خلصت لجنة في مجلس الشيوخ الأميركي بعد ثلاث سنوات ونصف السنة من التحقيقات إلى أن استخدام «تقنيات الاستجواب المشدد» من قبل وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) بحق موقوفين في قضايا تتعلق بالإرهاب كان «غلطة فظيعة»، كما أعلنت رئيسة اللجنة الخميس. ووافق أعضاء اللجنة بأكثرية تسعة أصوات في مقابل ستة على هذا التقرير الواقع في ستة آلاف صفحة والذي تناول استخدام وسائل اعتبرها الرئيس الأميركي باراك أوباما والسناتور جون ماكين ومسؤولين آخرين، تعذيباً. إلا أن اللجنة لم تقرر على الفور ما إذا كانت سترفع السرية عن الوثائق وتنشر التقرير. وبدا التحقيق قبل ثلاث سنوات ونصف السنة ودقق في أكثر من ستة ملايين صفحة مفصلة عن ممارسات ال «سي آي أي» التي شملت إرسال المعتقلين إلى «مواقع سوداء» في أماكن متعددة من العالم حيث أخضعوا لوسائل استجواب قاسية. وقالت رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ دايان فاينشتاين في اختتام جلسة مغلقة عقدتها اللجنة: «إنني على قناعة راسخة بأن إنشاء مواقع سوداء سرية لأمد بعيد واستخدام تقنيات استجواب مشددة، كان غلطة فظيعة». وأضافت السناتورة الديموقراطية التي تتمتع بنفوذ قوي أن «غالبية أعضاء اللجنة موافقون» على هذه الخلاصة. وقاطع الجمهوريون في اللجنة المشاركة في التحقيق منذ البداية وأحد الأسباب لأنه يستند إلى وثائق وليس إلى مقابلات أجريت مع عملاء استخبارات. كما راجعت اللجنة نتائج تقنية «الإيهام بالغرق» التي استخدمها المحققون الأميركيون أحياناً في عهد إدارة الرئيس السابق جورج بوش، إلا أن أوباما اعتبرها من وسائل التعذيب. وامتنع السناتور الجمهوري ساكسبي تشامبليس العضو في اللجنة عن القول ما إذا صوت للموافقة على الخلاصة، وأوضح: «سبق وقلت إن هناك معلومات كثيرة غير دقيقة في التقرير». وأضافت فاينشتاين أن «المراجعة الشاملة» سترسل الآن إلى الرئيس. وأمام الحكومة مهلة حتى 15 شباط (فبراير) المقبل، لإرسال تعليقاتها وتوصياتها حول نزع السرية عن التقرير إلى اللجنة. وتابعت فاينشتاين أن التقرير يتضمن «تفاصيل عن كل موقوف لدى سي آي أي وظروف اعتقاله وطريقة استجوابه والمعلومات التي أدلى بها ومدى دقة أو عدم دقة التفاصيل التي أعطتها سي آي أي للعملية». وأعرب ماكين الذي تعرض أيضاً للتعذيب عندما كان أسير حرب في شمال فيتنام عن أمله في أن تقنع خلاصة التقرير الرأي العام الأميركي بأن «وسائل التعذيب كتلك التي وردت في التقرير لا تليق بشرفنا القومي ويجب ألا تطرح مجدداً على النقاش». وأضاف ماكين أن «المعاملة القاسية واللاإنسانية والمذلة للمعتقلين ليست خطأ من حيث المبدأ ووصمة على ضمير بلادنا فحسب، بل هي كذلك وسيلة غير مجدية وقليلة المصداقية للحصول على معلومات». وأعرب عن أمله في أن تتخذ اللجنة «الخطوات اللازمة لإنهاء التقرير ورفع السرية عنه، ليطلع عليه الشعب الأميركي، وهو ما سيؤدي برأيي إلى طي هذا الملف المؤلم أخيراً». ويتزامن انتهاء التحقيق مع بدء عرض فيلم «زيرو دارك ثيرتي» (ثلاثون دقيقة بعد منتصف الليل) في صالات العرض الأميركية مما يمكن أن يعيد إطلاق النقاش حول مدى فاعلية تقنيات مثل الإيهام بالغرق. ويركز الفيلم على مطاردة عملاء سي آي أي زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، كما يتضمن مشاهد قوية لجلسات تعذيب استخدمت فيها تقنية الإيهام بالغرق للحصول على معلومات من أجل تحديد موقع بن لادن في باكستان. وكانت فاينشتاين ومعها السناتور كارل ليفين أصدرا بياناً مشتركاً في نيسان (أبريل) الماضي، قالا فيه إن استخدام وسائل تحقيق مشددة لم يساهم في تحديد موقع بن لادن.