أعتقد أنني أصبت بضربة شمس بين جدّة وجنوب فرنسا، ما جعلني أهذي وأفكر أفكاراً فلسفية، من نوع «أنا أفكر إذاً أنا موجود». حسناً «المسيو» ديكارت سبقني الى العبارة هذه، غير أنني تحت وهج الشمس والحسان على الريفييرا الفرنسية طلعت بتعديل مهم للفكرة هو: أنا لا أفكر إذاً أنا غير موجود. أو ربما أقول: أنا أشك لذلك ربما كنت موجوداً. على سيرة التعديل، هناك نائب كويتي سمع عن قانون الجاذبية فقدم فوراً مشروع قانون لتعديله. السعودي يعتقد أن من حقّه قيادة حركة حقوق المرأة في بلاده. الفلسطيني يعمل بأخيه ما يتهم اسرائيل بعمله ضدهما. كلنا في الهمّ شرق، غير أنني في الغرب وقد حملت معي شمس الظهيرة من جدة، ما أدى الى تشابك الأمور في عقلي، فأنا أذكر المثل القديم «من يعش بالسيف، يمت بالسيف»، وهو يجب أن يعدّل ليتفق مع الحياة العصرية، فنقول «من يعش بالسيف يمت برصاص واحد يحمل مسدساً». هل يمثل التعديل حال العرب، ونحن نفكر بالسيف أمام ناس يفكرون بالقنابل العنقودية؟ أقول للقارئ: لا تفكر، فكل الأفكار المهمة هناك مَن سبقك اليها، وإذا كان عنترة الفوارس قال «هل غادر الشعراء من متردم...» فماذا يمكن أن نقول اليوم ما لم يقله الأقدمون واللاحقون. بل ربما قلت للقارئ: لا تعمل، فكل عمل جيد سبقك اليه السابقون. إذا لم يوافق القارئ على ما سبق فربما يتفق معي وأنا أقول: انسَ قضية الشرق الأوسط لأنك لن تحلها، وعندما يتحول ضوء المرور الى أخضر انطلق بسيارتك واترك خريطة الطريق لأهلها. ما دمنا في الطريق فكلنا يعرف أن الناس في السيارات يسببون حوادث. غير أن تعديل ذلك هو أن الحوادث (في المقعد الخلفي) للسيارة تسبب الناس. ربما كان فكري مشوشاً بفعل الشمس، وقد عانيت من مثل هذا الوضع في السابق وكتبت عنه صيفاً، إلا أن ذاكرتي باقية والتالي أقله مني وأكثره مما سمعت ووعيت: - حسّن ذاكرتك. سلّف أصدقاءك فلوساً. - إذا قلت الحقيقة دائماً لا تحتاج الى ذاكرة حسنة. - لماذا لا يوجد فهرس للقاموس؟ - لماذا لا يخترعون منشفة مقاومة للماء؟ - هل يوجد كتاب لتعليم القراءة؟ - إذا لم تنجح من أول مرة لا تحاول القفز بالمظلة (البراشوت) من طائرة مرة ثانية. - كل ما ألبس من ثياب صوفية ينكمش في المطر. لماذا لا ينكمش الخروف في المطر؟ - خذ قرارات تستطيع تنفيذها من نوع: سأزيد وزني عشرة كيلوغرامات، أو سأواصل التدخين. - السخف أي رأي لا يتفق مع رأيك. - الاعلانات في الصحف كاذبة، وهي أصدق ما في الجريدة لأن هذه تنقل الأخبار عن كذابين. - هل فكرت في أن ما يقول الجيران عنّا صحيح؟ بكلام آخر: هل فكرت أننا نستحق سمعتنا؟ - الحكي رخيص إلا إذا استعملت محامياً. - العلاج بالصدمة أن ترى فاتورة الطبيب. - أمس حلمت بأنني نائم. أتوقف هنا لأقول إنني أحاول أن أهاذر القارئ، وإذا انتزعت منه بسمة أو اثنتين فهذا أفضل من رأيي ورأيه في الحل السلمي، خصوصاً أن لا حل هناك. وأكتب من موناكو حيث تذهب البنات بحثاً عن أزواج، ويذهب الأزواج بحثاً عن بنات. وأختتم بقضية فلسفية كما بدأت، ففي الرسوم والصور في الغرب، وفي أفلام هوليوود يبدو سيدنا آدم وستنا حواء في منتهى الجمال، فمن أين أتى الناس البشعون؟ قلت في ذلك زجلاً: سؤال حيرني من سنين/ الناس البشعين من فين في الصور سيدنا آدم/ شاب وأحلى من الحلوين والست حوا أجمل منّو/ مع طول وعينين ملونين اليوم الأم أقبح من ابنها/ والأب أقبح من الاثنين يمكن حِبلت بالعتمة/ لجابت أولاد بشعين. الشمس في كبد السماء، أو هي في نافوخي.