أكد رئيس الحكومة الليبية الموقتة علي زيدان أنه «لن يلحق أي أذى» بمسؤولي نظام العقيد الراحل معمر القذافي إذا ما سلّمتهم النيجر إلى ليبيا، في رسالة تطمين تأتي في إطار مساعي طرابلس المستمرة لتسلّم مطلوبين فارين من دول الجوار. وقال زيدان في تصريحات في نيامي عاصمة النيجر إن «المطلوبين من أزلام النظام السابق للعدالة الليبية الموجودين في النيجر لن يطالهم أي أذى في حال تسلمهم وسيعاملون بمقتضى العدالة والقانون». ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن زيدان قوله في تصريح عقب مقابلته رئيس النيجر محمد يوسف، إن الأخير «أبدى تفهماً» للمطالب الليبية و«سنواصل الحديث في هذا الموضوع»، مؤكداً أن هؤلاء الأشخاص المطلوبين - مثل الساعدي القذافي نجل العقيد الراحل أو غيره من مسؤولي النظام السابق - «لن يطالهم - في حال تسليمهم إلى السلطات الليبية - أي أذى، وسيعاملون بمقتضى العدالة والقانون». وتزامن موقف زيدان مع اتهام مدعين عسكريين ليبيين الثلثاء الرئيس السابق للمجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبدالجليل بإساءة استخدام سلطته بعد استجوابه في قضية مقتل اللواء عبدالفتاح يونس أحد قادة الثوار الليبيين عام 2011. وقال وكيل النيابة العامة العسكرية مجدي البرعصي لوكالة «فرانس برس» إن مصطفى عبدالجليل اتهم ب «إساءة استعمال السلطة وتفتيت الوحدة الوطنية»، وذلك بعد استجوابه في مدينة المرج الصغيرة شرق ليبيا، في قضية مقتل عبدالفتاح يونس. وكان عبدالجليل (60 سنة) حتى انشقاقه عن نظام القذافي في شباط (فبراير) 2011 وزيراً للعدل. ورأس المجلس الوطني الانتقالي حتى الانتخابات العامة التي جرت في تموز (يوليو) الماضي. ونقلت «فرانس برس» عن البرعصي الذي شارك في جلسة الاستجواب، إن عبدالجليل لم يتم توقيفه لكنه منع من السفر. وقال «تم تركه في حالة سراح بعد الإفراج عنه بضمان لكن تم منعه من السفر إلى حين امتثاله كمتهم أمام المحكمة في 20 شباط (فبراير)» المقبل. وأوضح انه تم استدعاء محمود جبريل «للتحقيق معه بصفته رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي الليبي». ويقود جبريل حالياً تحالفاً ليبيرالياً لعدد من الأحزاب السياسية. وكان اللواء يونس، أعلى ضابط ينضم إلى الانتفاضة ضد نظام معمر القذافي في 2011، قُتل في تموز 2011 في ظروف غامضة بعدما تم استدعاؤه من الجبهة للتحقيق معه. وعثر على جثته محروقة وممزقة بالرصاص في ضاحية بنغازي. وأعلن عبدالجليل في 29 تموز 2011 مقتله مع إثنين من مرافقيه من قبل مجموعة مسلحة بعدما استدعاه المجلس الانتقالي للاستفسار منه عن بعض الأمور العسكرية التي لم يكشف عنها. وتوعد أفراد من قبيلة العبيدات التي ينتمي إليها يونس، بالاقتصاص لمقتله إذا واصلت السلطات الليبية الجديدة «تجاهل» القضية. وتعتقد القبيلة أن المجلس الوطني الانتقالي لعب دوراً في اغتيال يونس. واتهمت القبيلة علناً عبدالجليل بلعب دور في اغتيال اللواء الراحل. وكان محامي عائلة يونس يوسف عقيلة صرح إلى وكالة «فرانس برس» أخيراً بأن عبدالجليل يمكن أن يُتهم «بالتحريض على القتل» لأنه كان «مسؤولاً في المرحلة السياسية» التي تلت سقوط نظام القذافي. ويمكن أن يستمع القاضي في الجلسة التي حددت في 20 شباط (فبراير) 2013 إلى أشخاص آخرين يشتبه بتورطهم في هذه القضية، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الليبية. ووجهت التهمة رسمياً إلى 13 شخصاً في هذا الملف من بينهم القاضي جمعة الجزوي الذي وقّع أمر توقيف يونس ثم اغتيل بدوره في حزيران (يونيو) الماضي. وكانت وكالة الأنباء الليبية الرسمية نقلت عن «مصدر عسكري مسؤول في النيابة العسكرية بالمنطقة الشرقية» أن «النيابة العسكرية أجرت تحقيقاً مع عبدالجليل استغرق ثلاث ساعات متواصلة». وأضاف المصدر أن التحقيق أجري خارج المقر الرسمي للنيابة «بسبب اعتصام» نُفّذ أمام المقر وقد أجري في مدينة المرج (مئة كلم شرق بنغازي). وأكدت النيابة أن عبدالجليل «كان حريصاً على التواصل مع النيابة وأبدى استعداده الكامل» للتعاون معها. ولعب اللواء يونس دوراً رئيسياً بين 18 و20 شباط في تحرير بنغازي معقل الثورة الليبية، حيث اعلن وقف إطلاق النار في قاعدة عسكرية محاصرة وسط المدينة ما سمح للثوار باقتحامها. لكن على الرغم من انشقاقه مبكراً عن القذافي، بقي العديد حذرين منه لأنه كان من الحلقة الضيقة التي ساعدت العقيد القذافي في الوصول إلى السلطة في انقلاب ابيض في 1969. وكان المجلس الوطني الانتقالي شكّل لجنة تحقيق حول مقتله وحمّل متطرفين إسلاميين مسؤولية اغتياله. ونقل الملف بعد ذلك إلى محكمة مدنية حولته بدورها على القضاء العسكري. على صعيد آخر، بدأت في طرابلس أمس فعاليات «مؤتمر تقصي الحقائق والمصالحة في ليبيا» تحت شعار «الطريق إلى الأمام». وتنظّم المؤتمر وتشرف عليه بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا بالتعاون مع رئاسة الوزراء. ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن وزير العدل صلاح المرغني دعوته في كلمة بالمناسبة «إلى ضرورة تفعيل ملف المصالحة الوطنية، والإسهام بفعالية وجدية في تحقيقها لما لها من دور فعال في استتباب الأمن وتحقيق الأمان في ليبيا، وبما يحقق العدالة والإنصاف بروح من التسامح والعفو والصفح دون إضاعة حق أو التغاضي عن الظلم». وقدّم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا طارق متري شرحاً لآخر التطورات في شأن الوضع في ليبيا، مشدداً على ضرورة إظهار الحقائق، وعدم إعطاء العفو دون إنصاف أو تمييز في القضايا. وقال متري «إننا نعوّل بكل فاعلية على تفعيل ملف المصالحة الوطنية والذي يلعب دوراً رئيسياً في تحقيق الأمن والأمان ونشر السلام في ليبيا».