دور أمانات المناطق في تحسين تجربة المواطن والمقيم    لبنان.. فرصة التغيير والتعاطف مع المقاومة !    لبنان ينتصر ببناء الدولة    رأي «جون ميرشايمر» في أحداث غزة.. !    كيف سيرد حزب الله بعد مقتل قائده؟    الهلال يعزّز صدارته بتغلبه على الخلود برباعية في دوري روشن للمحترفين    "الخليج" يواجه ماغديبورغ الألماني في بطولة العالم للأندية لكرة اليد    رقم قياسي للهلال بعد الفوز على الخلود    من دمَّر الأهلي ؟    ما أجمل رباعيات الهلال والأخدود    بغلف وباربيع يحتفلان بعقد قران أصيل    الزواج التقليدي أو عن حب.. أيهما يدوم ؟    «التعاون الخليجي» يتطلع لعلاقات استراتيجية وثيقة مع العالم أجمع    نائب أمير جازان يستعرض مراحل الإنجاز في مطار الملك عبدالله    يوم مجيد توحدت فيه القلوب    وكيل إمارة الرياض يحضر حفل السفارة الصينية    المملكة وجهة سياحية عالمية    محمد بن عبدالرحمن يثمن إطلاق "مؤسسة الرياض غير الربحية"    وزير الخارجية والمبعوث الأممي لسورية يبحثان التعاون بشأن الملف السوري    سلمان الخير    خرائط تفاعلية بمعرض الرياض الدولي للكتاب تعزز تجربة الزوار    المركز الوطني للتعليم الإلكتروني يطلق مبادرة البرامج الجامعية القصيرة "MicroX"    "الرياض تقرأ" شعار يطلقه المعرض الدولي في موسم 2024    وزير الخارجية يعلن إطلاق "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين"    الرّفق أرفع أخلاق نبينا الأمين    التخصصات الصحية تعقد لقاء المجالس المهنية    ضبط مواطن في عسير لترويجه (9) كجم "حشيش"    ترحيل 11894 مخالفا للأنظمة خلال أسبوع    مذكرة مع طاجيكستان للإعفاء من التأشيرة    مزاد تمور العلا حضور كبير ووفرة إنتاج    «التجارة»: ضبط عمالة تغش في منتجات الإنارة ومصادرة 2.5 مليون منتج غير مطابق للمواصفات    "موسم الرياض" يطرح تذاكر أهم بطولة لأساطير التنس في العالم اليوم    الأخدود يحول تأخره بهدفين لفوز برباعية على الفتح    أول مزرعة عمودية للفراولة في العالم    تكريم الكاتبة السعودية أبرار آل عثمان في القاهرة    جمعية إجلال لكبار السن بمركز الحكامية تحتفل باليوم الوطني السعودي ال٩٤ بالراشد مول بجازان    بلديتا محافظة أحد رفيدة والواديين تعتذران عن فعالية الألعاب النارية    Dupixent يعالج التهاب الشعب الهوائية    علماء يكتشفون إيقافا مؤقتا للخصوبة    «الصحة» : لا تعارض بين لقاح "الحزام الناري" ولقاح "الإنفلونزا الموسمية"    حصاد المتعلمين وحصاد مشاهير المنصات    وطني.. مجد ونماء    ايجابيات اليوم الوطني    مروّجو الأوهام عبر منصات التواصل الاجتماعي    الزهد هو المجد في الدنيا والمجد في الآخرة    تحقيق التوازن : الحلول الفعالة لإستيعاب القبول الجامعي    كلية التقنية للبنات بجازان تحتفل باليوم الوطني ال94    برعاية وزير الثقافة.. «لندن» المحطة الرابعة ل«روائع الأوركسترا السعودية»    جونسون يعترف: خططت لغزو هولندا لانتزاع لقاح كورونا    إدارة المساجد والدعوة والإرشاد في الريث تشارك ضمن فعاليات اليوم الوطني السعودي ال94    "الغذاء والدواء" تحذر من شراء مستحضرات التجميل من المواقع غير الموثوقة    الفصيلي يدشن ويوقع كتابه التطور التاريخي لأنظمة الترقيات في المملكة    مكتب تعليم العوالي يحتفل باليوم الوطني 94    رابطة العالم الإسلامي ترحب بإعلان المملكة إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»    بحضور 3000 شخص.. أحد رفيدة تحتفل باليوم الوطني    محافظ هروب يرعى حفلَ الأهالي بمناسبة اليوم الوطني ال 94    رصد المذنب "A3" فجر أمس في سماء مدينة عرعر بالحدود الشمالية    نخيل القصيم أمسية في المسرح الروماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زهرة مروة تبني قصيدتها فكرةً وصورةً
نشر في الحياة يوم 15 - 12 - 2012

إذا كانت الإقامة في التمهيد تعني الاستقرار فيه وعدم الانطلاق الى ما بعد التمهيد، أو الى صلب القضية أو التهويمة أو المكان، فإن إقامة زهرة مروة في مجموعتها الشعرية الثانية تبديها كما لو انها تفتعل الإقامة في التمهيد بينما تستقر فكرة قصيدتها وصورتها في قلب أحداث القصيدة. وهذا ما يجعل الفكرة والصورة عدة بناء القصيدة البعيدة من التمهيد والإقامة فيه، كما تريدنا الشاعرة اللبنانية الشابة أن نعتقد وفق عنوان مجموعتها «الإقامة في التمهيد» الصادرة عن «الدار العربية للعلوم-ناشرون» (2012).
