«عمارة المسجد الأقصى»، هو اسم الكتاب الذي صدر أخيراً عن دار «نون» للنشر والتوزيع في القاهرة. وهو كتاب مترجم عن الإنكليزية لأحد أهم التقارير المعمارية المتعلقة بعمارة المسجد الأقصى وضعه ر.و. هاميلتون مدير الآثار الفلسطينية فترة الإنتداب البريطانى على فلسطين. والكتاب - بحسب مترجمه الباحث المصري حامد عثمان خضر - يُعد وثيقة تفصيلية تعبر عن هيئة المسجد الأقصى المعمارية وأبعاده التاريخية وهي تفاصيل لم يسبق تجميعها ضمن ملف واحد ولم يصدر بعدها أي مؤلف شامل في موضوعها . ويستمد التقرير أهميته من أنه طُبع لحساب الحكومة الفلسطينية في العام 1949 وهو العام الفارق في تاريخ الدولة الفلسطينية، ومن أن معده واحد من علماء الآثار والتاريخ الأجانب الذين عملوا في فلسطين منذ ثلاثينات القرن الماضي كمدير لإدارة الآثار، وأن ذلك التقرير العلمي أصبح مرجعاً أساسياً لكل من تصدى لعمارة المسجد الأقصى في الآونة الأخيرة، إضافة الى أن التقرير المترجم لم يطبع منه في لندن في لغته الأصلي سوى خمسين نسخة لم تطرح للتداول، بل تم تخصيصها كإهداء لملوك ورؤساء وحكومات الدول العربية. وإلى جانب العرض العلمي التفصيلي الدقيق لعمارة المسجد الأقصى، فإن ذلك المجلد يحتوي على تسع وسبعين لوحة مصورة من بينها منظور المستويات الأفقية والرأسية للمسجد، إضافة إلى ثمانية وأربعين شكلاً توضيحياً للكثير من التفاصيل الفنية، ما يوفر مرجعاً شاملاً لكل المهتمين بعمارة المسجد الأقصى من المتخصصين وغير المتخصصين. كما يثبت هاميلتون في المقدمة أن إعداد التقرير تم بناء على تكليف المجلس الإسلامي الأعلى في فلسطين، وينص كتابة على أن هذا المجلس هو السلطة المسؤولة عن إدارة الأماكن المقدسة الإسلامية في فلسطين، ويقر أيضا بدور الأثريين الفلسطينيين والأثريين من الدول العربية والإسلامية الأخرى في ما تضمنه التقرير من معلومات. غير أن الباحث حامد عثمان يلفت الإنتباه إلى عدد من النقاط التى يصفها بالمغالطات التى وردت في تقرير هاميلتون كوصفه « لما أحدثه الصليبيون في مبنى المسجد الأقصى في فترة إحتلالهم للقدس على أنها أعمال تجديدات أو إصلاحات أو ترميمات متجاهلاً بذلك الوقائع التاريخية التي وردت في كتابات المؤرخين الأجانب قبل المؤرخين العرب والتي أوضحت أن هذه الأعمال كانت لخدمة الأغراض العسكرية ليس إلا». كما يشير المترجم أيضا إلى تجاهل هاميلتون الكثير من الإصلاحات والترميمات التي تمت في عهد سلاطين المماليك في المسجد الأقصى، وأيضاً ما قام به العديد من سلاطين الدولة العثمانية. كما يلفت المترجم في مقدمته للكتاب إلى ذلك الخلط الحادث لدى البعض بين صورة مسجد قبة الصخرة وهيئة المسجد الأقصى كما هي عليه، حتى أن بعض من يتحدثون في وسائل الإعلام يخلط في حديثه بين وصف المسجدين وهو من الأمور الخطيرة في رأيه التى من شأنها أن ترسخ لصورة ذهنية خاطئة لدى الشعوب العربية والإسلامية لشكل المسجد الأقصى كما هو عليه في الواقع.