واكب الوسط السياسي اللبناني تطورات الأزمة السورية وتداعياتها على الانقسام الداخلي بكثير من الصخب والتشنج الذي لم يخلُ من التوتر الأمني بفعل تجدد الاشتباكات بين منطقتي باب التبانة السنّية وجبل محسن العلوية، وسقوط قتيلين وجريحين في كل من المنطقتين نتيجة القنص الذي قطع طريق طرابلس – عكار، فيما عزز الجيش اللبناني قواته وأمهل المسلحين من الجانبين حتى السادسة مساء للانسحاب من الشوارع، بعدما أطلقت قذائف «إينرغا» بين المنطقتين منذ ليل أول من أمس. وإذ استمرت طرابلس في حال توتر وترقب وعاشت على وقع الإشاعات في شأن مصير مجموعة الشبان الطرابلسيين الذين أعلنت السلطات السورية أنها قتلت معظمهم أثناء عبورهم إلى الأراضي السورية ليل الخميس – الجمعة الماضي في منطقة تلكلخ حيث قيل إنهم ذهبوا للقتال الى جانب الثوار السوريين، استأثرت تداعيات الأزمة السورية على لبنان بقسط وافر من جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت قبل ظهر أمس، وكانت حاضرة في مواقف الكتل والقوى السياسية أمس. وبينما أبلغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مجلس الوزراء أنه طلب من الصليب الأحمر الدولي التدخل لاسترجاع جثث من قتلوا من مجموعة الشبان الذين تجاوزوا الحدود الى سورية، والحصول على معلومات عن مصير الآخرين، نشرت أسماء خمسة من الشبان الذين تضاربت المعلومات حول عددهم وأسمائهم. ودعا ميقاتي اللبنانيين الى «إبعاد وطننا عن التدخل في الأحداث في سورية كي لا ندفع أثمان صراع لا قدرة لنا عليه». وقال إن وزير الخارجية عدنان منصور طلب من السفير السوري في بيروت العمل على تسليم جثامين الشبان الذين قضوا في سورية. وإذ دعا ميقاتي «أهلنا في طرابلس الى عدم الانجرار وراء تأجيج الفتنة»، استحوذ موضوع تسجيلات المكالمات الهاتفية التي صدرت في وسائل الإعلام مرئية ومكتوبة للنائب في تكتل «لبنان أولاً» عقاب صقر مع ناشطين سوريين حول طلبهم أسلحة وذخائر، على حيز من النقاش في مجلس الوزراء، بعد أن كان النائب العام التمييزي القاضي حاتم ماضي طلب تفريغ التسجيلات لاتخاذ الموقف المناسب منها في ضوء القوانين والمعاهدات الثنائية. وحمل الوزراء علي قانصو ومحمد فنيش وعلي حسن خليل وجبران باسيل وحسين الحاج حسن وسليم جريصاتي على صقر، مطالبين باتخاذ أقسى الإجراءات ضده باعتباره يسيء الى العلاقات اللبنانية - السورية، والمعاهدات بين البلدين، ومعتبرين أن إقراره بصحة التسجيلات هو دليل ثابت على تدخله في الشأن السوري. إلا أن وزير الأشغال غازي العريضي خالفهم الرأي، معتبراً أن «هناك فريقاً آخر في البلد يقول إن الآخرين يتدخلون أيضاً، وهذا ثابت أيضاً والتدخل الميداني في سورية مرفوض من قبلنا من أي جهة أتى لأنه ينعكس سلباً على البلد». وانتقد العريضي التذرع بالإساءة للعلاقات بين البلدين قائلاً: «هل العلاقات من جهة واحدة؟». وأشار الى اكتشاف مخطط الوزير السابق ميشال سماحة ورئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي المملوك، قائلاً: «ألم يحصل مخطط لإحداث تفجيرات في البلد؟ ورئيسا الجمهورية (ميشال سليمان) والحكومة انتقدا الخروق السورية الأراضي اللبنانية وطالبا بالتحقيق فيها وكذلك بمقتل المصور علي شعبان». وإذ عدد مجموعة حوادث حصلت، قال: «ما يلائمنا نحكي به وما لا يلائمنا لا نأتي على ذكره. يجب أن تكون لنا سياسة واحدة ويكون لنا معيار واحد... وإلا البلد ذاهب الى كارثة». وفيما أشارت مصادر سياسية الى أن فريق 8 آذار ينوي تشديد الحملة على النائب صقر كواحد من نواب «قوى 14 آذار» مقابل إصرار الأخيرة على استعجال محاكمة الوزير السابق ميشال سماحة الذي أقفل القضاء ملف التحقيق في شأنه أمس، فإن رئيس «تكتل الإصلاح والتغيير» النيابي العماد ميشال عون حمل على النائب صقر «لأنه يفتخر بتقديم المساعدات (للثوار السوريين) هو وزملاؤه في 14 آذار»، ودعا الى إجراءات قضائية ضد هؤلاء «ولن نسمح لهم بتوريطنا في حرب إقليمية». وفي المقابل، أثارت كتلة «المستقبل» بعد اجتماعها برئاسة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة قضية الشبان الذين قتلوا في سورية محملة مسؤولية ما حصل للحكومة «التي تجاهلت النداءات بضرورة نشر الجيش اللبناني على الحدود لحمايتها من اعتداءات جيش النظام السوري ومنع التسلل باتجاه سورية والعكس». واعتبرت الكتلة أن «من يتحدث عن محاسبة النائب صقر عليه قبل ذلك محاسبة حزب الله، خصوصاً أمينه العام السيد حسن نصرالله الذي تحدث علناً عن دور الحزب العسكري في سورية حيث يرسل مقاتليه وأسلحته ويقدم الذخيرة والمساندة والقتال والخبرة الى النظام السوري». وكان زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري استقبل أمس في منزله في الرياض وفداً من الائتلاف الوطني السوري زار المملكة العربية السعودية، وأكد «أننا لن نتراجع عن تأييدنا للثورة السورية».