شهدت قضية التحديات المعاصرة للأسرة المسلمة وحلولها خلال مؤتمر المجمع الفقهي في مكةالمكرمة أمس، نقاشاً محتدماً بين الفقهاء حول ما يتعلق بالإقرار بنسب مقطوع النسب، وما يتقرر عليه من استلحاق الطفل بوالديه إن كان سبب الولادة علاقة غير شرعية، أو أن الزوجة مما لا يصح نكاحها، وإذ لاعن الزوج زوجته ونكر الابن، أو إن كان نتيجة ولادة حصلت بلا علاقة جنسية كالتلقيح الصناعي من غير الطرفين. وأكد أمين رابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله التركي أنه ليس من المصلحة الاستعجال باتخاذ قرار في هذا الموضوع « لا أرى من المصلحة صدور قرار مستعجل في هذه القضية لأنه سيستغل ضد العالم الإسلامي». وشدد على ضرورة تكوين فريق من المجمع ليتعرف على ما في الدول الإسلامية وما هو معمول فيها من قوانين وأنظمة يتعلق بهذا الموضوع، وأن المجمع يكتفي في هذه الدورة بإصدار بيان يوزع للجهات المختصة والإعلام في خصوص التحديات التي تواجه الأسرة المسلمة، مبيناً أن الإلحاق يدخل ضمن بحث شؤون الأسرة، ولا يعني عدم اتخاذ المجمع قراراً في ذلك بأن المسألة معطلة بل إن المحاكم تفصل في مثل هذه القضايا. فيما رأى الفقيه الدكتور عبدالسلام الشويعر أن هذه المسألة من المسائل الخلافية الدقيقة التي اختلف في حكاية الخلاف فيها، مضيفاً «فمن أهل العلم من ألغى مسألة الخلاف في المسألة وحكي أنه لا يجوز استلحاق مقطوع النسب قولاً واحداً وممن حكى الإجماع الترمذي صاحب السنن والحافظ أو عمر بن عبدالبر». وزاد: «القول الراجح هو قول جماهير الفقهاء بعدم صحة استلحاق لمقطوع النسب، لأن المسألة مبنية على صحة حديث وقد صحّ، إضافة إلى ذلك مراعاة مبدأ سد الذريعة، فإن بعض الناس قد يمنعه من القيام بعلاقة جنسية محرمة خشية الولد، فإن أكد على ذلك ولم يتساهل في إلحاق النسب كان ذلك منعاً له من التساهل فيه». وأوضح الشويعر أن قوله يعتبر مبدأ قضائياً معمولاً به في السعودية، واختاره عدد من المجامع العلمية والفقهاء المشهورين، مستثنياً بأن يكون نتاج الولادة سبباً غير شرعي وحدث قبل الولادة عقد شرعي بزواج ومن ثم حدثت الولادة بعد ستة أشهر فإن الولد يصح نسبته لأبيه. من جهته، وصف الدكتور عضو المجمع الفقهي الدكتور محمد جميل ديب المصطفى أن موضوع استلحاق مجهول النسب أنه عقدة العقد «وهو الذي يواري عنه الكثير فلا يريدون أن يدخلوا في ترجيح، ربما لا يقنعون فيه». وأفاد بأن هذه القضية عرضت أكثر من مرة على المجلس لم يتوصل فيها إلى نتيجة مقنعة أو مرضية، وإعادة طرح القضية مرة بعد أخرى تدل على أن الحلول السابقة لم تكن مقنعة أو لم تكن جدية. فيما اعترض عضو المجمع الفقهي عبدالناصر أبو البصل على بعض الحضور في الطعن في العلماء القدامى (على حد تعبيره)، بالقول: «إثبات عجز فقهاء الشريعة أو عجز فقهاء الشريعة عن معالجة الأمور الطارئة» موضحاً أن للإنسان الحق في أن يبدي رأيه بكل حرية دون التجاوز على أحد. بدوره، طالب عضو المجمع الدكتور عجيل النشمي المجمع بأن يمنع إلحاق ولد الزنى بأبيه مستدلاً بأن النصوص والأدلة تشير إلى ذلك، وأن المجمع عود أعضاءه بالوقوف عند النصوص. وذهب عضو المجمع الدكتور أحمد المرابط إلى أن الإلحاق يجوز إذ اقتضت مصلحة الولد، ولكن لا يكون إلحاقاً شرعياً كاملاً بل جزئياً لأن (ولد الزنى) يرث من أبيه، ولسد الذرائع لابد أن يكون الإلحاق جزئياً. بينما أكد عضو هيئة كبار العلماء وعضو المجمع الشيخ عبدالله المنيع أن الأحكام الشرعية لها حكم، متسائلاً: «هل سبب منع الاستلحاق كون الابن مشكوكاً بنسبه لأبيه، أو أن الابن نطفة خبيثة وغير محترمة؟». واعتبر المنيع أن للاستلحاق أضراراً منها مزاحمة في الورث وفي المسائل التي تتعلق في القرابة والمحرمية، وأن هذه المسائل لها أهميتها.