استبعدت الرئاسة السودانية تشكيل حكومة وحدة وطنية (قومية) أو انتقالية، ولم تستبعد التوافق على «حكومة كفاءات» تنبثق عن طاولة حوار وطني، فيما أكد الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي إنه لمس جدية تجاه الحوار من الفرقاء السودانيين. ورأى وزير الإعلام أحمد بلال في تصريح أمس، أن «هناك صعوبة في الاتفاق على حكومة قومية عبر الحوار، بسبب مشاركة أكثر من مئة حزب فيه»، لكنه لم يستبعد التوافق على «حكومة كفاءات» أو «حكومة مهمات» (تكنوقراط). وأوضح أن القوى التي قبلت بالمشاركة في الحوار، ستعقد لقاء برئاسة الرئيس عمر البشير الأسبوع الحالي، لاعتماد الاتفاق الذي وقعه الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي مع تحالف متمردي «الجبهة الثورية» الأسبوع الماضي، تمهيداً لمشاركته في الحوار. وفي الشأن ذاته، جدد حسبو محمد عبدالرحمن، نائب الرئيس السوداني، رفض الخرطوم الرضوخ لمطالب قوى المعارضة بتشكيل حكومة انتقالية، وقال إن «دعاتها يبحثون عن وضع استثنائي لقناعتهم بعدم تحقيق أية مكاسب في حال خاضوا الانتخابات الرئاسية والبرلمانية» المقررة العام المقبل. وأكد عبدالرحمن في خطاب خلال مؤتمر القطاع السياسي للحزب الحاكم أن «الانتخابات ستجرى في موعدها كاستحقاق دستوري». وزاد: «في الأول من أيار (مايو) يصبح الرئيس البشير بلا سلطة ومن دون تفويض، لانتهاء ولايته الرئاسية». وحذر حسبو من أسماهم «راهني أنفسهم لأجندات خارجية»، وحضهم على «تحرير أنفسهم من الأجنبي»، قائلاً إن الدولة توفر لهم ضمانات الدخول في حوار وطني، واعتبر «الاستنصار بالأجنبي خيانة وطنية». وقال حسبو إن البلاد تشهد حالياً سقفاً عالياً من الحريات، مستشهداً بوجود حوالى مئة حزب سياسي، منوهاً بأن الرقم غير مسبوق في أى دولة في العالم. وقال إن حزب المؤتمر الوطني الحاكم يريد إقرار حرية ترتكز على ثوابت وطنية وليس «العمالة»، مؤكداً أن حزبه تمكن من تجاوز المؤامرات على مدى 25 سنة، وتابع: «معمر القذافي وحسني بارك كانا يكيدان لنا العداء فأين هما؟». إلى ذلك، أكد الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي أنه لمس جدية تجاه الحوار الوطني الشامل بين الفرقاء كافة في السودان، مشيراً إلى الاتفاق الذي وقعته آلية الحوار من قوى الموالاة والمعارضة وتحالف «الجبهة الثورية» في أديس أبابا الأسبوع الماضي. واوضح مبيكي في تقرير قدمه إلى «مجلس السلم والأمن الأفريقي» في أديس أبابا، أنه أجرى لقاءات في الخرطوم حول المؤتمر الجامع الذي سيعقد لحل قضايا السودان، ولم يحدد موعداً له أو المواضيع التي على جدول أعماله. وتحدث مبيكي عن اتفاق عام بين الحكومة والمعارضة على ضرورة حل كل قضايا البلاد بالحوار الشامل الذي يحدد ملامح السودان الجديد وينهي الأزمات والمشاكل كافة التي تعاني منها البلاد. كما أوصى رئيس البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة في دارفور «يوناميد»، محمد بن شمباس «مجلس السلم والأمن» التابع للاِتحاد الأفريقي، بإدماج جهود الوساطة الخاصة بدارفور والسودان في آلية واحدة تحت قيادة ثابو مبيكي الذي يرأس أيضاً فريق الاتحاد الأفريقي للوساطة في الملف السوداني الخاص بالنزاع في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وبرر بن شمباس في تقريره دمج الملفات وتسليمها إلى مبيكي بهدف ربط قوى الدفع المتباينة لكل من الفريق الرفيع المستوى وبعثة «يوناميد» ومبعوث الأممالمتحدة لى السودان وجنوب السودان هايلي منغريوس ودولة قطر والجامعة العربية، في نَسق واحدٍ مترابط ومتناغم وممنهج للوساطة. ولفت بن شمباس إلى اعتقاد الشركاء بأنه بتوجب وقف الحرب، إما بوقف الأعمال العدائية بين أطراف النزاع أو وقف دائم لإطلاق النار، مع الحاجة إلى تغيير يشمل الجميع يقوم على أساس الإجماع الوطني بين كل السودانيين، على أن يتم ذلك من خلال حوارٍ مفتوح وشفاف وحرٍ وعادل. ورأى أن «الإقليم يشهد موجة نزوح عالية، ما يبعث على القلق الشديد حيال الأوضاع برمتها»، ولفت نظر المجلس الأفريقي إلى أن «أوضاع الأهالي في دارفور، ربما لا تكون أسوَأ من أوضاع مواطني مالي أو ليبيا أو جمهورية أفريقيا الوسطى، إلا أن واقع الأمر يظل يشير إلى أن معدل النزوح المرتفع في دارفور يبعث على القلق الشديد». وأكد بن شمباس حتمية إيجاد حل سياسي للأزمة الإنسانية التي لا تزال تتعاقب فصولها في دارفور، في الوقت الذي تتم معالجة التحديات الأمنية في الإقليم.