يبدو أنّ الشاعر عباس بيضون وقع في أسر الرواية، ففي الأعوام الأخيرة غاب الشعر عن إصداراته، هو الذي كتب ما يُشبه السيرة المتخيلة في «مرايا فرانكشتاين» و «ألبوم الخسارة»، ومازال مستمراً في جنوحه نحو الرواية مع عمله الأخير «ساعة التخلّي» الصادر أيضاً عن دار الساقي. تدور أحداث الرواية في قالب زمني شائك يتمثّل باستعداد الجيش الإسرائيلي للاجتياح وانسحاب المنظمات الفلسطينية نحو العاصمة. أمّا إطارها المكاني فهو في مدينة لبنانية متاخمة للشريط الحدودي. وتأتي شخصيات الرواية لتتأرجح بين الأوهام الكبرى والهزائم الشخصية، بين عجز الرفاق اليساريين (بيار وصلاح ونديم وفواز وغيرهم) وظهور جماعة متطرفة تُطلق على نفسها اسم «اليقظة»، معلنة تصديها لهجمات العدوّ. ينشغل شُبّان الساعة الأخيرة (قبل الاحتلال) في حروبهم الصغيرة ويضيعون في أروقة الأحزاب المُنشقة. لا ينطلق بيضون في هذه الرواية (285 صفحة) من ذكرياته الشخصية ولا يرتكز على وحدة المتكلّم كما في كتابيه السابقين، وإنما يدخل في قلب اللعبة الروائية ليوزّع السرد على رواة عديدين، الأمر الذي يجعل من هذا العمل مختلفاً في شكله ومضمونه عن «مرايا فرانكشتاين» و «ألبوم الخسارة» اللذين خلط فيهما القارئ بين الكاتب والراوي. ويوقّع بيضون روايته الجديدة «ساعة التخلّي» مساء اليوم في جناح دار «الساقي» في معرض الكتاب العربي في بيروت.