أكدت وزارة الخارجية البريطانية صحة شريط الفيديو الذي تبنى فيه تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) إعدام الرهينة البريطاني ديفيد هينز بقطع الرأس، في وقت يتعرض رئيس الوزراء ديفيد كامرون الذي ترأس اجتماعاً طارئاً لبحث ذبح هينز، إلى ضغوط للمشاركة في قصف مواقع «داعش». ودانت باريسوبرلين العملية التي تأتي عشية انعقاد مؤتمر في العاصمة الفرنسية لمحاربة التنظيم. وقال ناطق باسم الوزارة البريطانية لوكالة «فرانس برس» إن كل شيء يدل على أن شريط الفيديو الذي وزعه التنظيم مساء السبت «صحيح وليس لدينا أي سبب للاعتقاد بأنه ليس كذلك». وكان هينز الاسكتلندي البالغ 44 سنة يعمل في الحقل الإنساني منذ 1999 في مناطق تنوعت بين البلقان وأفريقيا والشرق الأوسط، خطف في سورية في آذار (مارس) 2013. وهذا ثالث إعدام من نوعه لرهينة غربي ينفذه تنظيم «داعش» في غضون شهر، في مسلسل بدأه بذبح الصحافي الأميركي جيمس فولي ثم مواطنه الصحافي ستيفن سوتلوف. ويأتي الإعلان عن إعدام هينز في الوقت الذي كثفت لندن جهودها الرامية للقضاء على التنظيم المتطرف الذي بات يسيطر على مناطق مترامية على جانبي الحدود العراقية - السورية ويمتلك إمكانيات مالية وعسكرية عديداً وعتاداً تفوق ما تمتلكه جيوش عدة في العالم. كما هدد التنظيم في الفيديو بإعدام رهينة بريطاني آخر هو آلن هينينغ. وترأس رئيس الوزراء البريطاني اجتماعاً للجنة التعامل مع الحالات الطارئة في ظل ضغوط متزايدة للتفويض بضربات جوية بعد بث الفيديو. وعاد كامرون إلى لندن قبل موعده مساء السبت. ووصف الجريمة بأنها عمل من أعمال الشر المحض وتوعد بتقديم القتلة للعدالة مهما طال الزمن. وقال في بيان: «هذه جريمة قتل خسيسة ومروعة لموظف إغاثة بريء. أنه عمل من أعمال الشر المحض. قلبي مع عائلة ديفيد هينز الذي أبدى شجاعة وتحملاً غير عاديين طوال هذه المحنة». وتابع: «سنفعل كل ما في وسعنا لضبط هؤلاء القتلة وضمان أن يمثلوا أمام العدالة مهما طال الزمن». ويبدو أن الشخص الذي من المفترض أنه أعدم هينز هو نفسه الشخص الذي ظهر في مقطعي الفيديو مع فولي وسوتلوف. والرجل الذي تطلق عليه وسائل الإعلام الغربية اسم «جون الجهادي» يتحدث بلكنة بريطانية في ما يبدو. وتحاول أجهزة الأمن في بريطانيا تحديد هويته باستخدام تقنية التعرف على الصوت. وفي نهاية مقطع الفيديو نفسه ظهر رهينة آخر يتعرض للتهديد. وقال مصدر أمني بريطاني طلب عدم نشر اسمه إن التحقيق يجري في وقائع القتل وإن مسؤولين كباراً في الاستخبارات حضروا اجتماعاً مع لجنة التعامل مع الحالات الطارئة الذي رأسه كامرون. وواجه كامرون دعوات من بعض نواب حزبه المحافظين للتصريح بضربات جوية بريطانية ضد «الدولة الإسلامية». وقال إنه لا يستبعد شيئاً باستثناء إرسال قوات برية. وحتى الآن قصرت بريطانيا دورها على تقديم المساعدات الإنسانية وتنفيذ عمليات استطلاع وتسليح القوات الكردية التي تقاتل «داعش»، كما وعدت بتدريب القوات في العراق. وعلى الصعيد العسكري تؤيد لندن الضربات الجوية الأميركية بينما تبقي خياراتها مفتوحة. في برلين، نددت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل ووزير الخارجية فرانك-فالتر شتاينماير الأحد بإعدام الرهينة البريطاني، واعتبرا ذلك «عملاً عنيفاً شنيعاً وهمجياً». وعبرت ميركل لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون عن «روعها» إزاء «عمل الإرهابيين هذا الذي لا يمكن تبريره والذي يجب أن يعاقبوا عليه»، بحسب بيان صادر عنها. من جهته، قال وزير الخارجية الألماني: «مع نشر صور هذه الجريمة على الإنترنت، تم خرق محرمات أخرى بشكل غير مقبول». وأضاف: «في أماكن حكم الدولة الإسلامية تحصل عمليات قتل واغتصاب وحرق. يجب أن تكافح المجموعة الدولية هذا التنظيم الذي يشكل تهديداً للعراق والمنطقة ولنا أيضاً». وأشاد الوزير الألماني بعقد مؤتمر حول أمن العراق في باريس اليوم والذي سيفتتحه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ونظيره العراقي فؤاد معصوم. وقال إن «مبادرة فرنسا تأتي في وقت مناسب، نحن بحاجة الآن إلى استراتيجية لمواجهة التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية». في باريس، قالت الرئاسة الفرنسية في بيان: «تظهر جريمة قتل ديفيد هينز البشعة مرة أخرى أنه يجب على المجتمع الدولي أن يحتشد ضد داعش»، مستخدماً الاسم العربي الذي اشتهر به التنظيم. ووصف البيان التنظيم بأنه جماعة خسيسة وجبانة.