بين أستاذ الدراسات الشرعية بجامعة أم القرى الأسبق الدكتور ناصر عبدالله الميمان أن الأحكام الفقهية المتعلقة بالتوائم الملتصقة تمنع من المنظور الفقهي جواز فصل التوائم السيامية من البالغين إلا بإذنهما. جاء ذلك ضمن دراسة أعدها وقدمها إلى المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي، موضحاً أن التوأم إذا كان ذا رأسين وقلبين وكان له فرج أو ذكر واحد، فإنه ينبغي أن يعتبر من قبيل المشكل، ما لم يفصل بينهما، بمعنى أنه يعطى حكم شخص واحد في بعض الأحكام، ويعطى حكم شخصين في أحكام أخرى. وقال الميمان "أعني التفرقة بين ما إذا كان لكل منهما أعضاء مستقلة، وبين ما إذا كانا يشتركان في بعض الأعضاء، وأن من كان له بدنان على حقو واحد يعتبر واحداً في بعض الأحكام، ويعتبر اثنين في أحكام أخرى. أما في النكاح فهما واحد من حيث الذكورة والأنوثة، أما من جهة العقد ، ففي توقف صحته على رضاهما معاً نظر». وحول إمكانية تزويج التوائم الملتصقة والأحكام المتعلقة بهما قال "لا يخفى أن النكاح من الأمور المرغَّب فيها شرعاً، ولكنه قد يترتب عليه بعض المحظورات الشرعية، فينقلب حكمه إلى التحريم أحياناً. فهل يحرم نكاح التوائم لما يترتب عليه من النظر المحرم إلى فرج غيره، وعدم القيام بواجبات الزوجية على وجه الكمال ونحو ذلك من المحظورات الشرعية، أو أنه يبقى على أصل الإباحة، وبخاصة إذا خشي التوأم على نفسه من الوقوع في المحرم. هذه المسألة فيها تفصيل بحسب حالة التوأم، ذلك أن التوأم إما أن يحكم عليه بأنه شخص واحد أو شخصان أو يشكل أمره". وأضاف أن "في الحالة الأولى يجب أن يتأكد من حقيقة التوأم، ويحكم عليه بأنه شخص واحد أو شخصان، فإن عُرِف أنه شخص واحد، فلا إشكال في نكاحه ذكراً كان أو أنثى، لأن أحدهما يكون هو الأساس، والثاني يكون في حكم أعضاء زائدة في الخلق والتكوين، ولم أقف على قول مخالف في ذلك، وأما إن حكم عليه بأنهما شخصان، فقد اختُلف في ذلك على قولين: فالقول الأول: وهو ما روي عن علي بن أبي طالب أنه قال في هذه المسألة كما سبق: «لا يكون فرج في فرج وعين تنظر» أما القول الثاني: وهو ما ذهب إليه المتأخرون من فقهاء الشافعية، ولم نجد المسألة في مصادر متقدمة، وهو أن حكم هذا التوأم حكم شخصين في جميع الأحكام، من ذلك ما قاله الشربيني: "قوله (اثنين) قد يشمل ما لو ولدت امرأة ولدين ملتصقين لهما رأسان وأربع أرجل وأربع أيد وفرجان، ولهما ابن آخر ثم مات هذا الابن، وترك أمه، وهذين فيصرف لها السدس، وهو كذلك لأن حكمهما حكم الاثنين في سائر الأحكام من قصاص ودية وغيرهما". وأضاف إنهم قد نصوا على حكم نكاحهما بعينه حيث جاء في حاشيتي قليوبي وعميرة: "لو كانا ملتصقين وأعضاء كل منهما كاملةً حتى الفرجين، فلهما حكم اثنين في جميع الأحكام، حتى إن لكل منهما أن يتزوج، سواء كانا ذكرين أو أنثيين"، ونحوه في حاشية البجيرمي على الخطيب: «فيجوز لكل منهما أن يتزوج سواء كانا ذكرين أو أنثيين أو مختلفين، ويجب الستر والتحفظ ما أمكن". وبين الدكتور الميمان آراء المعاصرين، حيث أوضح أن هناك اختلافا، وذلك على القولين المذكورين من ذلك على سبيل المثال ما ذهب إليه مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر من عدم جواز نكاحهما. ومما جاء في قرار المجمع "لا يجوز زواج أحد التوائم الملتصقة أو كليهما، لأن النكاح له مستلزمات يحرم على أحد الملتصقين الاطلاع عليها". وجاء فيه أيضاً: "أن التوأم لا يعدان شخصاً واحداً ، كما أنه لا يجوز للرجل أن يتزوج من امرأتين ملتصقتين، لعدم جواز الجمع بين الأختين، وعليه يصبح زواج الملتصق في كل الأحوال مخالفاً لأحكام الشرع". وعلل هؤلاء ما ذهبوا إليه بقولهم: «النظر لزواج الملتصق من زاوية أنه حق شرعي ولا أحد يمنع هذا الحق الشرعي يختلف مع طبيعة الأمر في الملتصقين خاصة أنه يصعب الستر في العملية الجنسية بين الزوجين وهناك طرف ثالث سواء كان الملتصق أنثيين أو ذكرين أو مختلفين». وأضافوا قائلين: «إن الملتصق أو الملتصقة بأخيها أو أختها التوأم إذا وصلا إلى سن الزواج فلا يسمح لهما بالزواج، وإلا فكيف سيمارس الملتصق العلاقة بينه وبين زوجته أو البنت العلاقة بينها وبين زوجها وهناك طرف ثالث موجود فلا يصح أن تتزوج الملتصقة حتى وإن كان الملتصق بها ذكراً وليس أنثى". ولكن سبقت ذلك فتوى من دار الإفتاء المصرية بجواز نكاح التوأم الملتصق ومما جاء في الفتوى المذكورة: "الزواج عقد من العقود متى توفرت فيه شروطه وأركانه كان عقداً صحيحاً، كما أن لكل واحد من التوأمين روحاً مغايرة للآخر وشخصية مستقلة عنه حكماً ، فإذا أجري عقد الزواج تام الشروط والأركان صح عقده ولم تؤثر حالة الالتصاق في إفساد العقد لأنها أمر خارج عنه". من جهته بين كبير مفتي إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي الدكتور أحمد بن عبدالعزيز بن قاسم الحداد بأن الإذن بعملية جراحة فصل التوائم يتفق مع مقاصد الشرع في الحفاظ على النفس، وتسعفه نصوص كثيرة، إلا أن ذلك لا يكون بغير إرادة التوأمين إن كانت لهما إرادة أو إرادة وليهما الشرعي فإن كانا مسلوبي الإرادة لقصورهما كان الإذن من وليهما الشرعي من أب أو جد أو أخ أو ابن أخ أو عم أو ابن عم، على ترتيب الولاية على القاصر ونحوه في الفقه، فإن لم يوجد ولي كحال اللقطاء والأيتام ونحوهم ممن لا ولي لهم من عاصب أو ذي رحم فإن الذي يتولى الإذن بإجراء العملية هو ولي الأمر الذي له الولاية العامة على كل نفس ويمثله في ذلك جهة الاختصاص من وزارات صحية أو هيئات طبية ونحوها وذلك لما قد تفضي إليه العملية من تلف عضو أو إزهاق روح، وذلك ما لا يجوز في الشرع إلا في مسائل حددتها الشريعة.