حذر مختصون أمنيون من عودة موجة الاغتيالات في السعودية، التي تنفذها عناصر إرهابية، مرتبطة ب «داعش» أو تنظيم «القاعدة» الأم. وتأتي هذه التحذيرات في أعقاب رصد عمليات حشد إلكتروني لاستهداف ضباط أمن، تزايدت الفترة الماضية. وأكد المختصون على ضرورة التعامل مع هذه الدعوات ب «جدية تامة»، وبخاصة أن التنظيمات الإرهابية في السعودية تملك سجلاً حافلاً بالاغتيالات ومحاولات الاستهداف الشخصي. فيما كشفت وزارة الداخلية السعودية، على لسان المتحدث الأمني فيها اللواء منصور التركي، عن أن الخلايا العشر التي أعلنت الوزارة عن ضبطها قبل أيام كانت تخطط لتنفيذ «عمليات اغتيال شخصيات نافذة وضرب مصالح حيوية». وأوضح التركي، أن «بعض الخلايا كانت تنتظر شيئاً من الدعم، بيد أن بعضها لم تتوافر لديها الإمكانات الكافية للقيام بأعمال إرهابية، فوجدوا أن الأسهل أمامهم هو الاغتيال، الذي لا يتطلب سوى سلاح فردي أو أي حزام ناسف». ووجه مغردون محسوبون على تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، تهديدات لرجال أمن سعوديين، مرفقين صوراً شخصية لهم، وبعض المعلومات الخاصة عن موقع سكنهم أو وجودهم الدائم. كما شملت بعض التغريدات تحريضاً على قتلهم والاعتداء عليهم، وذلك بعد أن تولى بعضهم التحقيق مع زملائهم في التنظيم. ودعا الخبير الأمني المختص في شؤون «القاعدة» فارس بن حزام، إلى أخذ تلك التهديدات ب «جدية»، مشيراً إلى تاريخ الجماعات الإرهابية في استهداف رجال الأمن. وقال ل «الحياة»: «إن تلك التهديدات جدية، إما بقيام المجموعة التي يتبع لها صاحب الحساب بتنفيذ التهديد أو بتحريض آخرين على ذلك». وأضاف ابن حزام: «إن «القاعدة» ليس بعيداً عن هذه الأفعال. ففي العقد الماضي، وعندما كان التنظيم في ذروة نشاطه، استهدف عدداً من ضباط المباحث العامة. فاغتال العميد ناصر العثمان في بريدة، والمقدم مبارك السواط أمام منزله في مكةالمكرمة. فيما نجا أحد كبار الضباط حينها (المدير العام للمباحث العامة اليوم) من موت محقق بعد هجوم مسلح على سيارته. وكذلك نجا ثلاثة ضباط آخرين، حاول أفراد التنظيم تفخيخ مركباتهم»، لافتاً إلى أن هذه «سلسلة سريعة من عمليات التنظيم آنذاك، تعززها حملة كراهية منظمة يقودها أنصاره إلكترونياً». وأكد الخبير الأمني أنه «في حالات كثيرة يكون المهاجمون على علاقة ما بالضابط الضحية، إما من طريق صلة قرابة أو ارتباط جغرافي في سكن الحي أو المدينة ذاتها»، موضحاً أن «ضباط المباحث مواطنون يعيشون مع الناس وينتقلون معهم ويحضرون مناسباتهم. والمجتمع السعودي مترابط ومتصل في شكل عام، لذا يسهل الوصول إلى ضباط المباحث، بخلاف مجتمعات أخرى، ينعزل فيها رجال الأمن»، لافتاً إلى أن الانعزال «عامل مساعد في حماية ضابط الأمن، إلا أنه غير مجدٍ على صعيد حماية أمن البلاد». بدوره، أكد الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية حمود الزيادي ل «الحياة»، «عدم إمكان تجاهل أي تهديد يصدر من التنظيمات الإرهابية تجاه أي فرد، أو أية جهة أو دولة»، مبرراً ذلك بأن «سلاح التنظيمات العنف وبضاعتها الإجرام». وقال: «بصرف النظر عن قدرتها على تحقيق هذا التهديد أو ذاك، إلا أنه من المهم أخذ تلك التهديدات بجدية وتنفيذ الإجراءات الاحترازية الأمنية». وأوضح الزيادي أن «التهديدات التي تبثها التنظيمات الإرهابية ك «داعش» و»القاعدة» والتحريض على رجال الأمن السعوديين، والتركيز على قطاع المباحث، والحملات المستمرة في هذا الإطار ذات أهداف متعددة. فهي جزء من حرب نفسية تخوضها تلك التنظيمات في مواجهة أهم جهاز أمني في المنطقة، استطاع التصدي لهم ولمخططاتهم، سواءً في حماية الداخل السعودي، أو حتى تمرير معلومات مهمة حالت دون وقوع حوادث إرهابية كادت تستهدف دولاً عدة، منها الولاياتالمتحدة، على مدار الأعوام الماضية، وذلك من منطلقات أخلاقية ومبدئية من دولة رصينة تشعر بمسؤولية تجاه الأمن العالمي». وذكر أن التهديدات الأخيرة التي تتم عبر «هاشتاقات» في «تويتر» تحديداً، ونشر أسماء بعض ضباط الأمن وأفراده ومواقع سكناهم، بهدف «بث تحريض مجاني، علّ أحداً لديه ميول إجرامية إرهابية، سواءً أكان على صلة بهذه التنظيمات بطريقة مباشرة أم غير مباشرة، أو أنه مجرد متعاطف مع أفكارهم، يلتقط هذا التهديد أو ذاك، لتنفيذ ولو عملية فردية واحدة، يحيلونها إلى انتصار واختراق أمني يباهون به إعلامياً. وبالتالي يسجلون المزيد من الاستقطاب والتجنيد لهذه التنظيمات الإرهابية تحت نشوة انتصارات موهومة». واعتبر الباحث الزيادي الاستمرار في مثل هذه الدعوات والتركيز عليها «جزءاً من إبقاء الحالة «التعبوية» لهذه التنظيمات وأتباعها ضد الأمن السعودي، لترسيخ الحال العدائية في وجدان أتباع التنظيمات والمتعاطفين معها، وكذا محاولة كسب وضم ما يسمى في اللغة الإنكليزية Fence» Sitters»، وهم الأشخاص الذين لم يحسموا مواقفهم بعد، مع أو ضد هذه التنظيمات، ويبدون محايدين، وهؤلاء يمثلون شرائح واسعة في المجتمعات كافة، ومن الخطورة تركهم في المنطقة الرمادية، لأن استقطاب جزء منهم للجماعات الإرهابية محتمل حدوثه في أية لحظة». «القاعدة» يملك سجلاً حافلاً ب «الاغتيالات» ... أشهرها استهدفت محمد بن نايف يملك فرع تنظيم «القاعدة» في السعودية سجلاً حافلاً بعمليات الاغتيال والاستهداف الشخصي، التي نفذها أو حاول تنفيذها على مدار الأعوام العشرة الماضية، سواء لمسؤولين سعوديين أم بعض رجال الأمن والمباحث، أو الأجانب وتحديداً المنتمين لجنسيات غربية من العاملين في المملكة. ومن أشهر محاولات التنظيم الفاشلة، اغتيال مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية حينها الأمير محمد بن نايف، في رمضان 1430 (2009) في قصره بجدة، من طريق عنصر «القاعدة» عبدالله عسيري، الذي ادعى أنه «تائب» وعائد من التنظيم، فقابله الأمير بناء على إلحاحه، بهدف معرفة أحوال العناصر السعوديين في التنظيم، وبخاصة النساء الموجودات مع فرع «القاعدة» في اليمن، لمساعدتهن وانتشالهن من قبضة التنظيم الإرهابي. وكان العسيري يخفي مواداً متفجرة، زُرعت في مناطق «حساسة» من جسده، ثم فجّر نفسه في مجلس الأمير محمد بن نايف، فتقطع جسده، ونجا الأمير. كما استهدف «القاعدة» عدداً من كبار ضباط الأمن بمحاولات اغتيال فردية، أصيب من خلالها أحد كبار ضباط الأمن في الرياض. فيما قتل المقدم مبارك السواط في مكةالمكرمة، وفشلت عدة عمليات أخرى نتيجة «اليقظة الأمنية». فيما جرى اغتيال عدد من الغربيين، أبرزهم الأميركي