استدعت الأحداث الدامية التي شهدتها محاور القتال بين باب التبانة وجبل محسن في طرابلس (شمال لبنان) اتصالات لبنانية ومشاورات ولقاءات ذات طابع امني لوضع حد للاشتباكت الدائرة لليوم السادس على التوالي. وقرر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (الذي قطع زيارته لنيس في جنوبفرنسا وعاد الى لبنان لمتابعة الاوضاع)، بصفته نائب رئيس مجلس الدفاع الأعلى، وبعد التشاور مع الرئيس ميشال سليمان الموجود في اليونان في اتصال اجراه معه، دعوة المجلس الى الانعقاد غداً في بعبدا، لبحث الأوضاع في طرابلس بعدما شهدت المدينة موجة اشتباكات متجددة. وخيم الهدوء الحذر امس على محاور الاشتباكات كافة في طرابلس بعد ان نفذ الجيش اللبناني انتشاراً واسعاً ابتداء من السادسة صباحاً. وتوقفت الاعمال الحربية وبدأت الحالة اليومية تعود تدريجاً كما ان العديد من الاهالي عادوا لتفقد ممتلكاتهم. فيما كانت حركة السير في المدينة شبه طبيعية، وفتحت معظم المحال ابوابها، في حين بقيت المدارس والجامعات مقفلة خوفاً من تجدد الاشتباكات. وكانت طرابلس شهدت اعنف اشتباكات ليل اول من امس على مختلف المحاور استخدمت فيها الاسلحة الخفيفة والمتوسطة بما فيها قذائف الهاون وبشكل كثيف. وفيما قال مواطنون ان الليلة الاخيرة شهدت اسوأ الاشتباكات، أعلن رئيس العناية الطبية في المستشفى الاسلامي الخيري الدكتور سميح بركة ان المستشفى استقبل بعد منتصف الليل القتيل جلال حلاق 28 سنة والعديد من الجرحى لترتفع حصيلة القتلى الى 9 والجرحى اكثر من 80 بينهم سبعة عسكريين. ورأس ميقاتي سلسلة من الاجتماعات في السراي الكبيرة امس لمعالجة الأوضاع في طرابلس. كما أجرى اتصالات تشاورية مع فاعليات طرابلسية وشمالية. واطلع من قائد الجيش العماد جان قهوجي على التدابير التي يتخذها الجيش في المدينة، كما التقى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، ثم عقد اجتماعاً ضم وزير الداخلية مروان شربل وريفي، وتقرر أن يتوجه الوزير شربل اليوم الى طرابلس لترؤس إجتماع مجلس الأمن الفرعي في المدينة. وأكد ميقاتي «أن الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية يقومان بواجبهما في ضبط الوضع». وقال «إن الحكومة ماضية في اتخاذ كل ما من شأنه الحفاظ على السلم الاهلي وتفويت الفرصة على المصطادين في الماء العكر، الا ان هذه المهمة الوطنية تحتاج الى تعاون جميع القيادات اللبنانية التي عليها ان تترفع عن الاعتبارات الذاتية والحسابات الضيقة وتقدّم مصلحة الوطن فوق كل المصالح، وترفع الغطاء عن المخلين بالأمن، لأن استمرار النزف الحاصل يمكن ان يؤدي الى واقع لا يريده اي من اللبنانيين الذين سئموا المناكفات والصراعات والخلافات ويتطلعون الى عمل وطني انقاذي يتناغم مع طموحاتهم وآمالهم وثقتهم بوطنهم وبمستقبلهم». وشدد على «أن استهداف الاجهزة الامنية بالحملات السياسية له مردود سلبي، لأن ما من دولة يمكن ان تقوم إذا كانت قواها الامنية مستهدفة بقصد تعطيلها». ودعا الى «تحكيم العقل والضمير والاحساس بالمسؤولية الوطنية في هذه الظروف الدقيقة والتعاون مع القوى الامنية لوقف النزف واعادة الوضع الى طبيعته». وأعلنت قيادة الجيش في بيان ان «قوى الجيش المنتشرة في منطقة باب التبانة - جبل محسن والاحياء المجاورة دهمت أوكار المسلحين وردت على مصادر النيران بالأسلحة المناسبة، وتمكنت من توقيف عدد من المشتبه فيهم بإطلاق النار، بعدما ضبطت في حوزتهم كمية من الاسلحة الحربية والذخائر والاعتدة العسكرية، وتعرض بعض مراكز الجيش لأعمال قنص، ما ادى الى إصابة 7 عسكريين بجروح غير خطرة، والى اضرار مادية في بعض الآليات العسكرية، كما قامت وحدات الجيش بنقل عدد من المواطنين المصابين الى مستشفيات المدينة». وأشار البيان الى «ان قيادة الجيش تدعو اهالي المناطق المتوترة الى التعاون الكامل مع اجراءات قوى الجيش، بما في ذلك الابلاغ الفوري عن أي نشاط مسلح أو مشبوه، ليصار الى معالجته بالسرعة القصوى».