ولكن قبل الدخول في صلب القصيدة لا بد من الإشارة الى أنه لو كان تصنيف «الأدب النسائي العربي» أو «الشعر الأنثوي» حقيقين وصحيحين، فإن شعر مروة لا يدخل في إطار أي منهما، أولاً، لأنها متخففة من تداعيات علاقة المرأة الشرقية بالرجل الشرقي، ومتخففة من عقدة النقص الأنثوية تجاه الذكورة في العالم العربي (ما يطبع معظم الأدب النسائي العربي من دون التعميم)، وهي في الآن عينه تخاطب الرجل سواء كان حبيباً أو صديقاً أو قريباً أو أباً، كندّ، بل وتبزّه ندية، ليس بكونها أنثى بل بكونها كائناً يمكنه النظر الى الحياة والتقاط مفاصل تفاصيلها أفضل منه في كثير من الأحيان.
القصيدة جافة، لنقل إنها مكتوبة بأدنى استخدام للمخيلة، ولكنها ماضية كحد سكين مهيأ للتقطيع ولكنه غير قابل للاستخدام. بالدوران حول هذه الفكرة، يمكن القول إن قصيدة مروة تزهو بحرمانها من التخييل أو من صور المشاعر والعواطف والأحاسيس الكلاسيكية، على رغم أنها تستخدم أدوات الرومنطيقية والكلاسيكية الطبيعية كالقمر والبحر والحجر والغيوم والسفن والمطر، لكن هذه الأدوات تستخدم في غير وظائفها الأصلية، كما لو أن الحجر ينتشل من طبيعيته ليتحوّل الى قاطعة مسنّنة، على ما اكتشف أجدادنا البعيدون جداً.
«جاءت الساعة التي يلتقي فيها مخلوقان غريبان. معادن تتكاثف وتتكاثف من أجل بريق، كنت بعيدة عن هذا القبس الى أن لمعت كلمة في رأسي...». أو في مثال ثانٍ: «في عزّ الشتاء هواء ربيعي. وردة حمراء على شجرة الشيخوخة. طقس ساحر يحلو للمرأة ان تحبل معه». أو في مثال ثالث: «جلست في الزاوية أنتظر اليوم الذي ستستقيم فيه الموازين. أنتظر متى يظهر وجه الشر من جديد، ذلك الوجه البشوش، ينبوع الحياة». يمكن إيجاد مثل هذه الصور المدفوعة دفعاً نحو التخييل، والمستعيرة أدواتها لتعطيها وظائف أخرى، على امتداد المجموعة الشعرية. قد يقول قائل إن هذا هو دور الشعر، أي أن يقلب أدوار الأشياء ويفكك الحقيقة ليعيد تشكيلها وفق منظور الشاعر. هذا صحيح تماماً، لكننا نتكلم هنا عن فتاة في مقتبل العمر تمعن في تقليب أدوار الأشياء بحدية ظاهرة، وهذا ما لم نعتده (مع استثناءات) من فتاة عربية. جلّ ما وصلنا حتى اليوم مما تكتبه الشابات هو انعكاس لتربيتهن، أي التهذيب والشفافية والهدوء والنظر الى عالم الرجل وكأنه «هناك» في مكان آخر، وحتى في حالات الرفض أو الانقلاب على قيم التربية المجتمعية، فإن هذا الانقلاب يقع في عالم الأنثى المنفرد والمفرد عن عالم الرجل. رفض الكاتبة العربية يكون غالباً انقلابا في عالم الكاتبة نفسه من دون التهديد بتحطيم عالم الآخر، سواء كان رجلا أو مجتمعاً أو حياة بأكملها. زهرة مروة، لا تحمل قضية مختلفة، ولا هي تقول انها تعمل في هذا السبيل، ولكن تخليها عن مفردات «التقليد» الأنثوي يبدو من جبلة قصيدتها، أو من أصلها، من دون أي مداهنة أو مداورة أو محاولة دس السم للرجل المتسلط ولا حتى رواية الحكايات له قبل أن يغفو، على ما دأبت شهرذاد، مثال الأدب النسوي العربي، المؤدلج أو الرافض على حد سواء.
«من تسلّق الدرج أولاً؟ من فتح البوابة فكرجت المياه؟ من يصل اولاً الى السطح؟ نلهو ونتعثر. غداً لن ألقاك. أنا لا أعرفك. كنا نتوهج بقدر ما نحن غرباء». أو «أخاف البوح كي لا يكتشفوا أني أحب الرجال الكبار، أني أحب الشبان لأجسادهم فقط، أخاف أن يحسبوني أريد كل شيء وعكسه»، أو «أنا جملة اعتراضية، على الضفة الأخرى لا أتراب لي». أو «ذكرى الحزن أجمل من الحزن، لأنها تصوّره مصلوباً، وردة سوداء مجففة».
القصيدة الشابة في «الإقامة في التمهيد»، تجعل التمهيد أصلاً، ويدفعنا الى التعقل قليلاً حين نعتقد أن القصيدة الشابة الى زوال على حساب الرواية الشابة، زهرة مروة وغيرها من الشعراء الشباب في بيروت والقاهرة ودمشق، وكل بلدان المغرب العربي، ينبئوننا بأن القصيدة الشابة ما زالت تشق طريقها صعوداً، من دون أن يكون في ذلك تضاد أو منافسة أو تشابك مع الرواية الشبابية الصاعدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.