يبقى العلاج بإبر الانسولين أمراً مزعجاً للملايين من المرضى بالسكري بأنواعه العديدة.. ولكن هذا العلاج هو بمثابة الحياة لمرضى السكري من النوع الأول - الذي يصيب عادة الأطفال بصورة كبيرة والكثير من البالغين كذلك فهؤلاء المرضى لا توجد في أجسامهم سوى كمية ضئيلة من الانسولين وبحاجة لأخذ الانسولين عن طريق الحقن لمنع الجسم من تكسير الدهون للحصول على الطاقة عند غياب الانسولين مما يؤدي إلى حالة خطيرة تسمى بالحموضة الكينونية - DIABETIC KETOACIDOSIS يعرفها كل مهتم بالطب، لذا فإن المرضى لا يكادون يسمعون بعلاج إلا ويبادرون بالسؤال ومن ثم تجربته ولهذا أصبح هؤلاء الأعزاء عرضة لأنواع النصب والاحتيال من أصحاب الأعشاب والخلطات والعلاجات الغريبة التي ما انزل الله بها من سلطان. ويبقى الطب الحديث في تقدم مستمر وكل يوم هناك الجديد في عالم السكري مما يجعلنا نحن المختصين بهذا التخصص من الطب في كبد ومعاناة لمحاولة متابعة الجديد في هذا المجال. وقبل سنوات عدة سمع الجميع عن بخاخ الانسولين عن طريق الرئة إلى مجرى الدم بدلاً عن استعمال إبر الانسولين التي مهما كانت دقيقة في حجمها فإنها تسبب الكثير من الازعاج لمريض السكري خاصة مع نصائحنا المتعددة لمرضى النوع الأول بأن حقنتين من الانسولين لا تكفي والأفضل للمرضى أخذ ما بين 3-4 إبر انسولين يومياً حسب ما وجد في الأبحاث المتعلقة بهذا المجال والتي أثبتت بما لا يدع مجالاً لشك بأن أربع إبر في اليوم تؤدي إلى تخفيض معدل السكري متوسط السكري الذي يجب أن يقاس كل 3-4 أشهر أو الهيموقلوبين السكري. وهذا بدوره انعكس إيجابياً على مشاكل السكري على الشبكية (تخفيض معدل إصابة الشبكية بما نسبته 67٪) وعلى الأعصاب الطرفية 56٪ وعلى الكلى 57٪. ولكن يبقى أخذ 4 إبر في اليوم مزعجاً جداً تخيل نفسك بحاجة إلى إبرة انسولين قبل كل وجبة وإبرة من الانسولين قبل النوم، لا بد من الاعتراف بأن ذلك مزعج علماً بالحاجة لذلك يومياً ولسنين طويلة، ولذلك فإن وجود طريقة اسهل لتوصيل الانسولين للجسم هو بمثابة حلم لمرضى السكري، ويعتمد بخاخ الانسولين على قاعدة أن أنسجة الرئتين العميقة والتي يتم عن طريقها تبادل الغازات وتوزيعها أو ما تسمى ب (ALVEOLI) تعتبر مكاناً مثالياً لاستقبال الأدوية وامتصاصها إلى مجرى الدم وعلى هذا المبدأ قامت شركة أمريكية تسمى نكتار (NECTAR) باختبار هذا المبدأ بادخال جزيء كبير في حجمه كالانسولين إلى الجسم عن طريق الرئتين. ويوضع الانسولين على شكل بودرة يمكن حفظها عند درجة حرارة الغرفة ولا يلزم وضعها في الثلاجة ثم توضع في جهاز صغير يحمل باليد تؤدي كل بخة منه إلى دخول حوالي 300 مليون جزيء - وليس وحدة - من الانسولين إلى الرئتين. أجريت التجارب على أكثر من 3000 مريض حول العالم واستعمل بعض هؤلاء المرضى بالسكري بنوعيه الأول والثاني بخاخ الانسولين لمدة 7 سنوات، وقد أثبتت هذه الدراسات أن استعمال البخاخ قبل كل وجبة مصاحباً بإبرة واحدة قبل النوم من الانسولين المعكر - طويل المفعول - أثبتت هذه الدراسة فعالية هذه الطريقة لادخال الانسولين للجسم، فقد كانت قدرته على السيطرة على سكر الدم موازياً لاستعمال إبر الانسولين، وحتى عند أولئك المرضى الذين لم يستجيبوا بصورة كافية أمكن تخفيض كمية أو عدد جرعات الانسولين لديهم بصورة كبيرة، كما كان البخاخ أفضل من حبوب السكري لدى مرضى النوع الثاني من السكري. وفي شهر مارس 2004 قبلت السلطات المختصة في الاتحاد الأوروبي ملف الدواء لمناقشته - كما قبلت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) مناقشة الطلب المقدم من الشركات المصنعة لاعتماد الدواء وذلك في شهر مارس من هذه السنة 2005. وقد قامت هيئة الدواء والغذاء بتمويل دراسة البخاخ إلى لجنة استشارية من المختصين بأمراض الغدد والسكري وصوتت هذه اللجنة بأغلبية 7 إلى 2 إلى جانب اعتماد الدواء ورفعت هذا القرار إلى الهيئة التي عادة ما تعتمد رأي اللجنة ولكنها غير ملزمة به وفي الشهر الماضي أكتوبر 2005 أعلنت الهيئة أنها تحتاج 3 أشهر أخرى لاجراء مراجعة للدواء وفي الماضي كانت الهيئات المختصة في أوروبا وأمريكا قد ردت الدواء لوجود بعض الشكوك حول تأثيراته الطويلة المدى على أنسجة الرئتين وذلك لوجود بعض التأثيرات السلبية الطفيفة على الوظائف الحيوية للرئتين (PULMONARY FUNCTIONS) كما لا ننسى الحاجة إلى النظر في تأثيرات الدواء في المرضى الذين لديهم أمراض مزمنة في الرئتين ولدى المدخنين. ويبدو أن كل المؤشرات تقول بأن بخاخ الانسولين هو في طريقه إلينا في القريب العاجل. كما أن هناك دراسات ناجحة نوعا ما على الانسولين عن طريق الفم - وهما عقار ORALIN وعقار NOBEX وكذلك هناك دراسات على الانسولين الذي يعطى على شكل لصقات توضع على الجلد، ويقوم الجلد بامتصاص الانسولين من هذه اللصقات بكمية ضئيلة تغني عن الانسولين متوسط أو طويل المفعول (12-24 ساعة). وكذلك فإن أنواع مضخات الانسولين تشهد تطوراً كبيراً ومنها ربطها بسكر الدم حيث نقوم بقراءة سكر الدم ثم اعطاء الانسولين حسب هذه القراءة، ولا ننسى أنواع الانسولين الجديدة ومنها انسولين لانتوس، وانسولين اسبارت والعديد من هذه الأنواع هو في طريقه إلينا (لانتوس وأسبارت هما في أسواق المملكة حالياً). كما أن عقار EXENATIDE قد تلقى موافقة السلطات المختصة في الولاياتالمتحدة للبدء في تسويقه. إن عالم السكري هو فعلاً في تطور مستمر، وكل يوم هناك الجديد على صعيد العلاجات الجديدة للسكري وإني لعلى يقين بأن المستقبل سيحلل لنا الكثير من الأنباء السارة لمرض السكري إن شاء الله.