لقد شرع الله الزواج لبقاء النوع والتناسل واستمرار الحياة، ولبناء الأسرة تحت رعاية الأبوين، وكذلك لما فيه من الاستقرار النفسي والجسدي والمحبة وراحة البال، ولكي يصبح للحياة معنى وهدف يسعى إليه الزوجان وكل يقوم بدوره، قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون). وكذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم الشباب على الزواج والإسراع إليه حيث قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطيع فعليه بالصوم فإنه له وجاء). ولا شك أن تكوين الرجل يختلف تمامًا عن تكوين المرأة فهو الأقوى جسديًا والأقدر على تحمل المشاق والتعب والقيام بأعباء ومسؤولية الأسرة المالية والأمنية، قال تعالى: (وليس الذكر كالأنثى) ولذا جعل الله حق القوامة والعصمة بيد الرجل، قال تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم). أما المرأة فقد جبلت على الرقة والضعف والليونة والنعومة وحب الزينة والتجمل الأمر الذي جعلها مرغوبة للرجال ومحببة لقلوبهم ونفوسهم، وخير النساء هن المؤمنات الصالحات الحافظات فروجهن والمطيعات لأزواجهن، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيرًا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وإذا نظر إليها أسرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله).. إن الزوجة الصالحة هي في الواقع خير متاع للرجل في هذه الدنيا وأقوى معين له بعد الله في مسيرة حياته العلمية والعملية. ولا شك أن الطلاق أمر مشروع للزوجين على حد سواء، أذن به الشارع عندما تصل الأمور إلى طريق مسدود، قال تعالى: (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)، ولكن هناك فئة كبيرة من الأزواج لديهم جهل مركب بأمور الطلاق، (متى وكيف يطلق وما حقوق زوجته بعد الطلاق، وما الطلاق البدعي، وما العدة وكم مدتها، ومتى وكيف يراجع زوجته، ولا يعلم بحق بقاء الزوجة في البيت مدة عدتها، وأن ليس له الحق بإخراجها بالقوة ولا إيذائها أو الاعتداء عليها، أو استعادة ما قدمه لها من الأموال أو الهدايا)، هذه الفئة من الأزواج الطلاق عندهم أهون من ارتشاف فنجال القهوة أو الشاهي فتجدهم يرددون الطلاق صباح مساء ويحلفون به لأتفه الأسباب، مع أن الحلف لا يكون إلا بالله، أنت طالق، طالق، طالق هذا مبلغهم من العلم، ولا شك أن هذا الأمر خطير، وفيه إعانة لإبليس اللعين لتحقيق أهدافه، فقد جاء في الحديث أن سرايا إبليس وجنوده عند عودتهم من أداء مهماتهم يسألهم ماذا صنعتم؟ فيقول أحدهم: فعلت كذا وكذا، فيقول له ما فعلت شيئًا، حتى يقول أحد جنوده أتيت فلان وما زلت به حتى فرقت بينه وبين امرأته، فيقربه منه ويقول: نعم أنت فيلتزمه، صحيح أنه يحدث أحيانًا ما يعكر صفو جو المحبة وينقلب الحال إلى شقاق وخصام بسبب أمور تافهة أو حتى ذات قيمة ومع هذا فهناك علاج سابق للطلاق أعده لنا المولى عز وجل وهو أن يتدخل أهل الزوجين أو أهل الخير في إصلاح ذات البين كما قال تعالى: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما إن الله كان عليمًا خبيرًا)، نعم يجب على الزوجين أن يمعنا النظر ويتريثان لا يستعجلان أبغض الحلال إلى الله لا سيما إذا كان هناك أطفال بينهما فهم الضحية دائمًا وهم الذين سيكتوون بنار الطلاق ويدفعون الثمن غاليًا. أيها الأزواج اتقوا الله وتذكروا قول الله تعالى: (فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا) وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا وخياركم خياركم لنسائهم). حمود محمد الشميمري - جدة