انشق خمسة من جنود الجيش السوري كانوا يعملون في قاعدة الشيخ سليمان التي تعتبر آخر ثكنة هامة في غرب حلب (شمال غرب) لقوات النظام. وعلت محيا كل واحد من هؤلاء الشبان ابتسامة ارتياب لا تكاد تصدق ما حصل لهم. وكان مقاتلو المعارضة ضربوا لهم موعداً فجراً عند أحد المواقع المتقدمة للقاعدة على طول المنطقة العازلة التي تفصل المتحاربين. وروى أبو زمزم قائد «كتيبة آل البيت» إحدى كتائب المقاتلين التي تحاصر القاعدة: «اتصلنا بمجموعة من الجنود داخل القاعدة... ولأننا فقدنا الكثير من الرجال في السابق في فخاخ مماثلة فقد كان يتعين تأمين المنطقة تأميناً تاماً». وأضاف: «في الموعد المحدد ركضوا باتجاهنا لمسافة نحو كيلومتر رافعين أياديهم إلى الأعلى وبأسلحتهم التي استحوذنا عليها». وبعد ساعات قليلة من استسلامهم جلس خمستهم القرفصاء لتناول وجبة طعام في منزل قائد الكتيبة الذي يقع على مرمى حجر من خط الجبهة، وسط نظرات فضول لعشرة م. وبعد أن استحموا نزعوا زيهم العسكري ليرتدوا بدلات رياضية رخيصة. وفي الصباح قرر قيادي آخر يقوم أيضاً بدور القاضي الشرعي هو الشيخ توفيق مصيرهم في بلدة قبطان الجبل المجاورة. وقرر أنهم أحرار ويمكنهم العودة إلى منازلهم. ولا أحد من الحضور يمكنه الاحتجاج على القرار. وعلى رغم الأجواء الجيدة إجمالاً فإن بعض النظرات الحادة خصوصاً من مقاتل أوزبكي، عكست غضب البعض. وقال أحد المنشقين: «كانت مجموعتنا المكونة من ثلاثين رجلاً مكلفة بالأمن على قسم من القاعدة». وأضاف الشاب الذي طلب عدم كشف هويته: «كنا مقطوعين تماماً عن العالم لا تلفزيون ولا إذاعة. وتمت مصادرة شرائح هواتفنا وبطارياتها منذ بدء المعارك». وتابع: «كان الضباط العلويون يبقوننا عمداً في عزلة تامة. ولمنع حالات الانشقاق أو حتى التفكير في الاستسلام، يقولون إن المتمردين يذبحون كل منشق». ومضى يقول وسط نظرات غير مقتنعة من مستضيفيه: «لم نكن نعرف أن النظام قتل كل هذا العدد من الناس في الأشهر الأخيرة وأنه يقصف المدنيين». وعلى بعد 25 كلم شمال غربي حلب تقصف قاعدة الشيخ سليمان الضخمة يومياً تقريباً بالمدفعية الثقيلة المدن والقرى المجاورة في منطقة يحظى فيها الثوار بتعاطف واسع. وبحسب الشاب المنشق وهو جندي بسيط بداً «منذ 13 شهراً» يتولى الحراسة في أحد مواقع القاعدة، فإن معنويات القوات النظامية داخل القاعدة «متدنية جداً». وقال إنه طوال فترة خدمته «لم أتحدث إلى أسرتي ولم أغادر القطاع». وأضاف أن الوضع «سيء جداً في القاعدة» التي تؤوي «الكثير من الأسلحة» غير أنه قال إنه لا يمكنه إحصاؤها حيث أنه ليس مسموحاً له الوصول إلى قلب القاعدة التي يقودها اللواء خليل عطري. وتابع: «في قطاعي كان لدينا خمسة مدافع قمنا بتخريبها بطلب من المتمردين قبل فرارنا». وأشار إلى أنه «حدثت العديد من حالات الانشقاق في المعسكر نحو 15 في وحدتي منذ عام. وذات يوم قررنا نحن أيضاً أن ننشق». وروى: «تمكنا من إخفاء شريحة هاتف... وأمن لنا جندي علوي بطارية. وحصل قريب من حلب على رقم هاتف أبو زمزم فاتصلنا به». وفجأة دخل مقاتلان أحدهما فقد ذراعه إلى الغرفة، وخاطب أحدهما الشاب بلهجة حادة محاولاً جلبه معه: «تعال هنا أنت لدي أسئلة أريد طرحها عليك». وتدخل أبو زمزم على الفور قائلاً: «إنهم في منزلي ولا أحد يمكنه المساس بهم. لقد قرر الشيخ توفيق أنهم أحرار. سأقتادهم أحراراً حتى منازلهم».