بول جونسون، الذي خطفه منتمون إلى «القاعدة»، بعد أن وضعوا نقطة ضبط أمنية وهمية، في طريق عودته إلى مسكنه، من مقر عمله في الرياض، ثم حقنوه بإبرة مخدرة، واقتادوه إلى مكان مجهول. وحاولوا ابتزاز السلطات الأمنية السعودية. وحينما لم يتم الخضوع لهم، حزوا رأسه، وبثوا ذلك عبر بيان على شبكة الإنترنت، أذاعه قائد فرع «القاعدة» في السعودية آنذاك عبدالعزيز المقرن، الذي استطاع الأمن أن يلاحقه إثر ذلك هو وخليته. وتم القضاء عليهم صيف 2004. كما شهدت مدينة الرياض خلال تلك الفترة اغتيال مواطنين أميركيين اثنين، أحدهما في حي الملز، والآخر في حي الخليج. وكذلك مواطن ألماني في حي الحمراء. وآخر أرلندي في حي الروضة. وتعرض المراسل الأمني الشهير لقناة BBC فرانك غاردنر، هو وزميله المصور سايمون كمبرز مطلع حزيران (يونيو) 2004، لمحاولة اغتيال في حي السويدي، حين كانا في زيارة للمملكة لإنتاج تقارير تلفزيونية عن الإرهاب، فتم رصدهما من خلية يقودها الإرهابي عبدالعزيز المقرن، وتعرضا لوابل من الرصاص. وتوفى كمبرز في مسرح الحادثة. بينما نجا غاردنر بأعجوبة، بعد خضوعه لجراحات دقيقة في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، لكنه أصيب بالشلل التام في الجزء السفلي من جسمه بسبب الطلقات التي تعرض لها. وكان عبدالعزيز المقرن تبنى إصدار نشرة إلكترونية تحت اسم «معسكر البتار». تضمنت تحريضاً على القيام بعمليات اغتيال، وكيفية تنفيذها ضد رجال الأمن السعوديين والمواطنين الغربيين العاملين في المملكة، وذلك قبل وقوع حوادث الاغتيال تلك. مقتل 3 سعوديين في عمليات انتحارية ل «داعش» أبو جندل الجزراوي، وأبو عقاب الجزراوي، وأبو البراء الجزراوي، هم آخر الانتحاريين السعوديين، الذين أقدموا على تفجير أنفسهم في العراق تحت الراية السوداء ل «داعش». واكتفى التنظيم بذكر ألقابهم من دون أسمائهم في النعي الذي أصدره مُمثل مكتب «ولاية صلاح الدين»، كما أسموها. وقضى المقاتلون السعوديون الثلاثة خلال اليومين الماضيين، في عمليات انتحارية متفرقة وقعت في العراق، وتحديداً في صلاح الدين (تكريت)، وهي إحدى المحافظاتالعراقية الواقعة شمال بغداد. وفجّر أبو جندل نفسه الاثنين الماضي، بسيارة من نوع «همر» مفخخة بطنٍ من المواد المتفجرة، مستهدفا تجمعاً لمقاتلي صحوات عشيرة الجبور والجيش العراقي في مديرية الضلوعية، الواقعة في منطقة الجبور. وأدت هذه العملية إلى مقتل 10 من أفراد الجيش العراقي، وإصابة 40 بإصابات «بليغة». ومهد أبو عقاب الجزراوي، سيطرة تنظيم «داعش» على ثلاثة مراكز للجيش العراقي. إذ قاد أبو عقاب مركبة مفخخة، استهدفت ثلاثة مراكز يتحصّن فيها أفراد من الجيش العراقي في منطقة الجبور، أقصى جنوب ناحية الضلوعية، ما أدى إلى تدمير المراكز الثلاثة، ومقتل العشرات منهم، وسيطرة التنظيم على المراكز. كما فجّر أبو البراء الجزراوي نفسه داخل شاحنة مدرعةٍ، مفخخة بخمسة أطنان من المواد شديدة الانفجار، مستهدفاً تجمعاً لمبانٍ يتمركز فيها العشرات من أفراد الجيش العراقي والقناصة في منطقة المحزم (تكريت) قرب قرية حمادي شهاب القريبة من قاعدة «سبايكر» العسكرية»، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من أفراد الجيش العراقي.