منظمات مراقبة و «جبهة الإنقاذ» أنها مثلت تزويراً على نطاق واسع ارتقى إلى حد «ارتكاب جرائم جنائية» أثرت في النتائج. واعتبرت الجبهة في بيان أمس أن قرار قضاة مجلس الدولة رفض الاشراف على المرحلة الثانية للاستفتاء «يجعل الإشراف القضائي على هذه المرحلة مستحيلاً، ويبطل دعاوى اللجنة العليا المشرفة على الاستفتاء بوجود عدد كاف من القضاة، وهو ما لم يثبت أصلاً في المرحلة الأولى». ورأت الجبهة «ضرورة تأجيل المرحلة الثانية»، وحضت اللجنة العليا على «أن تضطلع بمسؤوليتها الوطنية». لكنها ناشدت أيضاً الناخبين «مواصلة الاحتشاد والتصويت بلا وإسقاط مشروع الدستور الذي يعصف بحقوقهم الأساسية». وفتحت السلطات أمس تحقيقات في الانتهاكات التي شابت الجولة الأولى، وأظهرت نتائج غير رسمية تقدم خيار الموافقة فيها بنسبة 56 في المئة. وأمر وزير العدل أحمد مكي بانتداب قضاة تحقيق لهذه المهمة، فيما تقدمت «جبهة الإنقاذ الوطني» إلى النائب العام واللجنة القضائية المشرفة على الاستفتاء بوثائق «تثبت التلاعب في الاقتراع، إضافة إلى غياب الإشراف القضائي في بعض اللجان». غير أن اللجنة خرجت في مؤتمر صحافي مساء أمس دافعت فيه عن عملية الاقتراع، وشددت على أن الجولة الأولى «جرت تحت إشراف قضائي كامل». ويحسم «نادي قضاة مصر» غداً موقفه من الإشراف على الجولة الثانية، بعدما قدم النائب العام طلعت عبدالله استقالته استجابة لمطلب قضائي واسع. إلى ذلك، أظهر إرجاء الرئاسة جولة الحوار التي كانت مقررة بين نائب الرئيس محمود مكي وقوى شاركت في جلسات الحوار الذي دعا إليه الرئيس محمد مرسي، ارتباكاً في ما يخص قائمة التعيينات التي سيصدرها الرئيس في مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) المقرر أن تنتقل إليه السلطة التشريعية إلى حين انتخاب مجلس النواب في حال إقرار الدستور الجديد. ومن المفترض أن تعلن القائمة قبل إعلان نتيجة الاقتراع على الاستفتاء. وقال رئيس حزب «التيار المصري» محمد القصاص المشارك في حوار الرئاسة ل «الحياة» إن «اتفاقاً كان تم مع نائب الرئيس على إعلان قائمة تعيينات الشورى قبل بدء الاقتراع، لكنه طلب التأجيل حتى قبل إعلان النتائج». وأضاف: «يبدو أن هناك تخبطاً في القرار... هذا الأمر واضح جداً». وعُلم أن اتصالات تمت مع «جبهة الإنقاذ» للانخراط في هذه العملية، لكنها رفضت، ما أربك الرئاسة على اعتبار أن الجبهة تمثل المعارضة الرئيسة وأن خلو القائمة من أعضائها والأحزاب والحركات المنضوية فيها سيُفقد التعيينات صدقيتها.