إستراتيجية لتعزيز السياحة البيئية بمحمية الملك عبدالعزيز    ارفع رأسك فوق.. أنت سعودي    سعود بن بندر يطلع على جهود الأمر بالمعروف بالشرقية    تشديد العقوبات الأميركية يحد إمدادات النفط الروسية للصين والهند    جسم بشري بعقل إلكتروني!    برعاية خادم الحرمين.. مدارس الرياض تحتفي بذكرى تأسيسها    اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.. والإفراج عن الرهائن على مراحل    ثلاثة قتلى في سورية بضربة إسرائيلية استهدفت قوات السلطة الجديدة    رابطة العالم الإسلامي ترحّب باتفاق وقف إطلاق النار في غزّة    لاعبو الخلود: لعبنا بثقة أمام الأهلي    العدالة والعربي في قمة ملتهبة.. الزلفي يلاقي نيوم    مجلس شراكة سعودي - سنغافوري    مقتل سعودي في محافظة الكرك بالأردن    تسخير التقنية والذكاء الاصطناعي في أعمال الدفاع المدني    متحدث الداخلية يؤكد أهمية تكامل الجهود الإعلامية بمنظومة الحج    مدير الأمن العام: أمن وسلامة ضيوف الرحمن ركيزة أساسية    الغامدي يصدر قراره بتمديد تكليف العتيبي مديراً لإدارة الخدمات المشتركة    الدارة جسر حضاري    اتفاقية تعاون بين جمعية طب الأسرة والمجتمع بتبوك وملتقي الخبرات    آل الشيخ: ننأى بأبناء الأمة الإسلامية وهذه الأوطان من الوقوع في الفتن    «م ك ه 2025» تجذب زوّار جناح وزارة الداخلية بمؤتمر ومعرض الحج    فليم فلام    المعتدي على الآخرين    ندوة (الإرجاف وسبل مواجهته)، في نسختها الثالثة    إنجاز طبي سعودي.. تطوير دعامة لفقرات الرقبة    قافلة تجمع الرياض الطبية تنطلق السبت إلى الخرج    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يجري استبدال مفصل ركبة بتقنية الروبوت الجراحي    وزير الخارجية يصل تايلند في زيارة رسمية    مركز الملك سلمان يواصل إغاثته للشعب السوري    آل باعبدالله وآل باجميل يحتفلون بعقد قران عبدالرحمن    الفنان عبدالله رشاد يحتفل بزفاف أسرار وإياد    تدشين جمعية التنمية الزراعية بالمدينة المنورة    إتاحة خدمة الدفع Google Pay    السيولة في الاقتصاد السعودي تنمو خلال عام ب 275 مليار ريال    «البلاد» ترصد أسرع 20 هدفًا في تاريخ الدوري السعودي    3000 موقع جديد في سجل التراث العمراني    هيئة المتاحف تحتضن معرض «مانجا هوكوساي»    الإعلامي إبراهيم موسى يحصل على دبلوم إدارة الأعمال    أنشيلوتي.. المدرب الذي كسر القاعدة    رئيس وزراء سنغافورة يستقبل سمو وزير الخارجية    أمير القصيم يؤكد على السلامة المرورية    تعزيز مكانة محمية الملك عبدالعزيز البيئية والسياحية    محمية الملك عبدالعزيز تطلق إستراتيجية لتعزيز مكانتها البيئية والسياحية    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال11 لمساعدة الشعب السوري    الشتاء.. نكهة خاصة    الذكاء الاصطناعي يتنبأ بمكونات الوجبة المثالية    وللشامتين الحجر!    ابتكاراً لضيوف الرحمن    أيام قبل وصول ترمب!    إنطلاق فعاليات معرض مبادرتي "دن وأكسجين"    صلاح للأهلي    لا تنمية دون تصنيع!    كشف الحساب السعودي من أجل فلسطين... والحقيقة    السعودية ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتثمن الجهود المبذولة من قطر ومصر وأمريكا    رئيس الوزراء القطري يعلن موعد تنفيذ «صفقة غزة»    الامير سعود بن نهار يلتقي وزير التنمية الاجتماعية لجمهورية سنغافورة    دوري روشن: الخلود يسقط الاهلي بهدف دون رد    وزير الصناعة يؤكد أهمية تأمين سلاسل الإمداد للمعادن الحرجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النزاع في سورية مرشح للاستمرار
نشر في الحياة يوم 30 - 11 - 2012

هل يمكن القول إن القوى الغربية وحلفاءها يرتكبون خطأ في سورية؟ لقد اعترف البعض منهم، كبريطانيا وفرنسا، فضلاً عن تركيا والمملكة العربية السعودية وقطر، بالائتلاف الجديد الذي شكّلته فصائل المعارضة السورية في الدوحة في 11 تشرين الثاني (نوفمبر)، وستتعرض هذه الدول الآن لضغوط كبيرة من أجل تزويد الثوار السوريين بأسلحة «دفاع» أثقل وأكثر تقدماً، على غرار مضادات الطائرات ومضادات الدبابات. وهو الموضوع الذي تتم مناقشته في عدد من العواصم. ولكن، هل ستكون أسلحة أفضل كافية للإطاحة بالرئيس بشار الأسد؟ يرى معظم الخبراء العسكريين أنه أمر مشكوك فيه، فمع أن الثوار أحرزوا تقدماً ملحوظاً، لكنهم لا يزالون بعيدين من تسديد ضربة قاضية.
