من جديد الدراما السورية في هذا الموسم الرمضاني الجديد انها بدأت تهتم بما صار يعرف بمناطق «العشوائيات» التي انتشرت في السنوات الأخيرة حول بعض الأحياء الدمشقية، وأفرزت ثقافتها الخاصة التي راحت تتسرب إلى الدراما. العنوان اللافت، في هذا الإطار، هو مسلسل «قاع المدينة» للمخرج سمير حسين والكاتب محمد العاص. المسلسل من إنتاج شركة «عاج»، وتدور أحداثه في أحد أحياء العشوائيات هذه، التي تضم خليطاً متنوعاً من السكان القادمين، في غالبيتهم، من مناطق بعيدة بحثاً عن لقمة العيش. ويرصد العمل واقعهم البائس، وعلاقاتهم مع محيطهم الضيق، ومع شرائح المجتمع الأخرى التي تعيش في ثراء فاحش، ومدى تشابك هذه العلاقات التي تتحكم فيها المصالح والرغبات والأهداف المختلفة. يقول سمير حسين: «من خلال التركيز على القصص المأسوية لهؤلاء، وكيفية خوضهم غمار الحياة، نصل إلى الجانب الآخر للمدينة أي إلى «قمتها»، وهذا ما يفضي في النهاية إلى نسيج درامي يجمع الشخصيات المختلفة، سواء تلك التي تنتمي إلى القاع أو إلى القمة». ورداً على سؤال حول الجديد في هذا العمل بعدما أصبح موضوع العشوائيات «موضة» في الدراما السورية؟ يرد حسن أن «المختلف في العمل يتمثل في النضج الفني الذي ينطوي عليه النص، ذلك أن السيناريو لا يتناول مسائل الانحراف والجريمة التي غدت العنوان الأبرز في مسلسلات سورية مماثلة. نحن نركز على الجوانب الإنسانية لهذه الشريحة الاجتماعية الفقيرة، ونسعى إلى التعبير عن مخاوفها، ونطرح أسئلة غير مباشرة حول الأسباب التي دفعتها إلى العيش وسط هذه الظروف القاسية». عار عشوائي وينتمي مسلسل «العار» للمخرجة رشا شربتجي إلى التصنيف ذاته، فالمسلسل الذي كتبه حسن سامي يوسف ونجيب نصير وأنتجته شركة عاج، يطرح جملة من الأسئلة حول المفهوم الاجتماعي للعار. وتتجول كاميرا شربتجي على أرصفة العشوائيات لتكشف بعض الجوانب الخفية في حياة الأسر القاطنة هناك. كما يتناول أزمة الطبقة الوسطى في سورية والوضع الاقتصادي المتردي لقطاعات واسعة تنتمي إلى شريحة الموظفين. ويجسد الأدوار الرئيسة في هذا العمل كل من بسام كوسا، تيم الحسن، سمر سامي، سلافة معمار، سليم صبري، ثناء دبسي، خالد تاجا وغيرهم. في السياق ذاته سيكون الجمهور على موعد مع مسلسل «سحابة صيف» للمخرج مروان بركات عن سيناريو لإيمان سعد، وإنتاج شركة مسار للإنتاج الفني. المسلسل هو دراما اجتماعية معاصرة، ويرصد طبيعة الحياة المتداخلة بكل تشكيلاتها الاجتماعية الطارئة والمتغيرة في مدينة دمشق التي تشكل المسرح الرئيس للأحداث، وهي في الآن ذاته ذريعة لتناول الظروف السياسية المضطربة في المنطقة. نتعرف، عبر شخصيات هذا العمل، على أماكن السكن العشوائي في المدينة حيث المهاجرون وخصوصاً من فلسطين والعراق، وعلاقاتهم مع السكان الأصليين، وفي المقابل نتعرف على الطبقة المترفة. هي توليفة تجمع الثري والفقير، الرومانسي والموتور، ربة المنزل والمتمردة، الموظف والعاطل من العمل، ويهدف المسلسل إلى إظهار نوع العلاقات التي تربط بين هؤلاء، في محاولة لإظهار طبيعة الصراعات والنزاعات التي