طالب اقتصاديون وزارة التجارة التدخل في الحرب الدائرة بين وزارة العمل وبعض التجار التي اندلعت بعد تطبيق الأخيرة قرار رفع رسم العامل الأجنبي 2400 ريال، مؤكدين أن رفع الأسعار بصورة عشوائية من التجار يؤدي إلى آثار خطرة على الاقتصاد السعودي، مشيرين إلى أن ضعاف النفوس سيستغلون الوضع المتأزم بسبب القرار إلى رفع الأسعار من دون داع، مستغلين فرصة كانوا ينتظرونها. وأشاروا إلى أن بيوت التجار المتمثلة في الغرف التجارية تطرفت كثيراً في ردة فعلها على قرار وزارة العمل، مضيفين أن القرار إذا كان يضر بفئة من رجال الأعمال فإنه يعالج من خلال إيضاح هذا الضرر إلى الجهات المعنية وحتى نشره في وسائل الإعلام، وليس من خلال تهديد المواطنين برفع الأسعار وإثارة الرأي العام على وزارة العمل. وأوضح الاقتصادي نظير العبدالله أن قرار وزارة العمل على رغم التحفظات التي لدى رجال الأعمال عليه، إلا أنه أقر لغاية مهمة، وهي إقناع القطاع الخاص أن العامل السعودي أفضل لكم من الناحية الاقتصادية من العامل الأجنبي، مبيناً أن قطاعات اقتصادية مهمة ستتأثر بهذا القرار، في مقدمها قطاع المقاولات وقطاع النقل ونسبة لا بأس بها من قطاع الخدمات، لذلك من حقها أن تفتح حواراً جاداً مدعماً بالوثائق حول وضعها مع وزارة العمل لتستثنيها من القرار أو تتخذ إجراءات أخرى تساعدها على تحقيق غاية الوزارة من قرارها. وأكد أن موقف الغرف التجارية جاء متشنجاً ضد وزارة العمل، على رغم الفرص الكثيرة التي أعطيت القطاع الخاص خلال السنوات الطويلة الماضية لدعم توظيف السعوديين، ولكن من دون جدوى، وبقاء نسبة السعودة لديهم أقل من 10 في المئة، مع رؤيتهم لتعاظم البطالة بين الشباب السعودي وازدياد مستمر في أعداد العمالة الأجنبية إلى أن بلغت 8 ملايين عامل أجنبي، وقال: «هذه فرصة لزيادة توظيف السعوديين، يجب أن تستغل لمصلحة البلاد». من جانبه، أشار أستاذ الاقتصاد محمد الجعفر أن لقرار وزارة العمل جانبين، إيجابي من خلال التأكيد على جدية الحكومة في إيجاد وظائف للسعوديين، وأنها سائرة في هذا الطريق من دون تردد، أما الجانب السلبي فهو تأثيره في قطاعات مهمة، غالبية موظفيها من العمالة الأجنبية، أو من الوظائف الدنيا التي لا يقبل عليها السعوديين حتى الآن بسبب تدني رواتبها، إضافة إلى تلويح التجار برفع الأسعار، وهو ما يخلق بلبلة في البلد. وأشار إلى أن رفع الأسعار بصورة عشوائية يجب أن تتصدى له وزارة التجارة بكل حزم حتى لا يصبح الاقتصاد السعودي رهيناً بأيدٍ لا ترى رقيباً عليها. مبيناً أن تهديد التجار برفع الأسعار يجب أن يواجه من الوزارة بحملة مضادة توضح أرباح كل قطاع، وتبين أن قرار رفع قيمة رخصة العامل يجب أن تأخذ من هامش الربح لدى التجار وليس من خلال رفع الأسعار، ولا سيما أن لدى التجار نسب ربح كبيرة. وأضاف أن بعض التجار نشروا على مواقع الإنترنت الكلفة التي سيتحملوها لو كان لديهم 100 عامل أجنبي فسيدفع صاحبها 240 ألف ريال في السنة، أضف إلى ذلك تأمين طبي 120 ألف ريال على الأقل، و75 ألف ريال تجديد الإقامة، و20 ألف تأشيرات سفر، ويصبح المجموع نحو 455 ألف ريال كلفتهم، لكنهم أمام هذه الكلفة السنوية ما يحققه هؤلاء ال100 عامل من أرباح، التي بالتأكيد تتجاوز الملايين. وأوضح أن تهديد التجار برفع الأسعار، أو قيام بعضهم بالفعل برفع الأسعار أمر غير مبرر إذا تم من دون درس لحساب الكلفة، وقال: «هذا الوضع مشابه لما قامت به المطاعم أثناء ارتفاع أسعار الرز، حيث قامت برفع الأسعار في قوائم الطعام بمعدل ريالين أو ثلاثة ريالات لجميع الأصناف، والحقيقة أن سعر الرز ارتفع، ولكن ما دخل طبق الشوربة، أو المعجنات أو اللحوم وغيرها من الأطباق التي لا يدخل فيها الرز»، مطالباً وزارة التجارة بتشديد الرقابة على الأسواق وإنزال العقاب بالمتلاعبين. وحول تأثير فرض رسوم 2400 ريال سنوياً على العامل الأجنبي، على المؤسسات الصغيرة، أوضح الدكتور علي الغامدي أن الشائع هو تأثر هذا القطاع بالقرار، باعتبار عدم قدرته على توفير شرط ال50 في المئة، إلا أنه تم إهمال نقطة مهمة، وهي حجم أرباح هذه المؤسسات، مقارنة بمصروفاتها، مبيناً أنه لا توجد مؤسسة تقبل أن يكون عائد الربح المحقق من عامل لديها 2400 ريال سنوياً، إلا إذا كانت من المشغلة للعمالة السائبة التي تكتفي بأخذ 300 ريال من العامل شهرياً، في مقابل الكفالة، وحتى هذه فإنها تأخذ 3600 ريال، وهو أعلى من قرار وزارة العمل. وأضاف أن تضخيم الأرقام التي لجأ إليها رجال الأعمال التي بلغت 17 بليون ريال، لم تضع في مقابلها مئات البلايين من الريالات التي يربحها القطاع الخاص سنوياً، مؤكداً أن الصورة تكون أكثر إنصافاً لو تمت بهذه الصورة، وحتى القطاعات المتضررة بصورة كبيرة، وهو قطاع المقاولات فإن الكلفة المتوقعة عليه التي تصل إلى 6 بلايين ريال، لا تعادل نصف في المئة من الأرباح التي يحققها فقط من المناقصات الحكومية. المقاولات أكثر القطاعات تأثراً برفع رسوم العمالة الوافدة. (&)