ووسط قلق الولايات المتحدة من بروز المجموعات الإسلامية المقاتلة –التي تشبه إلى حد كبير تلك التي تقاتل في أفغانستان وباكستان واليمن وأماكن أخرى– بقيت مترددة حتى الآن حيال الاعتراف بالائتلاف الجديد، مع أنها لعبت دوراً رئيسياً في تشكيله، ما يعكس المشاكل التي تواجهها القوى الغربية.
وفي حال حصل الثوار على أسلحة أفضل، وفقاً لما تعكسه الترجيحات، فمن المتوقع أن يردّ نظام الأسد وأن يقحم أسلحته الخاصة الأكثر تقدماً في المعركة، بما يشمل طائرات «ميغ 29» والدبابات الأكثر تطوراً والصواريخ والأسلحة الطويلة المدى التي بقيت حتى الساعة في مخازنها، وسيكون التصعيد العسكري بمثابة وصفة للمزيد من سفك الدماء بدلاً من أن يؤدي إلى بداية حوار.
وما تريده المعارضة يتعدّى السلاح، فما تأمله فعلاً هو تدخّل عسكري غربي على نسق النموذج الليبي. إلا أن تدخلاً من هذا القبيل لا يبدو محتملاً، فستستعمل روسيا حق الفيتو ضد أي قرار يتيح استعمال القوة يصدر عن مجلس الأمن الدولي. وفي مطلق الأحوال، لا تريد أي قوة غربية الانجرار إلى الصراع السوري، والجميع سعيد بالاختباء خلف الفيتو الروسي.
ومن خلال تسليح الثوار، تواجه القوى الغربية وحلفاؤها خطر تقويض جهود الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، الرامية إلى وضع حد لسفك الدماء وإرساء أسس التفاوض، بالطريقة ذاتها التي قُوِّضَت فيها جهود سلفه كوفي أنان. والجدير ذكره أن الكلام عن وقف إطلاق النار وانتقال السلطة الذي يتم التفاوض عليه في ظل تسليح الثوار، لن يكون إلا ضمانة لاستمرار القتال.
وتفيد مصادر ديبلوماسية عربية أن الإبراهيمي وضع مسوّدة لخارطة طريق جديدة للسلام، ومن المتوقّع أن يقدّمها إلى مجلس الأمن ودول المنطقة في الأيام المقبلة. ويقال إن خطته تدعو إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم شخصيات معارِضة وموالية للنظام على حد سواء، وتقوم مهمتها على إجراء انتخابات حرّة وعادلة بإشراف دولي.
ووفقاً لهذه المصادر، أبقى الإبراهيمي مسألة مصير الأسد المثيرة للجدل مفتوحة. وترفض المعارضة البحث في محادثات ما دام الأسد باقياً في السلطة، في حين أن مؤيدي النظام على الصعيد المحلي والدولي يرون أنه من الضروري أن يكون جزءاً من العملية الانتقالية. ويبدو أن الإبراهيمي يفكر، شأنه شأن كوفي أنان، أن العملية يجب أن تكون «بقيادة سورية»، ما يعني أن الأسد يجب أن يشارك فيها.
إلا أن مهمة الإبراهيمي تكاد تكون مستحيلة، حيث إنّ أيّاً من النظام أو المعارضة لا يُظهر أي بوادر استعداد للتوصل إلى اتفاق. وتعلن معظم الفئات المعارضة –والمجموعات المقاتلة بالتأكيد– أنها ستواصل القتال إلى أن تتم الإطاحة ببشار الأسد، ومن الواضح أن الأخير يأمل بدوره في القضاء عليها. ويرى كلّ من الطرفين أنه يجدر أولاً تغيير ميزان القوى لمصلحته قبل أن تصبح المفاوضات ممكنة. وفي مطلق الأحوال، سبق أن هُدِرت دماء كثيرة، ونشأ قدر كبير من الكراهية، ولا مجال حالياً للتفكير بطريقة منطقية، كما أنه لا يوجد استعداد عند أحد لتقديم أي تنازلات.
