رغم الضغوط والتهديدات الأميركية والإسرائيلية على السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس (أبو مازن) لإجباره على التخلي عن التوجه الى الأممالمتحدة بطلب رفع مكانة فلسطين إلى دولة مراقبة، إلا أن ما دار في اللقاءات الأميركية الأخيرة مع كل من رام الله وإسرائيل كشف أن الإدارة الأميركية ما زالت تراهن على الرئيس الفلسطيني. هذا ما كشفته صحيفة «هآرتس» العبرية أمس عندما أشارت إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون حذرت خلال لقائها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو ووزيري الدفاع والخارجية إيهود باراك وأفيغدور ليبرمان الأربعاء الماضي في القدسالمحتلة، من «الأبعاد الخطيرة» لخطوات عقابية شديدة تهدد إسرائيل باتخاذها ضد السلطة في حال توجهها الى الأممالمتحدة الأسبوع المقبل، مشيرةً إلى أن إجراءات مثل إلغاء اتفاقات اوسلو أو تجميد العائدات الضريبية المستحقة للسلطة «لن تصب في مصلحة إسرائيل»، بل من شأنها أن تؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية. وكانت إسرائيل قبل الحرب الأخيرة على غزة هددت السلطة بالاقتصاص منها في حال توجهت بطلبها الى الاممالمتحدة. وشن ليبرمان هجوماً سافراً على الرئيس عباس وتوعد بإسقاطه عن قيادة السلطة، آملاً من هذا التهديد بردع عباس والسلطة من التوجه إلى المنظمة الدولية. وأكثر ما تخشاه إسرائيل التي تتوقع تأييد 150 دولة على الأقل للطلب الفلسطيني، هو أن يستغل الفلسطينيون مكانتهم الجديدة للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي والتقدم بشكاوى ضد مسؤولين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، خصوصاً في قضية الاستيطان. إذ يعتبر القانون الدولي نقل سكان دولة احتلال للإقامة في أرض محتلة جريمة حرب. وأفادت «هآرتس» أن كلينتون توجهت بتحذيرها لإسرائيل بعد لقائها عباس في رام الله الذي أوضح لها، ولاحقاً للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أن لا رجعة عن قراره التوجه الى الأممالمتحدة، وأن «القطار غادر المحطة»، مضيفاً أنه في حال عاقبت إسرائيل الفلسطينيين «فإنني سأدعو نتانياهو إلى المقاطعة، وأنصرف إلى بيتي». وكانت كلينتون حذرت عباس في هذا اللقاء من أنه سيقضي على نفسه سياسياً إن ذهب الى الاممالمتحدة، كما هدده الكونغرس بوقف المساعدات المالية الاميركية للسلطة. وتابعت «هآرتس» أن كلينتون أوضحت لقادة اسرائيل أن المطلوب هو الاهتمام بكيفية مساعدة عباس «في هذه الفترة، خصوصاً بعد العملية العسكرية ضد قطاع غزة التي عززت شعبية حماس في الشارع الفلسطيني». ونقلت الصحيفة عن موظفيْن إسرائيلييْن كبيرين ومسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية اطلعوا على مضمون اجتماعات كلينتون، قولهم إن الأخيرة أكدت لإسرائيل وجوب عدم «كسر الأواني» مع السلطة والتصرف بحكمة في اليوم التالي للتصويت في الأممالمتحدة. وقال المسؤول الأميركي للصحيفة: «نعتقد بأنه ينبغي محاولة تقليص الأضرار المحتملة الناجمة عن الخطوة الفلسطينية قدر الإمكان لإدراكنا أن خطوات متطرفة لن تساعد، بل ستعقّد الوضع».