تدور بينهم، إذ يؤكد بركات ان «على الدراما أن تركز على الجوانب السوداء والتجاوزات والفساد والخلل». ويضيف: «نحن نتعامل مع واقع شديد المرارة، ونبرز سلبياته، وهذا الواقع للأسف غير متخيل وإنما هو حقيقي». ومن المنتظر أن يكون هذا العمل أحد أبرز الأعمال الدرامية للموسم الحالي، لما يطرحه من قضايا شائكة ومعقدة، ولاحتوائه على خطوط درامية متشابكة ومركبة، ولحشده عدداً من نجوم الدراما السورية للعب الأدوار الرئيسة على رأسهم الفنان بسام كوسا وكذلك سلوم حداد وسمر سامي وجهاد سعد وكاريس بشار. وللأطفال حصة أطفال الشوارع أيضاً لهم حصة من دراما هذا الموسم، عبر مسلسل «قلوب صغيرة» من إخراج عمار رضوان وتأليف ريما فليحان بمشاركة الفنانة يارا صبري. ويرصد العمل قضية أطفال الشوارع، وما تحمله من أبعاد إنسانية في سعي إلى الكشف عن العوامل التي تؤسس لمثل هذه الظاهرة السلبية المجحفة بحق الطفولة. أما مسلسل «صبايا» من إخراج ناجي طعمي وتأليف رنا الحريري وإنتاج شركة بانا للإنتاج الفني، فيتناول يوميات خمس فتيات يعشن مع بعضهن، ويتعرضن في كل حلقة لمشكلة جديدة يحاولن إيجاد حل لها. وللحب أيضاً مساحة من خلال مسلسل «عن الخوف والعزلة» من إخراج سيف الدين سبيعي، وتأليف فادي قوشقجي، وبطولة عبد المنعم عمايري وكاريس بشار. مسلسل «قلبي معكم» الذي كتبته أمل حنا وأخرجه سامر برقاوي يذهب إلى المشافي ليتناول حياة الأطباء والممرضين. ويسجل المواقف الإنسانية الحزينة وسط أجواء المرض والخوف والموت. مسلسلات الأجزاء الى هذا سيكون الجمهور على موعد مع الجزء الرابع من مسلسل «باب الحارة» للمخرج بسام الملا، وفي حين تدور الحكاية في أجواء البيئة الشامية ذاتها غير أن شخصيات كثيرة ستغيب، وثمة شخصيات جديدة ستظهر في هذا الجزء الذي أثار معارك كثيرة قبل التصوير وأثناءه. وهناك الجزء الثاني من مسلسل «أهل الراية» الذي يخرجه سامر برقاوي، ومن المتوقع أن يتأخر عرضه إلى ما بعد رمضان، وكذلك الجزء الثالث من مسلسل «الحصرم الشامي» للمخرج سيف الدين سبيعي والمؤلف فؤاد حميرة، والجزء الثاني من مسلسل «بيت جدي» الذي أخرجه محمد الشيخ نجيب. المخرج فراس دهني يشارك في وجبة رمضان عبر مسلسل «شتاء ساخن»، وهو من تأليف فؤاد حميرة، أما المخرج فهد ميري فيقدم مسلسل «بيادق» لمؤلفه رامي طويل. حصة الكوميديا قليلة، وتتمثل في مسلسل بعنوان أحدب نوترشام (وهو تحريف لاسم رواية فيكتور هيغو المعروفة «أحدب نوتردام») وهو من إخراج سيف الدين سبيعي، وتأليف فؤاد حميرة. ويقدم العمل بورتريه لنصاب فاشل. كما يطل مسلسل «مرسوم عائلي» من إخراج ماهر صليبي وتأليف محمود الجعفوري وإنتاج شركة أكشن للإنتاج الفني. وثمة تجارب إخراجية جديدة كما الحال بالنسبة لأحمد إبراهيم الأحمد الذي يتصدى للإخراج للمرة الأولى بعدما عمل طويلاً مدير تصوير، وسيتابع الجمهور باكورة أعماله «دروب» التي شارك في تأليف حلقاتها عدد من الكتاب. وثمة أعمال لم تستطع الوصول إلى الجمهور في الموسم الماضي لأسباب رقابية، ستبث في هذا الموسم، ولعل أبرزها مسلسل «فنجان الدم» للمخرج الليث حجو.