غير أن مظلّة الائتلاف الوطني تشكّل تحسناً ملحوظاً بالمقارنة مع المجلس الوطني السوري الذي كان مقره في تركيا، والذي تم استبدال الائتلاف به وضمه إليه، فهو أكثر تمثيلاً لمختلف فئات المعارضة، علماً أن رئيس الائتلاف معاذ الخطيب لديه أمور كثيرة تصب في مصلحته الشخصية، فهو دمشقي (شأنه شأن الصناعي رياض سيف، أحد نائبي الرئيس)، كما أنه مسلم معتدل، يتقبله عدد كبير من المسيحيين، وقسم لا بأس به من الغالبية الصامتة. حتى إن بعض الموالين للنظام قد يُظهرون استعدادهم للاصطفاف خلفه. والأهم أنه عاش وعمل في سورية طوال حياته، ويعرف مختلف الفئات التي يتشكل منها الفسيفساء السوري. وهو لم يرحل عن وطنه الأم إلا مؤخراً، بعكس بعض أعضاء المجلس الوطني الذين عاشوا في المنفى طوال عقود. إلا أن الخطيب ليس رجلاً سياسياً، بل هو رجل مثقف وأكاديمي، ومن المحتمل أن تكون الآمال مبالغاً فيها بالنسبة إلى ما يمكنه تحقيقه.
وتجدر الإشارة إلى أن الشوائب كثيرة في الائتلاف الذي يترأسه. فهو لا يمثّل أقليات كثيرة في سورية، ولم تقبل أي مجموعة كردية الانضمام إليه. ولا شك كذلك في أن العلويين غائبون منه. علاوة على ذلك، ستجد مجموعة المنفيين المدنيين هذه صعوبات في فرض مشيئتها على المقاتلين داخل البلاد الذين يتجاهلوها، معتبرين أنها صُنعت في الخارج. ومن الملحوظ أن المجموعات الجهادية تحديداً –التي تكتسب قوة متزايدة وترتبط في بعض الحالات بتنظيم «القاعدة»– تكره المعارضة المدنية في الخارج. وترفض التعاطي مع أي طرف لا يكون «جهادياً». وهدفها هو إقامة دولة إسلامية بقوة السلاح. وسبق أن تكوّنت خليّتها في الجزء الذي يسيطر عليه المتمردون في حلب.
ومن الضروري أيضاً أن يواجه معاذ الخطيب الواقع الذي يفيد بأن الدول التي اختارت الاعتراف بائتلافه بحد ذاتها بعيدة كل البعد من توحيد صفوفها. ويبدو أن كل دولة تدعم فئة معينة ذات أجندة مختلفة. وقد تحوّلت سورية إلى ساحة لصراعات القوات الأجنبية.
ومن السهل توقع النتيجة المحتملة للسياسة الغربية الراهنة. ويبدو أنها مستعدة لقيادة عملية تصعيد عسكري ستؤدي إلى ارتفاع أعداد القتلى عند الطرفين، وزيادة الأضرار المادية والانقسامات الطائفية والكراهية ومستويات تسلّح كلّ فئة لحماية نفسها. والأكثر خطورةً هو أن التصعيد العسكري سيقسم البلاد أكثر مما هو حاصل في الوقت الحالي. وسيحارب كل طرف للدفاع عن المناطق الواقعة تحت سيطرته، ومن المرجح أن يكون القتال في الأشهر المقبلة دامياً.
ويُعتبر دور سورية الإقليمي على رأس ضحايا الصراع القائم، فقد كانت سورية تلعب دوراً محورياً في السياسة العربية منذ الحرب العالمية الثانية، بالتعاون في أوقات مختلفة مع العراق ومصر والمملكة العربية السعودية ومؤخراً تركيا. وكان شعار المرحلة انه لا حرب ممكنة من دون مصر ولا سلام ممكن من دون سورية. وهي اعتُبرت حجر الزاوية في مجال مقاومة إسرائيل منذ إنشاء الدولة اليهودية – وهو دور استمرت بتأديته في العقود الماضية في سياق ما سمّي ب «محور الممانعة» بالتعاون مع إيران وحزب المقاومة اللبناني الشيعي «حزب الله». ومع انهيار سورية، من المحتمل أن يظهر توزيع إقليمي جديد للنفوذ، من المتوقع أن يلعب فيه الإسلاميون بمختلف فئاتهم الدور الأكبر.
وفي هذا الصدد، قالت لي شخصية عربية نافذة هذا الأسبوع «إن سورية التي كنا نعرفها انتهت».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.