ذكرت مصادر الأممالمتحدة أن مجلس الأمن الدولي سيعقد اجتماعاً في 21 الشهر الجاري لدرس تطورات قضية الصحراء. وسيعرض الأمين العام بان كي مون تقريراً عن آخر المستجدات، ويُرجّح أن يدعو إلى استئناف الجولة الخامسة من المفاوضات وتمديد ولاية بعثة «المينورسو» التي تنتهي في ختام الشهر الجاري. وقالت المصادر إن تقرير بان كي مون الذي يُعتبر الأول من نوعه منذ تعيين الموفد الدولي الجديد كريستوفر روس في مهماته خلفاً للوسيط الدولي بيتر فان فالسوم، سيستند إلى نتائج المشاورات التي أجراها روس مع الأطراف المعنية، بعدما عُلّقت المفاوضات في صيف العام الماضي نتيجة وصولها إلى مأزق. ويأتي ذلك في وقت يقوم مبعوثون مغاربة من زعامات الأحزاب السياسية بجولات لشرح موقف الرباط من تطورات الملف قبل انعقاد اجتماع مجلس الأمن. وكان كريستوفر روس أعرب في جولته الأولى التي شملت المغرب والجزائر ومخيمات تندوف مع توقف في كل من مدريد وباريس، عن تفاؤله في الدفع قدماً بعملية المفاوضات، وترك الباب مفتوحاً أمام اتفاق الأطراف المعنية على توقيتها وجدول أعمالها. وكان لافتاً أنه لم يزر موريتانيا ضمن زياراته الاستكشافية على رغم أنها طرف غير مباشر في النزاع. وفيما ساد اعتقاد لناحية استبعاد نواكشوط من الجولة بسبب تداعيات الانقلاب العسكري فيها في صيف العام الماضي، فإن مراقبين يرون أن الموقف الموريتاني نحا في اتجاه دعم جهود الأممالمتحدة، وبدا أقرب إلى موقف جاره الشمالي المغرب، بخاصة أن الحكم الموريتاني الجديد بقيادة الجنرال محمد ولد عبدالعزيز تعرض لانتقادات جزائرية. ونُقل، في غضون ذلك، عن جبهة «بوليساريو» أنها أبدت انزعاجاً ملحوظاً ازاء تصريحات صدرت عن مسؤولين إسبان وفرنسيين خلال توقف الموفد الدولي روس في محطتيه الإسبانية والفرنسية، ما أعاد إلى الأذهان معالم الطبعة الأولى لخطة الوسيط الأميركي السابق جيمس بيكر التي كانت أقرت حكماً ذاتياً يُنفّذ خلال أربع أو خمس سنوات، وأسندت رعايته إلى فرنسا والولايات المتحدة. ولم يفت حكومة رئيس الوزراء الإسباني وقتذاك خوسيه ماريا اثنار الاعتراض على استبعادها من رعاية ترتيبات الحل النهائي، ومنذ ذلك الحين لاحظت المصادر أن المبعوثين الدوليين الذين يتعاطون ونزاع الصحراء كانوا يبدأون جولاتهم بالتوقف في مدريد على رغم أنها ليست عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي، لكن وضعها كمستعمر سابق للإقليم حتّم أخذ رأي الإسبان في الاعتبار. وصرح أكثر من مسؤول في الحكومة الاسبانية بأن مدريد ملتزمة الحوار مع باريس وواشنطن، إضافة إلى الأطراف المعنية، في موضوع الحل السياسي للنزاع الصحراوي. ولفتت المصادر إلى أن مدريد تعوّل على رئاستها الدورة المقبلة للاتحاد الأوروبي للقيام بمبادرة في هذا الشأن، ما يعني أن الفترة الفاصلة إلى نهاية العام الجاري قد لا تعرف تطورات مثيرة، وقد تستمر المساعي تراوح مكانها من دون احراز تقدم كبير. غير أنها المرة الأولى التي تقف فيها المساعي أمام مفترق طرق، بين استئناف المفاوضات على أسس ومنطلقات جديدة، أقربها الانتقال إلى «جوهر» المحادثات حول مستقبل الإقليم في ضوء اقتراح الحكم الذاتي الذي تعوّل عليه السلطات المغربية كثيراً، وبين العودة إلى نقطة الصفر وقلب صفحات اقتراحات يقول مراقبون في المغرب إن الوقت تجاوزها، لا سيما أن قرارات مجلس الأمن ذات الصلة اعتبرت المفاوضات بحسن نية ومن دون شروط مسبقة الصيغة الأكثر قابلية للتنفيذ. إلى ذلك، واصل المجلس الاستشاري الصحراوي في المغرب أعماله في دورة عادية ركّزت على محورين هما «تكريس اللغة الحسانية» التي يتحدث فيها السكان المتحدرون من اصول صحراوية كأحد مكونات الهوية الصحراوية، والبحث في مشروعات انمائية تطاول جلب المياه وبناء مرافق انتاجية. وقدّم وزراء في حكومة عباس الفاسي تقارير أمام المجلس حول تلك المشروعات، ما يبلور اتجاهاً جديداً يهدف إلى المضي قدماً في تنفيذ خطة الحكم الذاتي التي تشمل منح المنتخبين المحليين سلطات واسعة في إدارة الشؤون المحلية. وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس عرض في خطاب السادس من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي إلى عزم بلاده تنفيذ «النظام الجهوي» في المحافظات الصحراوية مقدمة لأن يمثّل بقية أقاليم البلاد، ما اعتبر رسالة لجهة أن الرباط «لا يمكن أن تنتظر طويلاً» وأنها بصدد تنفيذ خيار الحكم الذاتي بصرف النظر عن مآل المفاوضات. وتنص خطة الحكم الذاتي على اجراء انتخابات اشتراعية ومحلية وإقامة برلمان وحكومة محليين بمشاركة السكان العائدين، فيما ترى جبهة «بوليساريو» أن الاستفتاء حول صيغة الحكم الذاتي يمكن أن يكون واحداً من بين خيارات أخرى تشمل الاستقلال أو الانضمام النهائي للإقليم في المغرب.