أين يقف مرض السكري في العام 2012؟ ربما كان مجدياً البدء من الدراسة التي نشرتها في خريف 2012، «الرابطة الأميركية للسكري- مجلس الشرق الأوسط» American Diabetes Association Middle East Congress، عن وضع مرض السكري في هذه المنطقة. وأدار هذه الدراسة أكاديميون بارزون من وزن الاختصاصيين جهاد حداد من «مستشفى الأمير حمزة- عمان»، ومحمد قمصة من «جامعة طهران للعلوم الطبية»، ورشيد مالك من «مركز سطيف للبحوث» في الجزائر، ونبيل النجّار من «مستشفى جدّة» في المملكة العربية السعودية وغيرهم. وتركّزت الدراسة على استعمال الأنسولين- النظير Insulin Analog، الذي يصنع بتقنيات التحكّم بالجينات، ولا يستخرج من الحيوانات. وأخيراً، ظهرت أنواع متطوّرة من «الأنسولين- النظير»، منها «أسبارت» aspart، الذي تصنعه شركة «نوفو- نورديسك» Novo- Nordisk العالمية، عبر التحكّم بجينات خميرة الخبز. وسارت الدراسة على النهج الذي اختطّته دراسة «إيه1 شيف» A1 chieve الأوروبية، التي شملت 28 بلداً أوروبياً، وتقصّت أثر استعمال المركبات الحديثة من الأنسولين في علاج النوع الثاني من السكري. وشملت الدراسة 447 شخصاً في الشرق الأوسط، ممن يعانون النوع الثاني من السكري، لكن معدّلات السكر لديهم لم تنضبط بوسائل العلاج التقليدية. وبرهنت الدراسة قدرة الأنواع المتطوّرة من الأنسولين- النظير في إعادة السيطرة على مستويات السكر في الدم، وبصورة مستدامة كما تبيّن عند فحص سكّري الهيموغلوبين، الذي يعتبر مؤشّراً الى المعدّل التراكمي للسكّر في الجسم عبر 3 شهور. ومن العناصر التي ربما ساهمت في التحفيز على إجراء هذه الدراسة، ظهور أرقام موثّقة عن تصاعد حاد في معدلات السمنة (وهي عنصر خطورة ضخم في الاصابة بالسكري وتعقيداته) في دول الخليج العربي. ففي دولة الإمارات العربية المتّحدة التي لا يزيد سكانها عن 6.11 مليون، هناك 768 ألف مصاب بالسكري في الفئة العمرية بين 20 و79 سنة. ويُقدّر أن الرعاية الصحيّة للمريض في الإمارات تصل الى 1775 دولاراً سنوياً. ويضاف الى هذه الصورة، وجود 818 ألف شخص في الإمارات يندرجون في فئة «ظاهرة ما قبل السكّري» Pre Diabetic Syndrome، بالنظر الى توافر عناصر خطورة لديهم كالزيادة المُفرِطة في الوزن، ونمط الحياة الخامل، ووجود تاريخ عائلي للإصابة بالسكّري وغيرها. السعودية تواجه كلفة السكري عالمياً، وصل عدد المُصابين بالسكّري إلى قرابة 350 مليوناً، ما جعل انتشاره قريباً من مستويات الأوبئة، على رغم أنه مرض مُزمن وغير مُعدٍ. وما زالت دول كهولندا والنمسا وفرنسا وجنوب أفريقيا، تتمتع بنسب خفيضة نسبيّاً من هذا المرض. وتناولت دراسة علمية نوقشت أمام «المؤتمر الأوروبي ال15» ل «الجمعية الدولية للبحوث عن اقتصاديات الأدوية ومخرجاتها» International Society for Pharmacoeconomics & Outcomes Research (إيسبور - ISPOR)، الكلفة الاقتصادية لمرضى السكّري من النوع الثاني في السعودية. وأنجزت هذه الدراسة بجهود اختصاصيين ضمّت صفوفهم الدكتورة رانيا باعبّاد من «مدينة الملك سعود الطبيّة» في الرياض، ولورا تودوروفا من شركة «نوفو نوردسيك»، وجاين سميث-بالمر من سويسرا وغيرهم. وبيّنت الدراسة أن المستوى العام في السيطرة على مستويات السكّر لدى المُصابين بالنوع الثاني من السُكّري في السعودية، لا يصل الى المستويات المناسبة علمياً. وربطت الدراسة بين هذه الثغرة وارتفاع نسب الإصابة بإشكالات السُكّري، خصوصاً في القلب والكلى والأوعية الدموية و «ظاهرة قدم السُكّري» وغيرها. ووثّقت الدراسة أن زيادة السيطرة على مستويات السُكّر في الدم، تترافق مع انخفاض في ظهور إشكالات السُكّري، وتالياً فإنها تنجح في خفض تكاليف الرعاية الصحيّة المتّصلة بهذا المرض. وخلصت الدراسة الى التشديد على أهمية السيطرة على مستوى السُكّر في دم مرضى النوع الثاني من السُكّري عبر استخدام العلاجات المتطوّرة، حتى لو أحدث الأمر ارتفاعاً طفيفاً نسبياً في تكاليف الرعاية، لأنها تبقى أقل من الانخفاض في تكاليف الرعاية نفسها عند التوصّل الى سيطرة مقبولة علمياً على مستويات السُكّر لدى هذه الفئة من المرضى. وأخيراً، استضافت لندن في «اليوم العالمي للسُكّري»، ندوة علمية عن الأدوية الحديثة في علاج هذا المرض. وفي اتصال هاتفي مع «الحياة»، شدّد اختصاصي ساهم في هذه الندوة، على الدور الواسع الذي تلعبه الأدوية من نوع «جي آل بي-1» GLP-1 (وهو مصطلح يختصر عبارة Glucagon- Like Peptide-1) وهي من أحدث ما دخل الى حلبة الصراع مع السُكّري»، في ضبط مستويات السُكّر لدى المُصابين بالنوع الثاني من المرض.