بعد اندلاع أحداث ما يسمى ب«الربيع العربي» الذي أورت شرارته الأولى في تونس نهاية عام 2010، لتمتد إلى مصر وليبيا واليمن والبحرين وليس انتهاء بسورية، حاولت كثير من التنظيمات الإرهابية استغلال الوضع الأمني المتدهور في هذه الدول من خلال شن عمليات إرهابية لتحقيق مصالح لها، عبر تشكيل خلايا منظمة، بعضها نجح والآخر فشل، إلا أن هذه التنظيمات واجهت صعوبات في تنفيذ مخططاتها الإرهابية، وبخاصة بعد استعادة الأجهزة الأمنية نشاطها وقوتها، وبدأت في إحباط عدد من هذه العمليات والتنظيمات، ما أجبرها على تغيير مخططاتها وآيديولوجياتها لاحقاً. وعمدت التنظيمات الإرهابية إلى تفعيل «الخلايا النائمة» في دول الخليج، وخصوصاً في السعودية، ظناً منها أن «الربيع العربي» ألقى بظلاله على الأجهزة الأمنية في السعودية والخليج، ما نتج منه مسارعتها في تحريك «الخلايا النائمة»، بيد أن أعين الأجهزة الأمنية في دول الخليج والتنسيق المستمر بينها، أسهم في شكل كبير بإحباط الكثير منها خلال الأعوام الثلاثة الماضية، والتي كان أولها في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، إذ أعلنت السلطات البحرينية ضبط خلية تخطط لتنفيذ «عمليات إرهابية» ضد منشآت حيوية في البلاد إضافة إلى التخطيط لاستهداف أشخاص في البحرين، وكذلك مقر السفارة السعودية في العاصمة البحرينيةالمنامة. وتم ضبط الخلية بناء على اتصال من السلطات الأمنية في قطر إلى نظيرتها البحرينية يفيد بأنها «تمكنت من القبض على أربعة مواطنين بحرينيين، كانوا قد دخلوا قطر عبر الحدود البرية مع السعودية. وأن السلطات القطرية فتشت المركبة التي يستقلونها، إذ عثر على بعض المستندات والأوراق وجهاز حاسوب، تضمنت معلومات ذات أهمية أمنية وتفاصيل عن بعض المنشآت والجهات الحيوية وحجوزات طيران إلى سورية. كما تم العثور معهم على مبالغ مالية وبعد التحقيق معهم، أقروا بمغادرتهم البحرين بطرق غير مشروعة، بتحريض من آخرين للتوجه إلى إيران، عبوراً بدولتي قطر وسورية، بقصد إنشاء تنظيم للقيام بعمليات إرهابية مسلحة بالبحرين ضد بعض المنشآت الحيوية والأشخاص. وبسؤالهم عما هو منسوب إليهم من تهم، أجابوا بأنهم كانوا يستهدفون جسر الملك فهد ومبنى وزارة الداخلية والسفارة السعودية بالمملكة وشخصيات. وبعد مرور عام وتحديداً في أيلول (سبتمبر) 2012، أعلنت وزارة الداخلية السعودية ضبط خليتين، تضمان عناصر مشبوهة تمت متابعتهم ورصدهم على مدى أشهر عدة، تبين أن لهما اتصالاً بالتنظيم الضال في الخارج. كما اتضح قيام العناصر بتشكيل خلية إرهابية في مدينة الرياض عملت على الدعاية للفكر التكفيري الضال، وتجنيد عناصر لتنفيذ عمليات إجرامية تستهدف رجال أمن ومواطنين ومقيمين ومنشآت عامة. وكانت الخلية تقوم بإعداد وتجهيز المتفجرات وتجربتها خارج مدينة الرياض، الأمر الذي أدى إلى إصابة أحد أعضائها، كما عملت على التواصل مع التنظيم في الخارج تمهيداً للبدء في عملياتهم الإجرامية النوعية، إضافة إلى رصد خلية أخرى في محافظة جدة كانت تنسق مع بعض الخلايا النائمة للقيام بأعمال إرهابية. وبعد مرور ثلاثة أشهر أعلنت السلطات الأمنية في الإمارات، أنه وبالتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة في السعودية تم إلقاء القبض على خلية منظمة خطرة من الفئة الضالة من مواطني البلدين (إماراتيون وسعوديون) كانت تخطط وتدبر لتنفيذ أعمال خطرة تمس الأمن الوطني لكلا البلدين وبعض الدول الشقيقة المجاورة. وفي نيسان (أبريل) 2013، أعلنت السلطات الأمنية في الإمارات مرة أخرى القبض على خلية إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة، تضم سبعة أشخاص من جنسيات عربية، كانت تخطط للقيام بأعمال تمس الأمن الوطني الإماراتي، من خلال تجنيد أشخاص والترويج لأعمال تنظيم القاعدة. وبعد مرور شهر على هذه الحادثة عادت بوصلة الخلايا النائمة إلى البحرين، إذ أعلنت السلطات البحرينية أنها تمكنت من ضبط خلية إرهابية، كانت تستهدف مركز الحبس الاحتياطي، بهدف إطلاق سراح عدد من المحبوسين، وتم القبض على عدد من عناصر الخلية المتورطة، وبحوزتهم أسلحة وذخائر كانت معدة للاستخدام، وتبين وجود خطة تفصيلية لدى أعضاء الخلية الإرهابية، تبدأ بقيامهم بتأجير سيارات، يتم استخدامها في عملية الاقتحام، ومن ثم إطلاق النار على رجال الأمن المكلفين بحراسة مركز الحبس الاحتياطي وأسرهم. ومع قرب منتصف العام الحالي أعلنت الداخلية السعودية القبض على تنظيم إرهابي يضم 62 فرداً (سعوديون وفلسطينيون ويمنيون وباكستانيون) بايعوا أميراً لهم وباشروا في بناء مكونات التنظيم ووسائل دعمه والتخطيط لعمليات إجرامية تستهدف منشآت حكومية ومصالح أجنبية واغتيالات لرجال أمن وشخصيات تعمل في مجال الدعوة ومسؤولين حكوميين في السعودية، من طريق تكوين خلايا عدة لم تحددها، من بينهم 35 شخصاً من مطلقي السراح في قضايا أمنية وممن لا يزالون رهن المحاكمة، فيما أثبتت التحقيقات ارتباطات لها مع عناصر متطرفة في سورية واليمن. فيما كان للخلية اهتمام بالغ بخطوط التهريب بخاصة عبر الحدود الجنوبية، لتهريب الأشخاص والأسلحة مع إعطاء أولوية قصوى لتهريب النساء. وكان آخر ما تم الإعلان عنه في السعودية الأسبوع الماضي ضبط قوات الأمن السعودية 10 خلايا إرهابية تضم 88 فرداً، 59 منهم سبق توقيفهم ومناصحتهم، منها خلية للاغتيالات، وخلية مستقلة في منطقة عسير مكونة من 5 أشخاص، و84 من أفراد الخلايا المضبوطة من الجنسية السعودية، وثلاثة يمنيين، وآخر مجهول الهوية، فيما تم ضبط الخلايا خلال الفترة الماضية من خلال عمليات متزامنة في مناطق عدة.